Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2018

الاعتماد على الذات - فيصل ملكاوي

 الراي - صحيح ان التحدي الاقتصادي في الاردن صعب وهذه حقيقة لا ينكرها احد ، اذ ساهمت عوامل كثيرة في خلق هذا التحدي ومراكمته ، منها ذهاب العديد من الحكومات على مدى عقود الى ترحيل الازمات وعدم اتخاذ القرارات الاصلاحية المناسبة في وقتها ، وايضا الاقليم الملتهب حول الاردن ما ادى الى اعاقة خطط تحديث الاقتصاد الوطني وخسارة اسواق تصديرية وتجارية كبيرة مثل السوق السوري ومنه الى لبنان وتركيا ، وقبله السوق العراقي خلال سنوات طويلة وايضا خلال السنوات الاخيرة التراجع الكبير في المساعدات الخارجية التي كانت تساهم في دعم الموازنة وتمويل المشاريع التنموية المختلفة.

لكن ما هو غير صحيح الركون الى ان التحدي الاقتصادي ، لايمكن التغلب عليه بل يمكن ولا مستحيل في هذا الشان ومن خلال استثمار الامكانات المتاحة واولى هذه الامكانات الانسان الاردني ، وترتيب الاولويات ، والمضي بعزيمة بمسيرة الاصلاح الشاملة والشفافية وسيادة القانون والحرص الدؤوب على الموازنة بين خطط الاصلاح الاقتصادي وحماية الطبقتين الفقيرة وذوي الدخل المحدود ونقلهما الى الطبقة الوسطى وتعزيزها وهي الطبقة التي تعد ركيزة المجتمعات وصاحبة الفاعلية والتاثير في ادامة وحيوية الزخم الشامل في كافة نواحي الحياة.
 
الامثلة كثيرة في الاقليم والعالم ، على اقتصادات اصبحت كبيرة ، قفزت خلالها في فترات زمنية معقولة من مربع الازمة الاقتصادية الخانقة وارتفاع المديونية ونسب البطالة الى فضاءات عملاقة من البحبوحة الاقتصادية وخلق فرص العمل وانتعاش اجواء وبيئة الاستثمار والتجارة والتصدير ، والامتداد بالجودة والتنافسية الى اوسع الاسواق ، بل ووصلت كثير من تلك التجارب الى درجة تصفير المديونية وتحولها من دول مدينة بمليارات الدولارات الى دول دائنة وتساهم في انعاش اقتصادات دول العالم علما ان مثل هذه الدول تتشابه مع الاردن في كثير من الظروف والمحددات خاصة محدودية الموارد الطبيعية ، ومن الامثله على ذلك تجربة تركيا قبل نحو عقدين وتجارب في دول جنوب شرق اسيا وكثير من التجارب ايضا حول العالم في هذا المضمار من خلق النجاح الاقتصادي من رحم الصعوبات والتحديات.
 
والاعتماد على الذات في مواجهة التحدي الاقتصادي في الاردن ، هو مفهوم يمتلك مقومات النجاح ، ولديه الروافع الكفيلة بالمضي به قدما ، على شكل برنامج شامل ، يعظم الركائز التي يمكن الاستناد اليها لترجمة هذا المفهوم المناسب جدا للاردن بل والمطلوب ، اذ ان الموارد البشرية الكفؤة والمتعلمة والمدربة ، هي اساس ثروات الاردن بل ثروته الاساسية ، التي اغنى بها الاردن تجارب الاشقاء والاصدقاء لعقود طويلة بقصص نجاح هائلة وحان الوقت لان تكرس في احداث الاختراقات الجوهرية في التحدي الاقتصادي الذي يواجه الاردن وتجاوزه مثلما تجاوز الاردن بقية التحديات وحقق فيها انجازات متقدمة كما في الاصلاح السياسي وانفاذ استحقاقاته والعزم الدائم على توسيع المشاركة في صنع القرار الوطني الشامل وتحمل المسؤوليات الوطنية المختلفة.
 
الاعتماد على الذات مهمة ليست مستحيلة في الاردن ، بل هي ممكنة ، ويمكن تلمس ثمارها بالتدريج وخلال سنوات ليست بعيدة بحصيلة واسعة ومثمرة على كافة الصعد ، شريطة عدم الركون الى الصعوبات بل بالاصرار على تعزيز مقومات النجاح ، وازالة اي معيقات يمكن ان تعترض هذا الطريق ، واشراك الجميع في تحمل المسؤولية في هذا الشان الوطني المفصلي ، وايضا اجراء كل الاصلاحات المطلوبة وبلا ابطاء او تاخير لاجل التقدم الى النجاح الممكن مثل البقاء خلف هدف اصلاح التعليم بقوة وعزم وعمق لان معادلة الانسان والتعليم هي معادلة متلازمة لاي تقدم ولتجاوز اي تحديات بصرف النظر عن محدودية الموارد ، ولننظر الى الخريطة الاقتصادية العالمية لنرى ولنلحظ بما لا يدع مجالا للشك ان التجارب العملاقة انطلقت في كثير منها من نقطة الصفر بل في كثير من الاحيان بما هو دون تلك الدرجة لكنها اعتمدت الانسان وارادته الخلاقة وسلاح التعليم الذي لا يمكن لمن يتسلح به ان يخسر اي معركة.