Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Jun-2018

الأردن لم يغادر مربعه الإنساني.. ولا قدرة لديه لتحمل المزيد من اللاجئين - رومان حداد

 الراي- الحملة العسكرية التي تقوم بها قوات النظام السوري عبر البراميل المتفجرة، والتي تستهدف الجنوب السوري تحت عنوان محاولة النظام السوري فرض سيطرته واستعادة سيادته على هذه المناطق، التي كانت من أولى المناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

هذا القصف دفع بمئات الآلاف من المدنيين القاطنين في مناطق النزاع الجديد للنزوح بعيداً عن أماكن سكناهم خوفاً من الموت المجاني، وبدأ البعض يترقب الموقف الأردني من السوريين الذين يضغطون على حدوده مرة أخرى هرباً من الموت وبحثاً عن ملجأ.
ما يتم اليوم هو حالة مختلفة عما كان يحدث قبل سبع سنوات، حين تصدى الأردن لدور تاريخي وإنساني
واستضاف مليوناً و 300 ألف لاجئ سوري على أراضيه، وقاسمهم، عن طيب خاطر، كل ما يملك من ماء وغذاء
وبنى تحتية، ورغم انعكاس ذلك بصورة واضحة على الحالة الاقتصادية للدولة الأردنية، والكلفة الأمنية التي
يفرضها اللجوء ورغم ابتعاد المجتمع الدولي عن تحمل مسؤوليته كاملة في دعم الأردن لقيامه بهذا الدور
الإنساني، إلا أن الأردن ظل صامداً مؤمنا بدوره، وظل أشقاؤنا السوريون معززين في معيشتهم في الأردن
بصورة أكبر من قدرات الأردن الاقتصادية ولكنها تتواءم مع قدرات الأردن العروبية والإنسانية.
لماذا يختلف الحال اليوم عن سابقه، سؤال يتوجب طرحه ويستحق تقديم إجابة وافية له، حتى لا تبقى هذه
المسألة كثقب ينفذ منه من يريد إيذاء الأردن وممارسة الضغط عليه، أملاً بإجباره على اتخاذ خطوة تؤذي
الأردن والتوازن السوري، وتهدد المنطقة بأكملها.
فكما يعرف الجميع تم إعلان الجنوب السوري كمناطق تخفيف الصراع «خفض التصعيد» وتم ضبط المنطقة
بتوافق ثلاثي ضم كلاً من الأردن والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، واستطاع الأردن توجيه إمكانياته
لاستدامة حالة تخفيف النزاع، حتى بدأ لوهلة وكأن منطقة الجنوب السوري باتت خارج دائرة الصراع الملتهب
في سورية، مع إدراك تام لأهمية نجاح هذه التجربة وإمكانية تعميمها للوصول لحل سياسي للأزمة السورية،
وهو الموقف الأردني الثابت منذ بدء الأزمة.
ولكن، ورغم بعض الإنذارات المبكرة، لم يكن من المطروح تفجير حالة الجنوب السوري لما لها من حساسية،
وآثار تمتد لتشمل المنطقة بأكملها.
فاليوم، وإن كان جيش النظام السوري هو الذي يوجه الضربات نحو الأرض، ولكن المعلومات تقول أن من سيقف على الأرض ليس هو الجيش السوري بل قوات موالية لنظام الملالي في إيران، فهذا يحقق الرغبة الفارسية بالاقتراب من الأردن لتكون تهديداً له وتضغط على حدوده، وبالتالي فهي تضغط على الحدود الشمالية الخليجية، فيكتمل الحصار الفارسي لدول الخليج من الشرق والجنوب والشمال وبعض نواحي الغرب، كما يقترب الفارسيون من الحدود الإسرائيلية فيبقون المنطقة بحالة سخونة جاهزة للانفجار.
ما يدركه الأردن بصورة واضحة هو أن ما يتم اليوم أيضاً هو حالة تهجير قسري لإحداث تغيير ديمغرافي في
منطقة حساسة، فكما تم العمل بصخب وهدوء بمراحل مختلفة على محافظة حمص السنية، بحيث تم تفريغها بالترهيب تارة وبالترغيب تارة أخرى من سكانها السنة، وزرع سكاناً من الطائفتين العلوية والشيعة لتغيير وجه الوسط السوري، وجعله مرتبطاً ديمغرافياً من الحدود الشرقية اللبنانية للوصول إلى الضاحية الجنوبية لبيروت المطلة على البحر المتوسط، فإن العمل يتم اليوم على مناطق الجنوب السوري.
جلالة الملك عبداالله الثاني يدرك خطورة تغيير المنطقة ديمغرافياً، ويدرك خطورة الضغط على الأردن داخلياً
إذا ما تم فتح الحدود، لأن ذلك يهدد الأمن الوطني للأردن، ويهدد الوجود الأردني فعلياً، ويدرك قدرة الأردن
على الصمود في مواجهة الضغوط غير المنصفة على الأردن، فالأردن قام بدوره وأكثر، وتحمل ما تنوء عن
حمله دول عظمى، وظل صامداً كملاذ للأشقاء، ولكن حين يكون الأردن على المحك فالمصلحة العليا تتطلب
أن يقول الأردن كلمته من دون تردد أو تلكؤ، فالأردن وطن العرب وليبقى كذلك يجب أن نحميه وأن نقف معاً
لنقول لا، لن نفتح حدودنا ولن نعتذر، فتاريخنا وحاضرنا يقول ما يكفي عن نصرة الأشقاء في أحلك ظروفهم.