Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Oct-2017

الموهبة والعبقرية: اختراع لا اكتشاف (3 - 11) - حسني عايش
 
الغد -قلنا في الحلقة السابقة أن لا أحد يولد وذكاؤه مقرر أو محدد سلفاً، لأن الذكاء تحدده نتيجة التفاعل الديناميكي بين الجينات والبيئة. وعليه فإنه يمكن تحسين الذكاء وزيادة المعروض من الموهوبين والعباقرة في المجتمع. إنّ قلة قليلة من الناس بلغوا مستوى ذكائهم الممكن. وذلك بعكس العلم القديم الذي ظلّ يدّعي حتى اليوم أن الذكاء فطري وأنه محدود، وكمية ثابتة لا يمكن زيادتها. وكانت مهمة المدرسة الكشف عن هذه القلة، والكتابة إلى الوالدين عن أطفالهم المقصرين مدرسياً: يُكتفى بتعليمه. غير أنه في ضوء الأبحاث الجديدة في هذا الموضوع يصبح واجباً علينا أن نصحح هذا التشاؤم القاسي أو الهمجي كما كان يدعو الفرد بينيه نفسه – مخترع اختبارات الذكاء، لكن الذين خطفوا الفكرة في أميركا دمروها، وجعلوا اختبارات الذكاء "بزنساً" يدر الملايين من الدولارات سنوياً للشركات التي تُعدها أو تجريها وعلى حساب الذين يفشلون في بلوغ المستوى المرتفع فيها، مع أنها لا تصلح لقياس الذكاء، فالذكاء ليس شيئاًَ قابلاً للقياس الكمي. إنها اختبارات تحصيل تعتمد نتائجها على بيئة الطفل في الأسرة والمدرسة والمجتمع، فلا يجوز إدانته عليها وتحديد مستقبله في ضوئها. وعلى كل مدرسة محترمة لحقوق الإنسان أن لا تجريها، وإن ظلت أميركا تجريها لأنها أصبحت تقليداً لا تستطيع التخلص منه على الرغم من البحوث الحاسمة ضدها. هل تستطيع بريطانيا السير على اليمين؟ هل تستطيع المدرسة في أميركا إلغاءها وقد أصبحت حدثاً يومياً يصدقه الناس المغفلون؟ 
لقد كانت النساء، واليهود، وشرقيو أوروبا يفشلون فيها، ويرى ديفيد شنك أن المأساة الحقيقة لاختبارات الذكاء هي الرسالة التي تبعث بها لكل طفل أن ذكاءك معطى أو مقرر فطرياً وليس قابلاً للنمو. 
يفيد عالم النفس ايفان ولسون في شهادته أمام المحكمة في قضية جرمية كبيرة أن اختبار ويز الثالث WAIS _III هو اختبار الذكاء المعياري للراشدين في أميركا. وأنه يوجد اختبار ويز للأطفال من سن سنتين ونصف وما فوق، وأنها معولمة. 
لا تدل علامات اختبارات الذكاء كم أتقن الطفل فعلاً مادة الاختبار، وإنما تبين مقدار إتقانه لها مقارنة بغيره، إنها تجعل له مرتبة في قائمة من الناس. إن الحط الأتوماتيكي لمن يحصل على علامة 100 خلط بين القيمة النسبية والقيمة المطلقة. 
لما تبين لرجال الأعمال في أميركا "بزنسية" الاختبارات أقبلوا وعملاءهم من علماء النفس والقياس على الترويج لها واستخدامها في كل ميدان مسلحين بنظرية الانتخاب الطبيعي. 
نعم، لا مانع من إجراء امتحانات التحصيل بهدف استخدامها للتغذية الراجعة، إي لتحسين التعلُم والتعليم ولكن استخدام اختبارات الذكاء والقدرات مدمّر للذين يفشلون في بلوغ المستوى المرغوب فيه، عادة بالصدفة أو بتأثير البيئة السلبي (الوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للأسرة والمدرسة) عليهم. 
إن علامات اختبارات الذكاء ترتبط عكسياً بدرجة عزلة مجتمع الطفل، فكلما زادت العزلة وسوء الوضع المذكور انخفضت العلامات. وقد تم التعليق على تلك النتيجة بالقول: الأطفال ينمون حسب متطلبات بيئاتهم، كما يفيد عالم النفس النيوزلندي جيمس فلن الذي اكتشف عمق ومصداقية هذه المقولة. لقد تبين له من مقارنة علامات الذكاء عبر قرن أن علامات الاختبار ترتفع كل بضع سنوات بمعنى أن أطفال اليوم يبدون أذكى من نظرائهم في الأمس. 
إننا نعرف اليوم أن البيولوجيا لا تقرر مصير أو مرتبة الفرد في المجتمع، بل العوامل الاجتماعية الثقافية والاقتصادية والأكاديمية المؤثرة عليه، وأنه لا فرد يبقى في مرتبته الأصلية إذا تغيرت تلك العوامل ايجابياً أي أن الفرد يمكن أن يصبح أذكى إذا تطلبت بيئته ذلك. 
ولإطلاق إمكانيات الأطفال لا بد مما يلي:  • التكلم مع الأطفال مبكراً وكثيراً. • القراءة لهم مبكراً وكثيراً. • التغذية الجيدة والتشجيع. • توقعات أعلى في كل مرة.  • قبول الفشل واعتباره فرصة للتعلم. • تشجيع التنمية العقلية للطفل لأن الذكاء ليس ثابتاً أو محدوداً وإنما عملية (Process) ديناميكية مستمرة.
FacebookTwitterطباعةZoom INZoom OUTحفظComment