Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Jan-2019

قبل الهرب إلى أميركا

 الغد-هآرتس

جدعون ليفي
 
20/1/2019
 
“جدعون ليفي مخطئ بخصوص الماضي والحاضر ويبدو لي أيضا بخصوص المستقبل”، هذا ما كتبه بني موريس في مقاله بتاريخ 18/1. الماضي هو مجال موريس، لهذا سأذكر فقط ردا على ادعائه بأن الفلسطينيين عارضوا الصهيونية من بدايتها، لأنها حسب رأيهم كولونيالية غزت بلادهم، طردتهم واحتلت اراضيهم. هذه هي الحقيقة حسب رأيهم. والتي يصعب مناقضتها. كوشان توراتي، وعد إلهي أو ابادة نازية، لا يجب أن تهمهم.
وبخصوص الحاضر سأتطرق فقط للسهولة التي يعفي فيها الديكتاتورية العسكرية من الوحشية في المناطق التي هي من اسوأ الديكتاتوريات في العالم. هل يوجد حتى الآن من يقتحمون البيوت كل ليلة ويختطفون المواطنين من أسرتهم، بما في ذلك الاطفال، على مدى أكثر من خمسين سنة؟ هل ما زالت هناك دولة ديمقراطية يعيش فيها ملايين الناس بدون مواطنة؟
لكن المشكلة الاساسية في مقال موريس تعرض نبوءته للمستقبل. جهنم: “هذا المكان سيغرق واليهود سيبقون اقلية مضطهدة”. هذا وصف لا يبقي أي خيار سوى الضياع، دون أن يواجه اسباب الوضع. موريس على قناعة بأن ما كان هو ما سيكون، كمؤرخ يجب عليه أن يعرف أن الامر ليس كذلك، وليس إلى الأبد. المستقبل يصفه كتوأم للحاضر، وأخطر من ذلك، عبر منظار العرق والتعالي الذي وضعه. إذا كان العرب هم من يصفهم موريس، وهم سيبقون هكذا إلى الأبد، فإنه محق. نهاية العالم. ولكن هناك أيضا امكانية اخرى.
موريس يرى الحاضر، الذي فيه شعب يناضل من اجل حريته، بما في ذلك من خلال العنف، مثل كل الشعوب في التاريخ، ويستنتج: هكذا سيبقون دائما. هو يرى شعب لم يحظ في أي يوم بتعامل معقول ويستنتج: هكذا سيبقى إلى الأبد. دائما سيسفكون الدماء، تحت الاحتلال ويعانون من الاضطهاد أو يتمتعون بالعدل والمساواة. دائما هم سيسرقون السيارات.
دائما سيقتلون نساءهم، دائما سيتصرفون بوحشية. العرب هم قتلة منذ الولادة، لذلك، لن يكون بالإمكان أن تقوم دولة مساواة يعيشون فيها مع اليهود المتنورين والمتطورين. فقط من يجلسون في مقهى في باريس، كتب موريس، يمكنهم الايمان بهذيان الدولة الواحدة. ولكن هذه قائمة منذ 52 سنة، فقط هي قائمة في ظروف غير ديمقراطية. من بيتي في رمات أفيف، التي هي الشيخ مؤنس، أنا أريد اقتراح خيار آخر.
لا يجب أن تكون طوباويا من اجل الايمان به. موريس على قناعة بأن العرب لن يغفروا في أي يوم لإسرائيل ما فعلته ضدهم. اليهود غفروا للألمان بسرعة فائقة جرائم أكثر فظاعة. السود في أميركا وفي جنوب افريقيا سامحوا البيض. فرنسا والمانيا تحولتا إلى حلفتين بعد الحرب، فقط الفلسطينيون لن يغفروا. المؤرخ يجب أن يعرف أنه يمكن وجود امر غير ذلك.
إذا تحملت إسرائيل المسؤولية الاخلاقية عن افعالها، وكفرت واصلحت وعوضت وتصرفت باحترام، فسيتم العفو عنها. صحيح أن وضع الديمقراطية في العالم العربي لا يبعث على الأمل، لكن الفلسطينيين اثبتوا أنه يمكنهم التصرف بصورة مختلفة، في الانتخابات للمجلس التشريعي والكنيست. فرصة كامنة لإثبات ذلك لم تواجههم لأن الاحتلال لم يرفع يديه عنهم طوال الوقت.
حيفا ويافا مع كل صعوباتهما هي دلائل حية على امكانية وجود واقع آخر. المستشفيات والجامعات وفرق كرة القدم في إسرائيل يمكنها أيضا أن تكون اشارة لما سيأتي. ولكن عندما تكون متطرف قومي وعنصري، وعلى يقين من أن من يقفون امامك هم برابرة حقيرين، فليس هناك ما يدور الحديث عنه ولا مع من يجري الحديث، النتيجة هي فقط جهنم. أي ملجأ مريح: لا أمل، لذلك لا يجب النضال من اجل شيء، يمكن مواصلة التنكيل وانتظار النهاية السيئة، التي لا يمكن منعها.
صحيح أنهم ليسوا نرويجيين، وهل نحن يا بني موريس نرويجيون؟ الرشوة لدينا هل هي نرويجية؟ سلطة الدين؟ الجهل؟ الشوارع؟ الاحتلال؟ في اليوم الذي سنكون فيه نرويجيين، وعندما نتعامل معهم بمساواة وبشكل منطقي، ربما ستفاجأ: هم أيضا يمكن أن يتحولوا إلى نرويجيين، اذا كان هذا ما تطمح اليه. عندها ربما أيضا ستوافق على العيش معهم. أنا أفضل أن نعطي فرصة لذلك، بدل مواصلة التنكيل بهم والتضليل بالحديث عن “دولتين”، عندها الغرق أو الهرب إلى أميركا.