Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Dec-2018

ما بين العولمة والعلمانية 2-2 - د. جلال فاخوري

الراي - في الحلقة الاولى من هذه الدراسة اوضحنا ما للعولمة وما عليها واليوم نتعرض للعلمانية. ما هي العلمانية؟ولماذا نطلبها؟حيث لا يكاد لقاء بين المثقفين الا وتكون العلمانية مطلبا وذات طابع متميز لدى معظم المثقفين والمتعلمين. فلماذا العلمانية؟ وما هي اساساً؟ وما علاقتها بالديمقراطية والعقلانية؟

العلمانية وصلتها بالواقع المعاصر: اللفظ اللاتيني Saecolum اي العالم وهناك لفظ آخر لاتيني يعني ان العالم هو Mundus والفارق بينهما ان تعني الزمان والثانية تعني المكان (حسب الدكتور سليمان مخادمة) اي ان التغير حادث في العالم وليس حادثا للعالم. اي حادث في الزمان والتاريخ ويشير إلى العصر او الفترة الزمنية.
ان مصطلح العلمانية مشتق من اليونانية الشعب يتماهى مع الديمقراطية وان العلمانيين هم الشعب والعلمانية هي مجموعات الطموحات والامال الشعبية اي انها الروح الديمقراطية والشعبية.
العلمانية منظومة من التحولات التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية والايديولوجية. يمكن قراءة العلمانية من عدة اوجه: وجه معرفي يتمثل في اعتبار الدين كأي مؤسسة عادية ووجه مؤسسي يتثمل في فصل الدين عن السلطة او الدولة ووجه اخلاقي وقيمي يربط الاخلاق بالتاريخ والوازع بالضمير بل الالزام بعقاب الاخرة وفي هذا يرجع الاساس في العلمانية الى العقل. العلمانية ليست شكلاً واحداً يمكن التعامل معه (د.عادل ظاهر) فهناك العلمانية الايجابية والعلمانية السلبية والعلمانية الشديدة والعلمانية المرنة. العلمانية السلبية هي العلمانية المناضلة (محمد اركون)، فالوضعية التي هي بداية عصر النهضة تعتبران الموقف الديني لا يتوافق مع العقل المستقل ولقد نتج الموقف النضالي من حيث خدمت الوضعية الموقف الديني مما اتاح مرحلة علمانية جديدة لا تحذف الدين دون ان تتعامل معه.
نحن امام ثقافة معينة هي احدى مكونات العقل ووجدانه، فلا يحق لأي فكر يتجاهل هذه الانتماءات الروحية، ان موضوع العلمانية هو موضوع فكري.
العلاقة بين العلمانية والديمقراطية او المفاهيم حولهما لا تعدو كونها ولادة صعبة للعملية التاريخية التي قادت الى تحييد الدولة في الشؤون الدينية او مايسمى بعلمانية الدولة قادت بدورها إلى الديقراطية الليبرالية، ان حرية الرأي والتعبيروالمعتقد هي مقومات الديمقراطية وهي مقومات علمانية فالتلاحم بين
الديمقراطية والعلمانية تصبح واقعة في الحالين اي ان العلمانية من مقومات الديمقراطية.
العلمانية لم تكن يوماً هدفاً بحد ذاتها بل وسيلة لغايات اخرى كالحرية مثلاً وتعتبر العلمانية احد المرتكزات الثابتة في العمل الديمقراطي. وهنا نستشعر فرقاً واضحاً بين العلمانية كنائب رئيسي للعمل الديمقراطية بين الديمقراطية كنظام سياسي يتأسس من الفلسفة السياسية الليبرالية التي تؤسسه كفكر فلسفي في دائرة العقلانية.
الديمقراطية تسلم بالاختيار العلماني (فصل الدين عن الدولة) من انها تقوم على مبدأ التعددية القائمة على الحوار التسامح الذي من خلاله يتشكل الدعم العقلاني لمفهوم السلطة الديمقراطية (د. سليمان مخادمة) وهذا يعني ان بداية المفهوم يقوم على التسليم والتفكير بفصل الدين في مجال السلطة السياسية وهذا الفصل يعني او يؤدي تلقائياً إلى العلمنة لكون التفكير بالديمقراطية دون علمنة تفكير وتصور عقيم.
ان العلمانية مفهوم لاينفصل عن مفهوم الديمقراطية او مجمل المفاهيم السياسية التي تتكامل معها كمفهوم المجتمع المدني وقد ظهرت الديمقراطية عندما تأسس العقل بإعتباره وسيلة المعرفة العلمية. وهذا يعني ان التداخل بين العلمانية والديمقراطية يتجاوز التاريخ إلى المستوى المعرفي بوصفه انتاج العقل وان العلمانية بوصفها نظام عقلاني فهو تنظيم حياة الافراد بينهم وبين الدولة.