Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2019

المسؤول الرؤيوي أمني*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-علينا أن نسعى لمجابهة بل لوقف التقهقر العام، الذي يفسر وجود عدم الثقة بين أطراف العملية السياسية، وحتى نفسر هذا يجب علينا طرح السؤال: لماذا الحكومات في وادٍ، والناس في وادٍ آخر أي لماذا نفقد الثقة شيئا فشيئا فيتم التغاضي عن إيجابيات الأداء الرسمي؟ هل ثمة بيننا من يقتنع بأن السياسي يقوم بعمله وينجح؟!.

 
نكتشف بأن المشكلة أعمق، حين نعلم بأن لدينا أجيالا من الشباب الأردني لا تكترث مطلقا بالشأن العام، ولا تتابع شيئا، سوى ما تجود به صفحات التواصل الاجتماعي من رداءة أو إثارة مفتعلة أو إشاعة وصور وفيديوهات فاضحة، وكثيرون أيضا لا يحبذون لا القراءة والتحدث ولا التفكير بالعربي..وهي مشكلة لا تقتصر على الأردنيين فقط، بل هي مشكلة عالمية، لكن ملامحها أكثر وضوحا في المجتمع الأردني، لاعتبارات تتعلق بالهوية، وبالتكوين النفسي والفكري «التاريخي»، الذي عمل على تهيئة ظرف مناسب لنمو هذه الظاهرة.. وهي أيضا خبر عن اتساع وعي الأردني، لكنه اتساع يقوده الى مزيد من ابتعاد عن الجذر، وتمنحه ديناميكية في تقبل ثقافة العولمة دون أن يتريث قليلا، ويحاكم ثقافته الأصيلة في مدى انسجامها أو اختلافها مع ثقافة العولمة والسوق.
 
الكلام استنتاجي وفلسفي الى حد ما، لكننا نفهمه حين نقارن بين أداء بعض المؤسسات ونمط تفكير من يديرونها، وهنا أذكر مثالا ذكرته مرارا وكتبت عنه في هذه الزاوية، وهو يتعلق بالأمن وبتقدمية أفكار من يديرون الأجهزة الأمنية، فالتزامهم وأداءهم المنضبط والمنفتح وتمتعهم بالرؤية البعيدة، وصدقهم وأمانتهم، كلها صفات ساهمت في نجاحهم وزيادة ثقة الناس بهم، مقارنة مع كثير من السياسيين الرسميين وغيرهم، بل إن العبء الناجم عن إخفاقات السياسة وأهلها يقع ثقيلا على كاهل الأجهزة الأمنية، وينذر بكوارث لو كان الأمنيون يفكرون كما يفكر كثير من السياسيين، لكنهم لا يفكرون مثلهم ولا يحاولون شراء وقت فهم إجرائيون، ملتزمون بالرؤى الملكية والوطنية، وهامش حركتهم محدد سلفا، لذلك هم لا يخطئون، وإن أخطأوا فسرعان ما يتراجعون عن الخطأ ويعالجون سببه حتى لا يحدث ثانية.
 
ومن الذين نجحوا فعلا في إدارة شؤون مؤسساتهم بنجاح لافت، القيادات الأمنية والعسكرية، الذين يستندون الى القانون ويلتزمون به في الإدارة، ويلتزمون تماما بالرؤية الملكية التي يقدمها جلالة الملك، ويؤكدها في كل مناسبة، لا سيما تلك التي تتعلق بتحقيق أمن الوطن والناس وببناء الثقة بين المواطن والدولة، وتكرس الإصلاح كمبدأ في هذه المرحلة وليس مجرد استراتيجية..
 
 
 
فالرؤية الوطنية البعيدة تتجلى مثلا بقناعة مدير الأمن العام بأهمية أن يتعامل رجل الأمن مع المواطن، كشخص موجود لخدمة المواطن والوطن وحفظ حقوقه وكرامته بالقانون، فهو يبتعد بل يجابه المفهوم السلطوي في نظرة الناس لرجل الأمن العام، ويقول « رجل الأمن العام يقدم خدمة للناس بموجب قانون يلتزم به حرفيا، ولا يتجبر أو يتكبر على الناس بأنه شخص يملك سلطة أخرى غير القانون، وهذا ما يلمسه المواطن في تعامله مع رجل الأمن، وإن ثبت غير ذلك فالاستجابة من مدير الأمن سريعة وحاسمة والشواهد على هذا كثيرة».. 
 
وحين نتحدث عن الرؤية وعن الديناميكية والالتزام بالإصلاح وتحسين مخرجات العملية الأمنية بأبعادها الاجتماعية والنفسية والإنسانية، فنذكر حجم التعاون الذي يدشنه جهاز الأمن العام مع المؤسسات الأكاديمية والثقافية والاجتماعية، نذكر منها على سبيل المثال أيضا التعاون بين مديرية الأمن العام من خلال مراكز الإصلاح والتأهيل، وبين جامعة البلقاء التطبيقية، في مجال منح دبلوم أعمال متوسط لبعض من مرتبات الأمن العام العاملين في هذه المراكز، وهي شهادة دبلوم متوسط، يتخرج على أساسها المنتسبون، ويكونون مؤهلين للإشراف على البرامج والسياسات التدريبية والمهنية التي تعتمدها مديرية الأمن العام في مراكز الإصلاح والتأهيل، وهذا تعاون فريد من نوعه في الشرق الأوسط، يعبر تماما عن التزام مدير الأمن العام برؤية إصلاحية، لإعادة تأهيل هؤلاء الناس كي يستعيدوا حياة حرة كريمة، تحظى مبادؤها باحترام أي منظر أو مختص بحقوق الإنسان، وبتأكيد فكرة أن هذه الأجهزة التنفيذية الأمنية، ملتزمة برؤية بناء الإنسان والأوطان..