Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Feb-2019

هل يَدخُل «الشَيخ» الغنوشي قصر قرطاج التونسي «رَئيسَاً»؟*محمد خروب

 الراي

لم تتبدّد بعد الشائعات التي تملأ الفضاء السياسي والحزبي التونسي,المُمزّق والمنزَلِق إلى تراشقات إعلامية متفاوتة اللهجة والقوّة،خصوصاً التي تحدّثت عن نِية لدى"الحزب الأقوى"في تونس,بعد ثماني سنوات من ثورتِها,والمقصود هنا"حركة النهضة"الإسلامية,نِيّتها ترشح زعيمها الشيخ راشد الغنوشي رئيساً للبلاد,بعد أن فكّت(كلامِياً) ارتباطها التنظيمي مع جماعة الاخوان المسلمين الأم.فيما هي ما تزال تُمسِك بخيوط اللعبة..تُناوِر وتستثمِر الخلافات المُستجدة بين صفوف شريكها"السابِق"في الحكم(نداء تونس)الذي تواصَلَت فيه الإنشقاقات,على نحو بات(حتى الان) ثلاثة أحزاب,هي"تحيا تونس» الحزب الوليد الذي عمِل على إشهاره رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد,ساحِباً من الحزب الام اكثر من اربعين نائباً,وكان سبَقَه الى انشقاق"أوّل"القيادي محسن مرزوق,فيما اصبح ما تبقّى منه يُعرَف بـ"جناح حافظ السِبسي"نجل الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي,حيث اتّهمَه خصومه..سواء مَن انشَقّ مبكراً او آثر الإنشقاق مُؤخرا مثل يوسف الشاهد,بانه(نجل الرئيس)دمّر حزب"النداء"ويروم خلافة والده في رئاسته,رغم عدم امتلاكه المواصفات والكاريزما التي تُؤهِّله لِموقِع كهذا...على ما يقولون.
 
وعلى رغم إعلان الشيخ الغنوشي زهده في المناصب,إلاّ ان اللغة المُلتبِسة – وغير الحاسمة–التي تحدّث بها في لقاءات وندوات عديدة,تشي بان الحركة وخصوصاً"زعيمها"تريد من وراء عدم حسم المسألة,استثمارها في ماراثون السِباق المحموم,بين القوى السياسية والحزبية التونسية على مقاعد البرلمان وخصوصاً المقعد الرئاسي,في الانتخابات المُتوقّعة نهاية العام الجاري.والتي بدأت تأخُذ طابعاً من السخونة منذ الآن.وللمُتابِع ان يلحظ الغموض الذي تَستبطِنه التصريحات الصادرة عن الغنوشي نفسه,تماما كما هوعليه المُتحدِّث باسم حركة النهضة عماد الخميري عندما يقول الاخير في تفسيرٍ يفيض التباساً لتصريح أطلقه الغنوشي:»...الاستاذ راشد الغنوشي عبّر عن موقف شخصي،لكن مؤسسات الحركة يُمكِنها ان تُراجِعه في ذلك».فيما كان الغنوشي نفسه قال في تلاقٍ مُبرمَج – في ما نحسب – مع ما تُخطِّطه له قيادة الحركة:"انا لا أحمِل طموحا شخصيا لتولّي المناصب والترشيح– مُضيفاً سماحته – ليس امراً شخصيا وانما ملف يحسمه الحزب– مُشدِّداً في الوقت عينه ـــ على أن «القانون لا يَمنعه من الترشُّح».
 
قد يكون ذلك تكتيك مقصود من هذه الحركة الاسلاموِية لخلط الاوراق واستدراج العروض وعقد الصفقات,في بلد لم تنجح الحكومات التي تولّت السلطة فيه طوال السنوات الثماني التي انقضت على"ثورة جانفي",إنجاز او الوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها امام شعبها,الذي أسقَط حكم بن علي الإستبدادي/الأمني,وبخاصة على صعيد الخدمات والوظائف ومحارَبة الفساد,ما اسهم في ارتفاع منسوب الإحتقان الإجتماعي والإقتصادي وتعميق الإنقسام والإستقطاب السياسي.
 
الاّ انها – حركة النهضة–وبعد القطيعة التي أعلنَها الرئيس السبسي معها قبل اشهر معدودات,واتهامه الصريح لها بمغازَلة بل ودعم طموحات وتطلّعات رئيس الحكومة يوسف الشاهد,ورفضها دعم شريكها(نداء تونس)لإقالة حكومته،انما كانت تُراهِن على إضعاف الحزب وإخراجه من المشهد السياسي أو تحجيمه,بعد ان تمزّق ولم يعد في جعبة ما بات يُعرَف بجناح حافظ السبسي,الا العدد القليل وغر المُؤثِّر من نواب البرلمان الذين قد لا يعودون الى مقاعدهم,في الانتخابات البرلمانية المُقبلة خريف العام الجاري.بعد ان حلَّ في المرتبة الاولى في انتخابات العام 2014.
 
حركة النهضة ايضا تُناوِر وتُبقي على"اوراقها"لإظهار قوّتِها في مواجهة حملات احزاب اليسار والقوى الأُخرى المناوئة لها,والتي تتّهِمها بالوقوف خلف الإغتيالات التي طالت رموزا يسارية ونقابية مثل شكري بلعيد ومحمد البراهمي,بل لم يعد خافياً على احد ان اتهامات مُعلَنة تُساق لحركة النهضة,بان"جِهازَها السِرِّي"هو الذي تورّط في هذه الاغتيالات,وهي اتهامات تنفيها"النهضة"وتقول: إن ليس لها جهاز كهذا الذي تُتّهم بانها أقامَته قبل الثورة وما يزال فاعلاً.
 
في الخلاصة...فان احتمالات ترشّح الشيخ راشد الغنوشي,التي تبدو غامِضة وغير مُؤكّدة حتى الان،تشي – اذا ما حدَثَت – بان الشيخ وحركته لم يتّعِظّا من التجربة الخائِبة والبائِسة والحمقى التي أقدم عليها"إخوانهم» في مصر,عندما لم يكتفوا بحصد أغلبية مقاعد مجلس الشعب(اسمه البرلمان المصري وقتذاك),بل نكثوا وعودهم وأداروا ظهورهم بازدراء لتصريحاتهم,التي"جَزَمَت"انهم لن يُرشِّحوا أحداً منهم للتنافس على منصب الرئاسة,ما لبثوا ان دفعوا بـ"اخ"من كوادر الدرجة الثانية للتنافس اسمه محمد مرسي,فتم"تفويزه"في لعبة قذِرة تكشّفَت لاحقاً,حيث تواطؤ المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي مع قوى خارجية إقليمية ودولية لتمكين «إخوان مصر» من المحروسة والمنطقة. وبقية القصة معروفة.
 
الاّ أن احتمالات ان يُصبِح الغنوشي(وحركته)صانع المُلوك من خلف الستار والمُمسك بالقرار وخيوط اللعبة تبقى واردة.بمعنى ان يأخذ بيد يوسف الشاهد زعيم الحزب"الأحدث"على الساحة التونسية,ويدفع به نحو قصر قرطاج,نكاية بالرئيس السبسي كتصفِية حساب «أخيرة"معه,بعد شراكة مُتوتِّرة استمرت سبع سنوات ونيف.وهي اساليب برَع ويبرع فيها الإخوان المسلمون,لكنهم قد يدفعوا ثمنا باهظاً في النهاية...والأيام ستقول.