Wednesday 15th of October 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2025

الحسين في باريس.. تعزيز للحضور الأردني في المشهد الدولي
الراي - 
تأتي زيارة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلى العاصمة الفرنسية باريس (8–9 تشرين الأول)، في توقيت سياسي شديد الحساسية إقليميًا ودوليًا، لتؤكد أن الدبلوماسية الأردنية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وبتكامل أدوارها مع سمو ولي العهد، ماضية في ترسيخ حضور الأردن كلاعب فاعل في ملفات الإقليم، ومدافع صلب عن قضاياه المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
 
تمثل هذه الزيارة الرسمية الأولى لسمو ولي العهد إلى الجمهورية الفرنسية، استجابة لدعوة شخصية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بما يعكس عمق التقدير المتبادل بين القيادتين، ويؤشر إلى مكانة سموه المتنامية على الساحة الدولية بوصفه امتدادًا لنهج جلالة الملك في الانفتاح والتواصل وبناء التحالفات الإيجابية.
 
الاستقبال الرسمي في قصر الإليزيه والاجتماع مع رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي حملا دلالات تقدير واضحة للدور الأردني ورؤية سمو ولي العهد في ظل التحديات الإقليمية المتسارعة.
 
في لقاء سمو ولي العهد مع رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرارد لارشيه، برز بوضوح الموقف الأردني الثابت من العدوان على غزة، إذ ثمّن سموه جهود البرلمان الفرنسي لتحقيق السلام والاستقرار في الإقليم، وأشاد بدور فرنسا في حشد المواقف الدولية لإنهاء الحرب على غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، إضافة إلى مساهماتها الإغاثية للأشقاء في القطاع.
 
هذا التأكيد يرسخ النهج الأردني في الجمع بين الدبلوماسية الهادئة والمواقف الصلبة، ويكشف عن تنسيق عميق مع الدول الأوروبية المؤثرة في سبيل وقف المأساة الإنسانية في غزة، ودعم الحل السياسي العادل والشامل.
 
في الجانب التنموي، بحثت لقاءات سمو ولي العهد سبل توسيع التعاون مع فرنسا في مجالات التكنولوجيا، وبناء المهارات، والاقتصاد الرقمي، في سياق اهتمام الأردن ببناء جيل جديد من الكفاءات القادرة على قيادة الاقتصاد المعرفي.
 
وقد زار سموه المركز الرئيس لشبكة «42» الفرنسية المتخصصة بتعليم علوم الحاسوب والبرمجة مجانًا، والتي افتتحت مؤخرًا فرعها في الأردن بالتعاون مع مؤسسة ولي العهد، ما يعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي لتطوير المهارات الرقمية.
 
كما شملت الزيارة مجمع الشركات الناشئة «Station F»، أحد أكبر حاضنات الابتكار في العالم، تأكيدًا على رؤية سموه بربط الشباب الأردني بمصادر الإبداع العالمية.
 
في بُعد آخر، عقد سمو ولي العهد لقاءً مع رئيس أركان الجيش الفرنسي الفريق أول فابيان ماندون، حيث تم بحث التعاون العسكري العملياتي والتدريبي واللوجستي، في امتداد للشراكة الوثيقة بين القوات المسلحة الأردنية والجيش الفرنسي.
 
كما زار سموه فرقة تدخل الدرك الوطني في باريس، وبحث مع القائد العام لقوات الدرك الفرنسي اللواء غيسلان ريتي آفاق توسيع التعاون بين الجانبين، وهو ما يعكس اهتمام سموه المباشر بتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للمملكة في إطار تبادل الخبرات والتدريب مع شركاء الأردن الاستراتيجيين.
 
اللقاء المرتقب لسموه مع المدير الجديد لمنظمة اليونسكو، وهو أول عربي يتولى هذا المنصب، يحمل بُعدًا ثقافيًا وإنسانيًا لافتًا، إذ يبحث التعاون في مجالات الحفاظ على التراث والمواقع السياحية والتعليم التقني والمهني، بما ينسجم مع الجهود الأردنية لحماية الهوية الثقافية وإحياء التراث الوطني والعالمي.
 
في المحصلة، زيارة سمو ولي العهد إلى باريس كانت أكثر من محطة دبلوماسية، فهي رسالة تثبيت للدور الأردني كجسر توازن بين الشرق والغرب، وكتأكيد على أن الأردن لا يتحدث فقط باسمه، بل يعكس ضمير المنطقة في دفاعهعن العدالة والاستقرار.
 
لقد جمعت الزيارة بين الرسالة السياسية الداعية إلى وقف الحرب على غزة، والرسالة التنموية المعنية بتمكين الشباب وبناء اقتصاد المستقبل، والرسالة الدفاعية القائمة على الثقة والتعاون الأمني مع الشركاء الدوليين.
 
وفي كل ذلك، يبرز حضور سمو ولي العهد كامتداد طبيعي لنهج القيادة الهاشمية في حمل قضايا الأمة إلى المحافل الدولية، بثقةٍ ووضوحٍ ووعيٍ بمسؤولية التاريخ والجغرافيا.