Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2018

قراءة في كتاب «فرصتنا الاخيرة» - يوسف عبداالله محمود

الراي -  «فرصتنا الاخيرة» عنوان كتاب لجلالة الملك الهاشمي عبداالله الثاني ابن الحسين، اهداه الى شعبه الاردني. وهو في الاصل وضع اساساً باللغة الانجليزية والعربية، ثم صدر في ثماني لغات أخرى، يخاطب عالماً تعصف به الحروب والنزاعات.

«فرصتنا الاخيرة» الذي صدرت طبعته الاولى العام 2011م كتاب يعرض فيه جلالته رؤيته الاصلاحية في التطوير الذي يرتضيه لشعبه الاردني. محطات متعددة وقف عندها منها ما له علاقة بالشأن الداخلي وأخرى تتطرق الى أمن العالم وسلامته، وهنا ركز جلالته على المعضلة المزمنة التي يعاني منها الشرق الاوسط واعني بها «الصراع الفلسطيني/الاسرائيلي، يخاطب اسرائيل قائلاً: «على اسرائيل ان تختار بين ان تظل قلعة معزولة في منطقة تعصف بها الصراعات وبين السلام الذي يضمن الأمن والاستقرار لجميع دول الشرق الاوسط» برؤية ثاقبة وحسّ إنساني مرهف أطلّ جلالته على الكثير من القضايا التي يمكن حلها لو تم الاحتكام الى منطق الحق والعدالة، مع استبعاد الكيل بمكيالين الذي تلجأ اليه القوى العظمى وبخاصة الولايات المتحدة الاميركية المنحازة كلياً الى اسرائيل.
بشفافية وفكر نقدي عقلاني تطرق الى التحديات الكبرى التي تواجه عملية السلام في المنطقة العربية شأن المرحوم والده جلالة الملك الحسين بن طلال –طيب االله ثراه- الذي رحل وعيناه صوب مدينة القدس المحتلة، انه ملك يطرح رُؤاه بشفافية وعمق.
كتاب «فرصتنا الاخيرة» اشبه بمذكرات تعكس رؤية جلالته حول «السلام» المنشود الذي يضع حداً للصراع الدامي بين الفلسطينيين والاسرائيليين محذراً في الوقت نفسه بأنها «الفرصة الاخيرة» لتحقيق ذلك فلا ينبغي التفريط بها.
تحدث جلالته عن «الصورة المشوهة للعرب والمسلمين» في الغرب، وعزا ذلك لكون «العرب والمسلمين غائبون، «إنني اعلم علم اليقين ان الرأي العام العالمي، بكثرته الساحقة، اذا كان يرى صورة مُشوهة للعرب والمسلمين فلأن العرب والمسلمين غائبون، بينما من يريد بهم شراُ يملأ الفراغ بما يخدم أهواءه وغاياته».
(المرجع السابق ص 9.( بدوري، أتساءل هنا: هل اختلف الحال اليوم؟ ألم تعكس الخلافات والنزاعات العربية/العربية واقعاً بائساً يخدم أهواء وغايات الامبريالية العالمية والسياسة الاسرائيلية العنصرية؟ متى يُفارقنا ضيق الافق هذا؟
في مذكراته التي ضمها كتاب «الفرصة الأخيرة» يؤكد جلالة الملك عبداالله الثاني ابن الحسين ان صراعنا مع
الاسرائيليين هو في الاساس «نزاع سياسي» وليس صراعاً دينياً كما يحلو للمتطرفين من قادة اسرائيل
تصويره. «ليس هذا الصراع في اساسه صراعاً دينياً وانما هو نزاع سياسي حول الحقوق والارض». (المرجع
السابق ص 15.( «إذا استطاعت اسرائيل ان تنسج سلاماً مع الفلسطينيين، فعندئذ الى اي تبرير معنوي –اخلاقي يمكن ان تلجأ اي حكومة او جماعة مقاومة بغية الاستمرار في الصراع؟ اذا كانت القدس مدينة مشتركة، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية قابلة للحياة، سيدة ومستقلة، فماذا يبقى من الاسباب المنطقية لدى حكومة إيران على سبيل المثال، لكي تستمر في خطابها واعمالها المضادة لاسرائيل؟ (المرجع السابق ص .(17 تساؤلات ليت العقلية الاسرائيلية ترتفع الى مستواها.
متى تعي اسرائيل هذا المنطق فتتصرف وفقه؟ متى تخرج من عزلتها وتتخلى عن عنجهيتها وغطرستها؟
متى تلبي متطلبات السلام القائم على العدل؟ متى تدرك ان سياسة «العنف» لا تُحصنها؟ العنف يولد عنفاً،
يغتال فرص السلام.
وفيما يتعلق بالفكرة الخاطئة التي يتم الترويج لها في الاوساط الغربية والقائلة «بأن الغرب والعالم الاسلامي
هما كتلتان تتجهان بصورة حتمية الى التصادم». يقول جلالته: «هذا مفهوم لا يستند الى معرفة صحيحة،
وهو خاطىء ومثير للهواجس والغضب. طوال ما يزيد على ألف سنة عاش المسلمون واليهود والمسيحيون بسلام جنباً الى جنب، يُغني احدهم ثقافة الآخر وتراثه» (المرجع السابق ص 23.( فكرة خاطئة يُروّج لها اعداء السلام.
في مذكراته يغوص جلالته في اعماق التاريخ متحدثاً عن مسيرات مختلفة له «فيوم كانت واشنطن مجرد مستنقع لا اكثر، كانت مدينة القدس وبغداد ودمشق العظيمة المراكز الريادية العالمية في مجالات التعلّم والمعرفة، لكن مع مرور الزمن اتخذ التاريخ وجهة اخرى ومال نحو الغرب. وبحلول القرن العشرين كان العالم
العربي قد تراجع الى الصفوف الخلفية» (المرجع السابق ص 24.( ما اقس التراجع الى «الصفوف الخلفية»!
وصدق من قال: من يَهُنْ يسهل الهوان عليه.
هو اذن مكر التاريخ الذي يدعم التطور ويتجاوز كل من ينظر اليه بعين الريبة والخوف. عربنا اليوم غائبون عن
المسرح العالمي لا يؤبه بهم، مهمشون تماماً.
وفي حديثه عن «الديمقراطية» التي –مع الاسف- مازالت غائبة بمفاهيمها الانسانية عن معظم ارجاء عالمنا
العربي ان لم يكن كلها، يقول جلالته: «انا ارى ان الديمقراطية رحلة طويلة، ان الانتخاب في غياب التقبّل
الواسع للمفاهيم والقيم الديمقراطية، وفي غياب سلطة قضائية مستقلة تماماً، يمكن ان يكون ذا نتائج
كارثية». (ص 349.( وهنا يشير الى مسألة «تصدير الديمقراطية» التي لجأت وتلجأ اليها الادارات الاميركية في التعامل مع بلدان شرقنا العربي وغيره من بقاع العالم.
ان «تصدير الديمقراطية» ما هو في رأيي الا مدخل للهيمنة الاجنبية، وما جرى ويجري في العديد من بلداننا
العربية خير شاهد على ذلك.
«الديمقراطية» لا تستورد أو تفرض بالعصا! «الديمقراطية» تبنيها مؤسسات دول ذات سيادة، مستقلة القرار.