Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Feb-2018

دور المرأة في مشروع التنمية الوطنية دوراً مزدوجاً (1) - د. آية عبداالله الأسمر

 الراي - عندما نتحدث عن مشاريع التنمية الوطنية، ونقول إننا مهتمون بشؤون تنمية المجتمع المحلي، فإننا نتجه بأبصارنا وبخططنا مباشرة إلى فئتين محددتين في المجتمع دون سواهما؛ المرأة والطفل. هذا التحديد والتوجيه لمشاريع التنمية ليس توجيها انتقائيا وتمييزيا ولا يرتكز على نية مبيتة تتطلع إلى تهميش وإقصاء بقية أفراد المجتمع عن عملية تنموية شاملة تستوعب بخططها وأهدافها ونشاطاتها وفعالياتها جميع فئات وعناصر وشرائح المجتمع، ولكن بات من المعروف لدينا أن النهضة الوطنية وازدهار الدولة وانفتاحها وتقدمها ومسايرتها ركب الحضارة لا يتم من خلال تعليب وتغليف واستيراد التجربة الحضارية من الخارج ومن ثم توزيعها وتسويقها محليا، لقد أثبت لنا الزمن وعلّمتنا التجارب أن عملية تهريب التجارب من الخارج إلى الداخل دون إخضاعها للمساءلة والتفتيش والنقد والتحليل والتمحيص والغربلة مسألة غاية في الخطورة ولا تقل عواقبها الوخيمة وأخطارها الفادحة بل وتضاهي نتائجها المدمرة على الدولة الآثار السلبية الناجمة عن عمليات تهريب المخدرات والسلاح والرقيق الأبيض، صفقات الاستيراد وعمليات التهريب هذه علاوة على كونها غير قانونية وفاقدة للشرعية، فإن مقاساتها لا تناسب تفاصيل الجسد العربي تاريخيا ودينيا واجتماعيا وثقافيا وفكريا وأخلاقيا ونفسيا، وألوانها المستوحاة من تاريخ التجربة المعنية وتراثها وثقافة مجتمعها لا تتناغم وسمرة البشرة العربية بخصوصية هويتها وتكوينها النفسي والعقائدي والفكري والثقافي والبيئي.

يتضح لنا الآن أن التنمية الوطنية ليست مشروعا استثماريا بل هو مشروع وطني يقوم على أكتاف أبناء الوطن كافة، وتتحمل الدولة بأجهزتها الحكومية ومؤسساتها الرسمية الجزء الأكبر والأصعب من المسؤولية، بحيث تقوم بإرساء قواعد وأسس هذا المشروع بشكل مباشر لتجعل منه شرطا أساسيا من شروط مواطنة المواطن وجزءا لا يتجزأ من واجباته تجاه الوطن، لا ترف خيار وحق من السهل التنازل عنه أو تجاهله وإغفاله، كما أن الدولة مسؤولة بصورة غير مباشرة عن طريق دعم مؤسسات المجتمع المدني الهادفة إلى تنمية المجتمع المحلي من خلال دعم ومباركة وتشجيع عمل هذه
المؤسسات وتمرير مشاريعها ونشاطاتها وتوفير كل السبل المتاحة لتفعيل دورها وتسهيل مهامها، والتنسيق ما بين الجهود الحكومية والمؤسساتية والفردية للحصول على مشروع متكامل ومثمر يجني ثماره جميع شرائح المجتمع في شتى المناحي والمجالات، مما يعود بالنفع على الدولة وعلى أجهزتها الحكومية وعلى اقتصادها وأمنها واستقرارها وسياستها.
 
مما تقدم يمكننا أن نتفهم ونستوعب أهمية وحتمية التركيز على إنشاء ودعم وتفعيل وتطوير برامج تعليم المرأة وتثقيف المرأة وتوعية المرأة وعمل المرأة وتمكين المرأة، وكل المشاريع المتعلقة بالمرأة وتعليمها وتثقيفها، وتحرير قدراتها الذاتية وطاقاتها الإبداعية، وتوفير فرص عمل لها تساعدها على الاكتفاء الاقتصادي وتقيها ذل الحاجة ومرارة الخضوع من أجل لقمة العيش، وتمكينها على الصعيد الوطني كمواطنة تكفل لها مواطنتها كافة الحقوق، وعلى الصعيد الشخصي كفرد يتمتع بكافة حقوقه الإنسانية، وعلى الصعيد الاجتماعي من خلال ثورة فكرية راديكالية تقلب موازين سي السيد رأسا على عقب وتفتح أبواب الحرملك للحريم للانطلاق والانخراط في بناء الحضارة الإنسانية كضلع أساسي من ضلوعها عوضا عن عمليات النفي والإقصاء التي مورست ضد المرأة في الفكر العربي والثقافة الشرقية اللذين سجناها بعود الكبريت خلف غشاء البكارة واقتصرا وجود وفكر وعلم وثقافة وعمل وإنجازات وطموحات المرأة في الجنس ومفاتن الجسد وأدوار الجارية الحسناء المضطهدة، وألعاب السحر والمكائد والنميمة والغيرة والخرافات.
 
المرأة العربية اليوم قد تسلمت الكثير من الزمام وبيدها العديد من مقاليد الحكم ومفاتيح السلطة إلا أن العديد من النساء ما زلن يناضلن ويكافحن من أجل الحصول على أبسط حقوقهن في الحياة والكرامة والتعليم والعلاج والعمل والاستقلالية، من هنا فإننا ندعو لا إلى تغيير جزئي ومرحلي في فكر وثقافة الشعب نحو المرأة ودورها في الحياة، بل إلى تغيير جذري ورئيسي ودائم ومنهجي ومنطقي ومدروس نحدثه من خلال إبادة ثقافة باطلة وجائرة لكنها سائدة واستحداث فكر ورؤية جديدين وحقيقيين وعادلين تجاه المرأة، وهذا لن يتم من دون إيمان وتدخل ومساعدة وعمل ومثابرة المرأة التي نطالبها اليوم بإثبات ذاتها وجدارتها خارج المنزل بالإضافة إلى إلزامية إقناع الآخرين بجدارتها وبكينونتها وبعدالة قضيتها داخل المنزل.