Friday 10th of October 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Oct-2025

ترامب سرع الاتفاق من أجل "نوبل" للسلام

 الغد

معاريف
بقلم: بن كسبيت
 
إحدى الميزات البارزة لعصر دونالد ترامب هي أنه حتى عندما تقع الأحداث التي يصعب فهمها وتفاجئ الجميع، لا يمكن أن نقرر بيقين فيما إذا كان هذا شرا أم خيرا، وهل ينبغي لنا أن نكون الآن متفائلين أم متشائمين والأهم إذا كانت هذه نهاية تامة أم انه بعد يومين أو أسبوعين سينقلب هذا مرة أخرى رأسا على عقب.
 
 
عموما، اعلن الرئيس الأميركي أمس عن نهاية الحرب. أما بالتفاصيل، فاذهب لتعرف إذا كان هذا سيحصل. إحدى نظريات المؤامرة تعتقد أن عيني ترامب لا ترنوان إلى غزة، الدوحة أو أنقرة بل الى أوسلو – هناك يفترض أن يعلنوا في نهاية الأسبوع القادم عن الفائزين في جائزة نوبل، وبالتالي استغل ترامب نهاية الأسبوع هذه كي يدرأ الشك. السؤال هو ماذا سيحصل إذا تبين له، لا سمح الله، أنه لم يفز، فهل في مثل هذه الحالة سيعلن مرة أخرى الحرب؟
موجز الأحداث الأخيرة يمكن أن يبعث على الدوار حتى لسائق سباق متمرس. ففي يوم الجمعة، قبل وقت قصير من دخول السبت، بدا ترامب كفاحيا أكثر من أي وقت مضى وأعلن عن إنذار جديد: حماس ملزمة بأن تعطي جوابا على مخططه حتى الليلة التي بين الأحد والاثنين. وإلا، وتخمينكم صحيح، ستفتح بوابات الجحيم.
في ذات الوقت تقريبا تحدث رجال ترامب ورجال نتنياهو انهم لن يقبلوا بجواب متملص. لن يكون "نعم ولكن". كما لن تكون مفاوضات متجددة. على حماس أن تأخذ القرار. خذه أو دعه. هكذا ببساطة.
وعندها ردت حماس بـ "نعم ولكن" الذي هو أقرب إلى "لا"، وذلك رغم أنهم يوافقون على البدء بتحرير المخطوفين وفقا لمخطط ترامب "ليس الجميع وليس في غضون 72 ساعة"، لكنهم لا يوافقون على تجريد القطاع، لا يوافقون على قوة متعددة الجنسيات ويريدون أن يخوضوا مفاوضات على كل هذه التفاصيل.
وماذا يفعل ترامب؟ يعلن عن نصر تاريخي وسلام أبدي. "لا" لحماس ترجمت من العربية إلى انجليزية ترامبية وأصبحت "نعم". فقد سارع ترامب بالتهنئة على المنجز وتبكير المتأخر، وعلى الطريق أمر إسرائيل بوقف القصف في غزة. أما إسرائيل، أي نتنياهو، فمسح البصاق عن وجهه وأطاع.
من السابق لأوانه أن نعرف إلى أين سيفضي كل هذا. واضح أن ترامب استنفد العرض ويريد التخلص منها. واضح أن قطر هي الحليف الأهم والأكبر للأميركيين في الشرق الأوسط، بكثير. واضح انه في المكان الثاني بعدها توجد تركيا، واضح أن رون ديرمر الذي يحظى في الآونة الأخيرة بتيجان كثيرة ويوسف كـ "عبقري الجيل" عاد إلى حجمه الطبيعي. واضح أنه يحتمل أن نكون وصلنا أخيرا إلى "النصر المطلق" – لكن هذا ليس بفضل النصر، بل لان ترامب قرر.
واضح أيضا أن شيئا من وعود وهذيانات اليمين المتطرف ونتنياهو لن يحصل حقا على الأرض: لن تكون ريفييرا في غزة، لن يكون ضم، لن تبنى مستوطنات جديدة في غزة، لن يكون تهجير طوعي أو قسري، لن نلاحق (مقاومي) حماس حتى آخرهم، إذ ليس لاحد ما يكفي من الوقت لهذا. على إسرائيل أن تعود إلى أرض الواقع، ويحتمل أن يكون دونالد ترامب أعادها إليها.
مكالمة ترامب وأمير قطر الهاتفية في يوم الغفران بشرت بحلول الربيع، أو الشتاء (هذا منوط بزاوية النظر إلى ذلك). حقيقة أن قطر وتركيا سارعتا لنشر بيانات تأييد لرد ترامب على رد حماس تدل على أن كل شيء مخطط. أما إسرائيل فقد دخلت إلى كمين زرع بعناية ووجدت نفسها في ساحة الغام أعدت مسبقا. وتراوح المحور المنفذ بين واشنطن والدوحة وأنقرة. من يملى عليه في هذه المراسلات هو الرئيس المصري السيسي كشريك.
السؤال هو، أين نحن. أين النفوذ العظيم لديرمر على البيت الأبيض، كيف يحتمل أن قبل نصف دقيقة من حصول كل هذا كنا نعلن بثقة بالنفس لأنه "لن تكون مفاوضات" وأن خطة ترامب هي منتج نهائي لا جدال فيه وما شابه وهلمجرا، ونصبح نكتة بعد دقيقة. إذ سيسافر إلى القاهرة اليوم وفد المفاوضات الإسرائيلي الأكبر منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر).
الحرج والدهشة في أوساط نتنياهو ورجاله مساء الجمعة الماضي، بعد نشر بيان الرئيس ترامب ("حماس اختارت السلام") لم يكن لهما ثمن. في صالح رئيس الوزراء ينبغي أن يقال انه انتعش بسرعة وقام بالفعل الصحيح: أطاع ترامب، قال "نعم"، لم يضع مصاعب، وبعد ذلك، كعادته، حاول أن يلي الخريطة لصالحه. "كل شيء منسق، نصر عظيم لرئيس الوزراء"، قال لمن قال له على مدى السبت الماضي.
أتدرون؟ فليكن. حسنا. نصر عظيم. بيروس يتقلب في قبره. المهم انك فهمت بانه يجب إنهاء الحرب، إعادة المخطوفين (بترتيب معاكس) والفهم بأن لا، لا يمكن أن تشطب حماس من على الخريطة. غزة يمكن، أما حماس فأقل. وحان الوقت لوقف النزيف ومحاولة البدء بترميم ما ابقيت من العلامة التجارية "إسرائيل".
ولا يمكن بدون بضع كلمات عن تركيا. إلى جانب قطر هي العراب الرئيس للحدث. هذا لن يقال في صالحنا. رجب طيب اردوغان ليس محبا لصهيون. هو كاره لإسرائيل. هو يفعل كل ما يمكنه كي يضيق على خطانا في كل مجال وفرع ومنطقة في المحيط. هو يوشك على أن يحصل على قاذفات الشبح من الأميركيين وهو احد العناصر الذين حثوا ترامب على الخطوة الحالية وحماس على جوابها المتملص. هذا الائتلاف من الدوحة عبر أنقرة، دمشق وغزة هو المحور الجديد الذي أقامه نتنياهو هنا حولنا، بعد أن نظف المحور الشيعي.
لو كان نتنياهو أخذ المسؤولية عن 7 تشرين الأول (أكتوبر) لكان ممكنا أن نعطيه بسرور الحظوة على إنجازات الحرب. ليس في هذا حاجة حقيقية، فالتاريخ سيفعل هذا أيضا. السؤال هو ما الذي سيولده اليوم. إلى أين ستأخذنا هذه الأحداث الآن وأساسا ماذا سيكون مصيرنا بعد عصر ترامب (الذي سينتهي في أقصى الأحوال بعد ثلاث سنوات). في هذه الاثناء الأهم هو الاجتهاد إلا نفجر بالون الفرصة الحالية، إلا نضيف مصاعب إلى الترهات وان نعيد المخطوفين إلى الديار. الآن.