Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jan-2019

توقعات مرکز ”ستراتفور“ للعام 2019 :1 (الاتجاهات العالمیة)

 

ترجمة: علاء الدین أبو زینة
الغد- في عالم الیوم، تصبح الدول أكثر ترابطاً باطراد عن طریق الجو والبر والبحر والفضاء السیبراني. وبینما جلبت العولمة البلدان والقارات أقرب إلى بعضھا بعضا، أصبحت حدود الخرائط وحواجز الجغرافیا بالیة عفا علیھا الزمن ببعض الطرق. الآن، أصبح من الأسھل أن تكون للأحداث في إحدى المناطق تداعیات في مناطق أخرى -بل إن التداعیات قد تظھر أحیاناً في جمیع أنحاء العالم. وفیما یلي، یستكشف مركز التنبؤات الاستراتیجیة (ستراتفور) تلك الأحداث التي لھا أكبر الأثر على اتخاذ القرارات الدولیة خلال العام الجدید:
أبرز الاتجاھات:
• سوف تؤدي منافسة القوى العظمى بین الولایات المتحدة والصین وروسیا إلى سباق تسلح متصاعد ومنافسة متزایدة في الفضاء السیبراني. وسوف تكون الحوكمة العالمیة بشأن ھذه التھدیدات المتصاعدة غامضة بینما تتعمق الانقسامات في النظام الدولي.
ّ • حتى بینما تصعد الولایات المتحدة ھجوماً استراتیجیاً ضد الصین بالتعریفات الجمركیة الإضافیة والحواجز التنظیمیة والعقوبات وزیادة دعم تایوان والتحدیات البحریة في بحر الصین الجنوبي، فإن بكین ستعتمد على نفوذھا الاقتصادي الكبیر لإضعاف التحالفات الأمیركیة وتقویض فعالیتھا.
• یمكن أن تؤدي مواجھة بین البیت الأبیض ومنظمة التجارة العالمیة إلى دفع عملیة حل النزاعات في الھیئة إلى توقف، لتجبر البلدان على العودة إلى مسار مفاوضات ثنائیة غیر قابل للتنبؤ بنتائجھ لحل خلافاتھا التجاریة.
• بینما تنخفض صادرات إیران النفطیة بسبب العقوبات، من المتوقع أن یرتفع الإنتاج الأمیركي. وبینما یختبر الاقتصاد العالمي خمولاً متزایداً في النمو في العام 2019 ،سوف تبقى السعودیة وروسیا مستجیبتین بقوة لأسواق النفط العالمیة للحیلولة دون حدوث انخفاض حاد في الأسعار. وفي الأثناء، سوف تصبح الأسواق العالمیة للنفط الطبیعي المسال أكثر تنافسیة بینما تحتل الولایات المتحدة مكانھا بین أكبر مصدري الغاز الطبیعي المسال في العام 2019.
* * *
واقع عالمي جدید وغیر مریح
قبل أكثر من عام من الآن، لاحظ مركز ”ستراتفور“ أن المنافسة المتصاعدة بین الولایات المتحدة وروسیا والصین سوف تكون السمة الممیزة للنظام الدولي، خالقة معضلة للقوى المتوسطة العالقة في خضم المنافسة بین القوى العظمى. ولم یستغرق الأمر طویلاً حتى تمكنت الحروب التجاریة، والھجمات السیبرانیة، واستراتیجیات الدفاع المتغیرة وسباقات الأسلحة، من إقناع العالم بأن ھذا ھو الواقع العالمي الجدید غیر المریح.
تبدو المنافسة بین القوى العظمى منذورة للتصاعد فقط في العام 2019 .سوف یضاعف البیت
الأبیض محاولاتھ لإعاقة التقدم الصیني في عدد من المجالات الاستراتیجیة. وسوف تتلقى بكین
بعض الضربات على الطریق، لكن الصین تمتلك الوسائل والحافز أكثر من أي وقت مضى لتسریع جداولھا الزمنیة ومضاعفة جھودھا للوصول إلى التكافؤ مع الولایات المتحدة. وفي حین أنھ لیس ثمة حب مفقود بین الصین وروسیا، فإن احتمال تشكل تحالف أقوى بینھما في العام 2019 سیتغلب على الأرجح على نقاط الاحتكاك في علاقتھما غیر المستقرة.
سوف تسبب ھذه الدینامیة العالمیة الجدیدة صداعاً ھائلاً للقوى المتوسطة والأعمال التجاریة الضعیفة والمكشوفة عالمیاً والتي تحاول الملاحة لشق طریقھا في مشھد یزداد تعقداً باطراد.
سوف یكشف ھذا العام المحددات التي تواجھھا الولایات المتحدة في محاولتھا عزل الصین، من داخل سلاسل الإمداد بالغة التشابك، أو حتى من حلفاء الولایات المتحدة الذین تعتمد علیھم أكثر ما یكون، العالقین بین خیار الاحتفاظ بعلاقة أمنیة محكمة مع الولایات المتحدة وبین الحاجة المتزایدة إلى توسیع علاقاتھم الاقتصادیة مع الصین. وسوف تخلق ھذه الدینامیة العالمیة صداعاً كبیراً للقوى المتوسطة والأعمال التجاریة المكشوفة عالمیاً والتي تحاول شق طریقھا في ھذا المشھد المعقد. وحتى بینما تحاول القوى الأوروبیة الرئیسیة تأكید سیادة الاتحاد الأوروبي على المستوى الدولي لتجنب أن تصبح خسائر جانبیة، فإنھا ستبقى إلى حد كبیر متفاعلة مع المنافسة الأوسع. وبالنسبة لتلك القوى المتواجدة على التخوم، من بولندا إلى تركیا إلى تایوان، فإن مناخاً ُ سوف یترجم في بعض الحالات إلى فرص استراتیجیة، بینما تحاول جیوسیاسیاً أكثر توتراً العمل بسرعة لتأمین تحالفات الأمنیة واستخلاص منافع اقتصادیة خاصة من خاطبي ودھا الأقویاء.
سوف تعید التكنولوجیات التدمیریة والمعاھدات الممزقة تشكیل الترسانات العسكریة في السنوات
المقبلة.
ِّ سوف یؤدي التطور السریع لتقنیة الأسلحة المدمرة، مقروناً بالتدھور الثابت لمعاھدات السیطرة على الأسلحة، بتسریع سباق تسلح عالي المخاطر بین الولایات المتحدة، وروسیا والصین.
وسوف یؤدي انسحاب واشنطن المرجح الوشیك من معاھدة الحد من القوى النوویة متوسطة المدى، ومفاوضات مترنحة حول المعاھدة الجدیدة لخفض الأسلحة الاستراتیجیة، إلى تعمیق الانقسامات في أوروبا، بینما تحاول القوى الغربیة تجنب التورط في بناء الترسانات، وتتطوع الدول الواقعة على الجبھة الأمامیة مع روسیا، مثل بولندا ودول البلطیق، وربما رومانیا، باستضافة أصول عسكریة أمیركیة. وفي الوقت نفسھ، سوف تكون الولایات المتحدة بصدد تحریر نفسھا لبناء ترسانة لا تقھر لتحدي الصین، كل ذلك بینما تتجنب بكین -استراتیجیاً- الدخول في المعاھدات حول الأسلحة وتواصل بناء قوتھا الخاص في غرب المحیط الھادي.
سوف یظھر البعد الأیدیولوجي لمنافسة القوى العظمى بطریقة أكثر مكراً. ومع أن الولایات المتحدة ترتقي إلى تحدي التنافس مع محور صیني-روسي، فإنھا تعتمد على تكتیكات غیر تقلیدیة ومسار أحادي الجانب بشكل عام، والذي یھدد بتنفیر الكثیر من حلفائھا من القوى المتوسطة الذین تحتاجھم إلى جانبھا. ومع انقسام الجبھة الغربیة وتوقف الولایات المتحدة عملیاً عن الدفاع عن -وفي بعض الأحیان محاربة- نظام ما بعد الحرب القائم على القواعد لإدارة النظام العالمي، سوف تجد الصین العدید من الطرق التي یمكن أن تسلكھا بین القوى المتوسطة للتقلیل من تأثیر الھجوم الأمیركي. وبالإضافة إلى ذلك، سوف یعرض الشكل المدفوع تقنیاً من الاستبداد الرقمي، من النوع الذي تسخره الصین لإدارة الشؤون في الوطن والتصدیر إلى الخارج، بدیلاً مقنعاً للقوى ذات المیول الأوتوقراطیة، والتي أصبحت قلقة من ظروف السیاسة اللیبرالیة التي جاءت تقلیدیاً مع الشراكة مع الغرب.
الولایات المتحدة والصین مستعدتان لدخول صاخب في 2019 سوف تتصاعد المنافسة بین الصین والولایات المتحدة عملیاً على كل الجبھات في العام 2019.
ولن یقتصر الأمر على أن الصین ستواجھ ضغطاً اقتصادیاً متصاعداً من التعریفات الجمركیة والحواجز التنظیمة ضد الشركات الصینیة، وإنما ستستخدم الولایات المتحدة العقوبات أیضاً لتشدید الخناق على بكین في القضایا السیاسیة، بما في ذلك الھجمات السیبرانیة وحقوق الإنسان.
(سوف تشكل معاملة بكین للإیغور وجماعات الأقلیة الأخرى، على سبیل المثال، ھدفاً أساسیاً لسیاسة العقوبات الأمیركیة).
على الجبھة الأمنیة، سوف تتحدى الولایات المتحدة الصین بطریقة أكثر حزماً مباشرة في بحر الصین الجنوبي وحول تایوان، مما قد یفضي إلى مزید من المواجھات والمقاربات الخطیرة بین القوات الأمیركیة والصینیة في النقاط البحریة الساخنة. وعلى النقیض من ذلك، سوف تواجھ جھود الولایات المتحدة الاقتصادیة لمواجھة مبادرة الحزام والطریق الصینیة محددات أكبر، بینما تعمل بكین على تعزیز مداخل اقتصادیة وصفقات شراكة مع قوى صغیرة وكبیرة للتخفیف من تأثیر التحالفات الأمیركیة.
على الرغم من فرض تعریفات جمركیة أمیركیة على ما تعادل قیمتھا 250 ملیار دولار من الصادرات الصینیة، ما یزال بوسع البیت الأبیض أن یضرب الصین بجولة أخرى من التعریفات إذا لم یحصل على تنازلات من بكین. في مجال التجارة، سوف یتم عقد ھدنات مؤقتة بین واشنطن وبكین بینما یتفاوض الطرفان على
نوع من إرجاء المواجھة الاقتصادیة، لكن الكلمة الرئیسیة ھي ”موقتة“: فالفجوة بین المطالب الأمیركیة بإجراء إصلاح ھیكلي عمیق في الاقتصاد الصیني وبین حقیقة ما ترغب بكین في عرضھ من دون المساس باستراتیجیتھا الحاسمة للتكنولوجیا الصناعیة والاستقرار في الوطن، ھي ببساطة أعرض من السماح بظھور صفقة أكثر شمولاً ودیمومة بینھما. وقد فرضت الولایات المتحدة مسبقاً تعریفات على ما تعادل قیمتھا 250 ملیار دولار من الواردات الصینیة. وإذا شعر بالإحباط من التنازلات المحدودة التي سیتمكن من انتزاعھا من بكین، ما یزال بوسع البیت الأبیض أن یضرب الصین بجولة أخرى من التعریفات التي تستھدف بقیة الواردات التي تبلغ قیمتھا نحو 267 ملیار دولار.
سوف یتبین أن الضوابط المحتملة على أھداف ”الاستخدام المزدوج“ مدمرة جداً للعدید من الشركات.
سوف یقطع الضغط الأمیركي على الصین أیضاً أشواطاً كبیرة بعد التعریفات. سوف تواجھ شركات التكنولوجیا الأمیركیة المزید من الرقابة التنظیمیة بینما تحاول الولایات المتحدة تقیید الوصول الصیني إلى التقنیات ذات الاستخدام المزدوج والتدقیق على سلسلة التورید الأمیركیة- الصینیة للبحث عن نقاط الضعف المتعلقة بالأمن القومي. وسوف تكون ضوابط التصدیر المحتملة على أھداف ”الاستخدام المزدوج“، من الرقائق عالیة الأداء إلى البحوث العامة في الذكاء الاصطناعي، مدمرة للغایة بالنسبة للكثیر من الشركات. وقد عكفت الولایات المتحدة مسبقاً على إقامة الحواجز أمام الاستثمار والأبحاث الصینیة في القطاعات الاستراتیجیة، لكنھا ستحشد البلدان الأخرى بكثافة -خاصة الیابان، وكندا، والدول الأوروبیة، وأسترالیا، ونیوزیلندا، وكوریا الجنوبیة وتایوان- لتخفیض علاقاتھا مع شركات التقنیة الصینیة الرئیسیة، مثل ھواوي و“زد. تي. إي“، والتي ستصنف على أنھا تشكل تھدیداً للأمن القومي لبلدانھا.
التوقیت ھو المفتاح: سیشھد العام 2019 انطلاقة تقنیة الجیل الخامس الثوریة في الاتصالات في العالم المتقدم.
ّ سوف یجلب العامان المقبلان مستوى مغیراً للعبة من السرعة والاتصال لدعم التقنیات  التحویلیة، مثل ”إنترنت الأشیاء“، والواقع الافتراضي والمعزز، ومعالجة الذكاء الاصطناعي، والمركبات ذاتیة القیادة، والتطبیب عن بعد -التي تشكل مسبقاً مجالات للتنافس الكثیف بین الولایات المتحدة والصین. وبما أن ھواوي و“زد. تي. إي“ ھما اثنتان بین حفنة صغیرة من شركات التكنولوجیات التي تطور البنیة التحتیة التكنولوجیة والمعاییر للجیل الخامس، فإن الحكومة الأمیركیة ستفعل كل ما في وسعھا لمنع منافستھا الاستراتیجیة الأكبر من دمج نفسھا أعمق داخل النظم العصبیة الاقتصادیة لھا ولحلفائھا. ومن الطبیعي أن تصب ھذه الضرورة المتزایدة الوقود على نار تشتعل مسبقاً بین الدولة والمؤسسة في العدید من الاقتصادات المتقدمة، بینما ستحاول شركات التكنولوجیا متعددة الجنسیات ذات سلاسل التورید متعددة الطبقات أن تقاوم صعوداً في العوائق التنظیمیة أمام نماذج الأعمال التي تعتمد على التجارة المفتوحة وتدفقات البیانات عبر الحدود.
سیبقى تحقیق أي نوع من الإجماع العالمي على الأولویات والأسالیب اللازمة لحكم الفضا السیبراني بعید المنال في العام 2019
سوف یعمل تكاثف المنافسة بین القوى العظمى في الفضاء السیبراني على مفاقمة الاحتكاك
والتوترات بین الدولة والشركات حول السیاسة. وباعتبارھا أكبر ھدف للھجمات السیبرانیة، تتحرك الولایات المتحدة على مسار أكثر ھجومیة، بینما تضع الصین وروسیا مباشرة نصب عینیھا. (سوف تجتذب فترة التحضیر لانتخابات العام 2020 الرئاسیة الأمیركیة انتباھاً إضافیاً  في الدول
ٍإلى التھدید السیبراني الذي تشكلھ الصین، بشكل خاص). وتمكن رؤیة اتجاه متنام الغربیة؛ حیث ستعتمد الدول على الغرامات الثقیلة وتراكم الدعاوى القضائیة للمستھلكین لمحاسبة الشركات على الانتھاكات واسعة النطاق للبیانات. وسوف تصبح الدعوات بین القوى الرئیسیة لتطویر قواعد عالمیة لضبط الفضاء السیبراني أكثر إلحاحاً، لكن تحقیق إجماع وفرض أي أجندة من ھذا النوع سیبقى بعید المنال بالنظر إلى المواقف المتفارقة للغایة بین الولایات المتحدة، وأوروبا، وروسیا، والصین حول الأولویات والأسالیب اللازمة لحكم الفضاء السیبراني.
الریاح العالمیة المعاكسة للسیاسة التجاریة للولایات المتحدة بالإضافة إلى التركیز الأمیركي المحكم على الصین، فإن التھدید الوشیك بتطبیق تعریفات جمركیة أمیركیة على السیارات وحدوث مواجھة بین الولایات المتحدة وقوى رئیسیة أخرى في منظمة التجارة العالمیة، سیتردد صداھا في كل أنحاء الاقتصاد العالمي. وتبقى سیاسة البیت الأبیض الاقتصادیة، بینما تظل عرضة لمكائد المعسكرات الأیدیولوجیة المتنافسة، مقودة إلى حد كبیر بعنایة بخفض العجوزات التجاریة من خلال المفاوضات الثنائیة. ولن تكون الإدارة
الأمیركیة خائفة أیضاً من استخدام تكتیكات الضرب العنیف كوسائل للتأثیر. وحتى بینما یھدد البیت الأبیض بفرض تعریفات على واردات السیارات -وھي محرك رئیسي للعجز التجاري الأمیركي- بذریعة الأمن القومي، فإنھ لن یعكف على إبرام صفقات تجاریة لا تشمل تنازلات یعتد بھا في أسواق مثل الزراعة، حیث المصدرون الأمیركیون أكثر تنافسیة. كما ستستخدم الولایات المتحدة أیضاً الاتفاقیات التجاریة لتثبیط شركائھا التجاریین عن توقیع اتفاقیات تجارة حرة مع الصین (سوف یشكل سعي كندا إلى عقد مثل ھذه الصفقة اختباراً لمصداقیة ھذا التكتیك).
سوف یعمل إتمام الاتفاق بین الولایات المتحدة والمكسیك وكندا، الذي یشمل مسبقاً حمایات أكبر
لصانعي السیارات الأمیركیین وبنوداً تتعلق بالحصص، على عزل المكسیك وكندا إلى حد كبیر عن تھدید تعریفات جمارك السیارات الأمیركیة. وسوف یؤدي تقلیص التھدید الاقتصادي لتجارة أمیركا الشمالیة إلى تقلیل إلحاح الكونغرس الأمیركي على فرض ضوابط تشریعیة على سیاسة البیت الأبیض التجاریة.
لدى ألمانیا الأكثر لتخسره من معركة تجاریة مع الولایات المتحدة حول السیارات، لكنھا لن تتمكن من إجبار الاتحاد الأوروبي -وفرنسا بشكل خاص- على تقدیم تنازلات في مجال الزراعة لإرضاء البیت الأبیض.
لدى الیابان فرصة جیدة لتخفیف تھدید تعریفات الولایات المتحدة على السیارات من خلال إبرام
اتفاق تجاري محدود معھا، بالنظر إلى التنازلات الزراعیة التي قدمتھا الیابان في اتفاقیتھا للتجارة الحرة مع كندا وفي اتفاقیة ”الشراكة الشاملة والتقدمیة عبر الباسیفیكي“ في 2018 .ومن المحتمل أن توافق كوریا الجنوبیة ھي الأخرى على نظام حصص لدرء التعریفات على السیارات. وفي المقابل، تبدو آفاق التوصل إلى حل شامل للتجارة بین الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبي في العام 2019 قاتمة جداً. ولدى ألمانیا الأكثر لتخسرة من معركة تجاریة مع الولایات المتحدة على السیارات، لكنھا لن تتمكن من إجبار الاتحاد الأوروبي ككتلة، وفرنسا بشكل خاص، على تقدیم تنازلات في مجال الزراعة لإرضاء البیت الأبیض.
اعتماداً على أي من صقور التجارة في الإدارة الأمیركیة أو براغماتییھا ھم الذین سیستمع إلیھم الرئیس، من المرجح أن یختار البیت الأبیض بین النكث بالھدنة، بحیث یقوم بفرض تعریفات على السیارات بأي حال ومضاعفة الضغط على أوروبا على أمل أن یدفع بروكسل إلى إبرام صفقة في نھایة المطاف؛ أو تخفیض طموحاتھ والتركیز بدلاً من ذلك على المفاوضات الجاریة حول القواعد والمعاییر، والتي تبقى أقل مستوى من المحادثات الرسمیة حول التجارة الحرة. بالتوازي مع ھذه المفاوضات التجاریة المضطربة، ثمة مواجھة متنامیة بین القوى الاقتصادیة الرئیسیة ومنظمة التجارة العالمیة تقوم منظمة التجارة العالمیة حالیاً بتحكیم عدد من القضایا المتعلقة بالأمن القومي، بما فیھا واحدة تتعلق بتبریر الولایات المتحدة لفرض تعریفاتھا على الصلب والألمنیوم في أوائل العام 2018 .
وسوف یتخذ البیت الأبیض من ھذه القضایا مثالاً للدفع بأن الھیئة متعددة الأطراف لا تمتلكح الحق في تحكیم شؤون تتعلق بالأمن القومیة في القضیة الأولى. وإذا كسب البیت الأبیض بھذه الحجة، فإنھ یمكن أن یجعل من الأسھل على دول أخرى إقامة حواجز حمائیة بذریعة الأمن القومي.
أما إذا خسر البیت الأبیض، فإن القرار سیضیف فقط إلى حملتھ الشرسة ضد مصداقیة منظمة التجارة العالمیة. وحتى نكون واضحین، فإن الكونغرس یمتلك السلطة للحیلولة دون انسحاب أمیركي فوري من منظمة التجارة العالمیة، والذي قد یقوض الاقتصاد العالمي. لكن لدى الولایات المتحدة الوسائل لشل عملیة حل النزاعات في المنظمة. وبسبب حظر الولایات المتحدة المستمر للتعیینات الجدیدة، ستكون ھیئة الاستئناف في المنظمة بحلول كانون الأول (دیسمبر) 2019 تحت خطر أن یصبح عدد أعضائھا أقل من الحد الأدنى المطلوب للحكم في القضایا، والمكون من ثلاثة أعضاء.
یدفع عدد متزاید من الدول النافذة في اتجاه إجراء إصلاحات في منظمة التجارة العالمیة، لتسریع عملیة إصدار الأحكام في الھیئة وتوضیح حدود ولایتھا للحد من تعدیھا على مناطق التجارة السیادیة.
ھذا الشكل من احتجاج الولایات المتحدة، الذي بدأ قبل رئاسة دونالد ترامب، مصمم لحشد الدعم
من الاتحاد الأوروبي، والیابان وكندا والشركاء التجاریین الرئیسیین الآخرین، لإجراء ّ إصلاحات في منظمة التجارة العالمیة، والتي ستسرع أحكامھا وتوضح حدود ولایتھا القضائیة بینما تحاول الولایات المتحدة منع الھیئة من التدخل في المناطق التجاریة السیادیة. كما أنھا ِّ إلى جعل منظمة التجارة العالمیة تحمل الصین والدول الصاعدة الأخرى المزید من تھدف أیضاً المسؤولیة عن انتھاكات تجاریة مختلفة، بما فیھا المعونات الحكومیة وسرقة الملكیة الفكریة.
وفي سیاق متصل، ستنتھي في العام 2019 مھمة لجنة تابعة لمنظمة التجارة العالمیة، والتي تعمل على قضیة رفعتھا الصین ضد الاتحاد الأوروبي، وطالبت فیھا بالاعتراف بھا كاقتصاد سوق. وإذا ما خسر الاتحاد الأوروبي ھذه القضیة، فإن ذلك سیضیف إلى زخم الحجة الأمیركیة بأن منظمة التجارة العالمیة لیست مؤھلة لضبط الصین في موضوع التجارة.
لكن مطالب الولایات المتحدة بالإصلاح ستكون كبیرة أكثر من اللازم من منظمة متعددة الجنسیات، شموس وبطیئة الحركة، والتي تُحكم بالإجماع. وھناك خطر حقیقي من أن تدفع الولایات المتحدة بعملیة تسویة النزاعات في منظمة التجارة العالمیة إلى التوقف، وھو سیناریو من شأنھ أن یدفع القوى الاقتصادیة للعودة إلى المفاوضات الثنائیة لحل خلافاتھا كما كانت تفعل أیام ”الاتفاق العام على التعریفات والتجارة“ -النظام الذي سبق منظمة التجارة العالمیة والذي حكم التجارة الدولیة في مناخ جیوسیاسي كان یضج بعدم الیقین.
* * *
تقدم ھذه التحلیلات التي أجراھا ”ستراتفور“ استبصارات إضافیة في السنة المقبلة:
• في خضم سباق عالي المخاطر على التفوق التكنولوجي، سوف تكافح القوى العالمیة مع تحدي تأسیس حوكمة عالمیة للذكاء الاصطناعي والمعاییر الأخلاقیة ذات الصلة.
ّ • سوف تسرع الولایات المتحدة، والصین وروسیا، جھودھا لعسكرة الفضاء في غیاب معاییر دولیة لتنظیم السلوك في الفضاء.
• حتى بینما یعمل تنافس القوى العظمى مع الصین وروسیا على دفع الولایات المتحدة إلى تخفیض التزاماتھا العسكریة في إفریقیا والشرق الأوسط، فإن حملة أمیركیة ضد إیران، إلى جانب الإرھاب ومخاوف انتشار الأسلحة النوویة، سوف تكافح من أجل الاستئثار بانتباه الولایات المتحدة ومواردھا.
• تصبح مكافحة الفساد سلاحاً سیاسیاً متزاید الشعبیة والقوة، والذي یمكن أن تسخره الحكومات الغربیة والرجال الأقویاء على حد سواء لتشكیل السیاسة في الوطن والخارج.
• سوف تتنافس القوى العظمى على صفقات بیع السلاح المربحة حول العالم.
• سوف یحقق كونغرس أمیركي منقسم وأقل تناغماً نتائج متباینة فیما یتعلق بالسیاسة الخارجیة للولایات المتحدة.
• سوف تستمر عملیة الانتقال طویل الأجل للطاقة العالمیة نحو الطاقة المتجددة في العام 2019 ،بینما تتولى الشركات أدواراً قیادیة أكبر في مسیرة ھذا التحول.
* * *
*مركز التوقعات الاستراتیجیة، Inc, Forecasting Strategic؛ والمعروف أكثر باسم ”ستراتفور“ STRATFOR ،ھو مركز أمیركي للدراسات الاستراتیجیة والأمنیة، ویعد إحدى أھم المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، وھو یعلن على الملأ طبیعة ّ عملھ التجسسي، ویجسد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأمیركیة الحكومیة. تطلق علیھ الصحافة الأمیركیة اسم ”وكالة المخابرات المركزیة في الظل“ أو الوجھ المخصخص للسي آي إیھ، CIA Private The .ومعظم خبراء مركز ستراتفور ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأمیركیة.
*نشرت ھذه التوقعات تحت عنوان: 2019 Trends Global: Forecast Annual