Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2020

مسيرات غزة المغدورة*حمادة فراعنة

 الدستور

باستثناء الحزبيين المنضبطين لم يتجاوب أهل غزة مع دعوة حركة حماس للخروج بمسيرات تضامنية مع القدس والمسجد الأقصى يوم الجمعة 3/1/2020، وهي ظاهرة مفزعة لكل من شاهد تواضع المشاركين بالمسيرات الذين لم يتجاوز عددهم المئات، ما تفسير ذلك؟؟ وما هي الأسباب الكامنة في عدم تجاوب أهل غزة مع دعوة حماس رغم مضمونها المهم؟؟.
أهل غزة الذين صنعوا الثورة الفلسطينية المعاصرة 1965، وفجروا الانتفاضة الأولى عام 1987، وفجروا الانتفاضة الثانية 2000، وأجبروا شارون على الرحيل عن غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال 2005، وتحملوا أربعة حروب شنها العدو الإسرائيلي على القطاع 2008 و2012 و2014 و2019، وصمدوا ولم ييأسوا وواصلوا خيارهم، في مواجهة الهيمنة والتسلط والأحادية والتفرد الذي يواجهونه ويعانون منه منذ قرار الحسم العسكري عام 2007.
عدم استجابة أهل غزة لدعوة حماس، يعود إلى مظاهر التهدئة التي فرضتها بدون رضى الفصائل الفلسطينية، وبدون رضاهم، وهم التواقون للاستقرار والعيش الكريم والاستفادة من تضحياتهم لأن يعيشوا كما يستحقون، ولكن بدون تنازلات، وبدون انقسام، وبدون فك الارتباط مع القدس والضفة الفلسطينية، فطريق الحرية والاستقلال والعيش الكريم يكون بالوحدة الوطنية والانتخابات وخيارات سياسية تشارك بها وفيها كافة قوى وفصائل وشخصيات الشعب الفلسطيني، وليس بفرض خيارات أحادية حزبية ضيقة الأداة والهدف.
أهل غزة يتطلعون لتجديد شرعية قياداتهم كما يفعل العدو الإسرائيلي مع قياداته وها هي المستعمرة تستعمل الانتخابات التشريعية للمرة الثالثة خلال سنة واحدة، بينما الانقسام يحول دون ممارسة الشعب الفلسطيني للانتخابات رغم أن قياداته تفتقد للولاية وللشرعية، وإذا تعذر  ذلك يجب أن لا يكون على حساب إجراء الانتخابات البلدية ومجالس طلبة الجامعات والنقابات المهنية إذا توفرت حقاً الجدية لدى حكام غزة واحترامهم لخيارات شعبهم.
 
ما الذي يدفع أهل غزة للانكفاء وعدم التجاوب مع دعوة حماس للتظاهر وعدم المشاركة في المسيرات لولا أنهم يشعرون بالتلاعب بمصائرهم لمصلحة حزبية أحادية ضيقة، فقد ألغت حماس مسيرات العودة وحوّلتها من أسبوعية إلى موسمية، وها هي مسيرات القدس والمسجد الأقصى تؤكد على أن خيار التوجه نحو حدود 48 لم يعد قائماً، دلالة على تجاوب حماس مع مطلب حكومة المستعمرة وشروطها ضمن اتفاق التهدئة وتفاهماتها مع حكومة نتنياهو وأجهزته الأمنية، وهو ما سبّب الاحتجاج الصامت الضمني لدى الفصائل الفلسطينية وجموع أهالي غزة وعبروا عن احتجاجهم في عدم الاستجابة لدعوة حماس في التظاهر وعدم المشاركة في مسيرة الجمعة، بهدف توصيلهم رسالة واضحة أن أهل غزة ليسوا أدوات لتحقيق مصالح حزبية أحادية.
أهل غزة لم يتجاوبوا مع دعوة حماس يوم 3/1/2020، ولكنهم سبق وأن تجاوبوا مع دعوة حركة فتح للاحتفال بيوم الانطلاقة، فكان تجاوبهم يوم الأربعاء 1/1/2020 بمئات الالاف الذين احتشدوا احتفالاً مع الذكرى العزيزة على قلوبهم لأنهم هم صناعها وطليعة المشاركين في ولادتها.
صحيح أن نجاح احتفالات فتح يعود إلى خيار وحدوي مارسته كل قواعد حركة فتح ومؤيديها، بما فيها إعلان النائب ماجد أبو شماله باسم تيار الإصلاح الديمقراطي ودعوته للمشاركة في مهرجان مركزي واحد لحركة فتح الواحدة الذي دعت له لجنتها المركزية وممثلها بغزة أحمد حلس، وأعطى الانطباع الحقيقي لدى المراقبين أن فتح مازالت أول الرصاص وأول الحجارة.