Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Dec-2017

سؤال يتكرر عربياً: متى نغدو ديمقراطيين؟ - يوسف عبداالله محمود

الراي -  سؤال ما زال يتكرر عربياً: متى نغدو ديمقراطيين؟ متى يكون لدينا مجتمعات ديمقراطية حقيقية لا صورية؟ متى ننجح في بناء دول وطنية سيادتها بأيديها؟ متى تتحول مجتمعاتنا العربية القائمة من مجتمعات ذات بنى تقليدية عشائرية وقبلية ومناطقية الى مجتمعات مدنية فعلاً؟

يتم ذلك –وكما يقول الاكاديمي والمفكر العربي أ.د. احمد برقاوي استاذ الفلسفة في جامعة دمشق – حين تتحول السلطة السياسية العربية الى عامل إغناء لفكرة المواطن الذي يمتلك حق الحرية في انتاج السلطة» (د. احمد برقاوي: «الفكر العربي الحديث» ص 419 ،منشورات جامعة دمشق).
مع الاسف، فإن هذه السلطة السياسية بدلاً من ان تكون كذلك «تحولت الى عامل قهر للانسان وارجعته الى حالة الانتماء الى بنيات ضيقة».
وهذه ظاهرة لا نستطيع انكارها، «فالمواطنة» ما زالت مفردة، تطبيقها غائب عن الواقع العربي. الديمقراطية الحقيقية لم نبلغها بعد عربياً. ما لم نحققها فعلياً لا شكلياً لن ننعم بالأمن، ولن نحقق التقدم المنشود.
يتساءل د. برقاوي: متى ننزع فكرة الملكية عن السلطة لتتحول الى عقد اجتماعي؟ ص 418.
«لقد ألغت السلطة في الوطن العربي صوت الانسان حين ألغت من المجتمع وجود المواطن الحر». جربنا الانقلابات العسكرية ذات الخلفية الايديولوجية القومية والاشتراكية، أما المفاجأة فكانت –وكما يقول د. برقاوي- «انقضاضها على التجارب الليبرالية الولادة». ص .414 ألغت هذه الانقلابات الاحزاب السياسية مُبقية على حزب السلطة.
في البداية ورغم كل ذلك صفقت الجماهير الشعبية للبيان الاول الذي اصدره قادة هذه الانقلابات ظناً منها ان الرخاء والعدالة الاجتماعية في جعبة هذه الانقلابات. المؤسف ان شيئاً من هذا لم يحدث. «البنى التقليدية» ظلت على ما هي!. وعليه، ظل القمع موجوداً في ظل هذه الانقلابات العسكرية. وحقاً ما قاله هذا المفكر من ان السلطة العربية «صار لها قميص اضيق وفي كثير من الاحيان، مع جسد المجتمع». ص 417.
قُلت إن الجماهير صفقت للبيان الاول الذي اصدره الانقلابيون العسكريون او فلنقل الثورات العسكرية. صفقوا له لأنه «طرح مفاهيم اثيرة لدى الناس حول الحرية وخاصة مفهوم الديمقراطية الشعبية والاشتراكية». وما أسرع ما تبدل الحال، وأغطش الليل وتبدد حلم هذه الجماهير حين «حدثت القطيعة المطلقة مع النظام الديمقراطي، ووضع الأساس لبروز الدولة التسلطية فيما بعد». ص 421. كل هذا يشير الى ان مفهوم الديمقراطية لم يتم التعامل معه بشفافية.
وفي نقد لِ»الاشتراكية» التي تم التبشير بها عربياً هنا وهناك ثبت انها وهي التي تدعو الى العدالة الاجتماعية «لن تتحقق عبر تغيير ملكية وسائل الانتاج، اذ لا فرق من ان تكون السلطة هي الرأسمالي الجديد او ان تكون وسائل الانتاج بيد اصحابه» ص 428. الخلاصة ان هذه السلطة الجديدة المبشرة بالاشتراكية «لم تستطع لجم الاضطهاد الطبقي الذي ينتج الفقر والغنى» ص 428. هل نجحت هذه الانقلابات او الثورات في «لجم الاضطهاد الطبقي»؟ مع الاسف لا. وبصراحة اكثر يمكن القول ان هذه الانقلابات العسكرية تميزت بِ»العُقم» فهي «لم تنجب نظماً ديمقراطية، بل نظماً هي اقرب الى الاستبدادية حتى ولو حملت مشروعاً وطنياً تحديثياً اجتماعياً» ص 430.
 
كل ما بشرت به كان ذراً للرماد في العيون، سرعان ما سقطت كل هذه البشاير، لم تستطع هذه الانقلابات ان تخلق المجتمع المدني لان قادتها اصلاً ظلوا مرعوبين منه لأنه لا ينسجم وطموحات قادة الانقلابات الرومانسية التي تسعى الى تأبيد سلطتها. «ان الديمقراطية هي سلطة ناتجة عن المجتمع في خياراته الحرة» ص 424.
وهل امتلكت الجماهير العربية هذه «الخيارات الحرة» في ظل هذه الانقلابات العسكرية؟ بالطبع لا.
يبقى ان اقول إننا كعرب بحاجة الى سلطة ناتجة عن المجتمع في خياراته الحرة، وليس الى سلطة قامعة لهذه الخيارات!