Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Aug-2017

تراجيديا إسرائيلية - حامي شيلو

 

هآرتس
 
الغد- بنيامين نتنياهو هو تراجيديا إسرائيلية، لنا وله أيضا. الفجوة بين ما يمكن أن يكون وبين ما يخرج عنه في نهاية المطاف، لا يمكن تخيلها. فهو مثقف ومتعلم ومواظب ومصمم ورجل سياسة وتكتيك من الدرجة الأولى. ولكن بدل أن يصبح زعيما يؤيده العالم والشعب فإنه بحاجة إلى أن يصلي من أجل نجاح دافيد بيتان في تجنيد المؤيدين المستفيدين كي يؤدوا له التحية في حدائق المعارض.
 خطاب نتنياهو في مهرجان التأييد له في الاسبوع الماضي، الذي كان مثابة ادارة ظهر لسلطة القانون والديمقراطية، أثار التخوفات والتحفظ لدى المشجعين المنفعلين والمتحمسين، مع قادة الليكود ومع عضوة الكنيست نافا بوكر، التي هزت ذيلها بجانب سارة نتنياهو والتقطت صورة عن قرب وهي تحرك رأسها للجمهور مثلما كانت الحال في تلفاز رومانيا في عهد تشاوتشسكو. وهذا الحدث كان أكثر اقلاقا. نتنياهو يتوق الى العودة الى رحافيا، كما كتب هنا رازي بركائي أول أمس، لكنه علق في نهاية المطاف مع "العائلة". وقد كان باستطاعته الجلوس على قمة العالم، لكنه فضل السباحة في المياه الضحلة.
لقد أبعد نتنياهو السياسيين الحكيمين عنه، الذين كان من شأن وجودهم أن يرفعه الى أعلى، واكتفى بالمتهكمين والوسطيين والفاسدين الذين يقزمونه، وتنصل من المستشارين الذين لهم وزن وقام بتجنيد المتملقين وابتعد عن المفكرين الكبار وأحاط نفسه بالاثرياء والمحامين ومحبي الاستغلال. فهو يؤيد ويحب ديكتاتور فاسد مثل بوتين، ويتملق لرئيس مثل ترامب، ويشكل غطاء لشخص لاسامي مثل فيكتور اوربان، من نوع قل لي من هم اصدقاءك وسأقول لك من أنت.
 توجد لبنيامين نتنياهو انجازات عسكرية واقتصادية. ولكن في كتب التاريخ سيسجل أن الامكانية كانت كبيرة وخيبة الأمل كانت كبيرة ايضا. وأنه كان باستطاعته أن يهب نفسه لتعزيز الديمقراطية وعدم الوقوف على رأس من يقومون بتدميرها والعمل على استئصال الفساد من السلطة، لا أن يكون من أكبر الفاسدين كما تبدو الصورة. وأن يدعو الى تقبل الآخر وليس الى الكراهية، والعمل من اجل الوحدة بدل التحريض، وتقريب الاقليات بدل ابعادها واعتبارها عدو للدولة. كان يمكنه ايضا تشكيل حكومة معتدلة ومختلطة، لكنه فضل حكومة يمين دينية ومنفعلة. وكان باستطاعته التقدم في العملية السلمية، لكنه فضل قتل هذه العملية.
 إسرائيليون كثيرون كانوا يؤيدون نتنياهو ويُقدرونه يأملون الآن ذهابه. يهود امريكا الذين احترموا التراب الذي يمشي عليه لا يريدون الآن الاستماع اليه. وايضا صور آلاف المؤيدين في مهرجان حدائق المعارض هي "أنباء مفبركة". فمعظم مصوتي الليكود، حتى لو استمروا في التصويت له، يعرفون مع من يتعاملون. فهم يعرفون أنه باع نزاهته مقابل زجاجات الشمبانيا والسيجار.
بدل أن ينظر نتنياهو في المرآة ويسأل نفسه كيف سقط في الحفرة العميقة، وأن يراجع نفسه بسبب الاخفاقات، هو يفضل لعب دور الضحية، والتباكي وتبرير انعزاله بمواقفه السياسية، وليس بسبب شخصيته المشوهة. والتمسك بنظرية المؤامرة الهذيانية عن اليسار ووسائل الإعلام. سواء كان هذا بسبب الشعور بالقمع الذي ورثه عن والده، والعيش في ظل أخيه المقدس صاحب الامكانيات، أو بسبب مشكلة أخرى تراكمت مع السنوات، فان نتنياهو غارق بارادته في وحل الهوس والخوف ومشاعر الدونية والاجحاف. هذا هو الخلل الكبير في شخصيته، الذي يؤدي مثلما هي الحال في كل تراجيديا يونانية أو إسرائيلية، الى نهاية محزنة ومخجلة.