Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jul-2017

غياب شروط السلامة المهنية يستنزف أرواح العمال و نقابيون يقرعون الجرس ويدعون لوقف الاستهتار بالصحة المهنية.. و135 وفاة عمل بعام

 

رانيا الصرايرة
عمان-الغد-  في أقل من اسبوعين شهد سوق العمل المحلي ثلاث وفيات في مكان العمل، كان السبب فيها جميعها عدم الالتزام بشروط الصحة والسلامة المهنية، وهو ما جدد الدعوات لضرورة فرض المزيد من الرقابة والتفتيش على أماكن العمل للتأكد من توفير بيئة صحية ومهنية آمنة لعمالها.
الحادثة الاولى التي انتهت بوفاة عامل الكهرباء شادي هماش (36 عاما) صعقا، تاركا وراءه ثلاثة أطفال، في حادث أصاب رفاقه بالصدمة حيث قضى بسبب عدم ارتدائه الزي المخصص أثناء إصلاح عطل كهربائي في اعلى عامود الكهرباء.
أما الثانية، فكانت وفاة عامل مهاجر وإصابة 30 آخرين في احد مصانع مدينة الحسن الصناعية بعد انفجار "بويلر" نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وعدم إدامة صيانة معدات وآليات المصنع.
وبعدها بأقل من ثلاثة أيام، توفي العامل في شركة تعهدات تنظيف بمستشفى البشير الحكومي  مصطفى الحاوي (18 عاما) الذي يعاني من إعاقة بصرية متوسطة تمنعه من الرؤية اكثر من ثلاثة امتار.
مصطفى، بحسب رواية زملائه الذين التقتهم "الغد"، توفي بسبب سقوطه أثناء العمل من الدور الثالث، حيث كان يعمل لمساعدة عائلته ماليا، وتعرض لظروف عمل شديدة القسوة لم تراع حالته.
وأكد زملاء مصطفى أنهم كانوا "يعملون لأكثر من 14 ساعة يوميا بلا اجازة اسبوعية للنقص الشديد في الكادر وبراتب لا يتجاوز 200 دينار، أي أقل من الحد الأدنى للأجور". وأوضحوا أنه "في اليوم المشؤوم، طلب مديره منه ان ينظف شباكا في الطابق الثالث رغم ضعف الرؤية".
وعند سؤال زملائه عن سبب عدم رفضه، قال احدهم إن "مصطفى من النوع المسالم جدا وكان مرعوبا من فكرة طرده من العمل، فهو بحاجته، وكان يقول ان لا احد سيقبل تشغيله إذا تم طرده".
زميل آخر له، قال "بعد سقوطه من الطابق الثالث، تم إدخاله لمستشفى البشير، وكل ما تم فعله له هو تجبير يده ووضع مغذٍ له، ولم يتم عمل أي صور شعاعية له، وخلال تسع ساعات فقط توفي مصطفى".
العمال اكدوا أيضا انه "لا يصرف لهم أي معدات تحميهم من أي شيء، لا كفوف طبية نظرا لتعاملهم مع نفايات طبية، ولا خوذات، او سقالات آمنة في حال تم الطلب منهم تنظيف النوافذ المرتفعة للمستشفى، كما لا يتم توفير كمامات عند التعامل مع مواد التنظيف والابخرة الناتجة عنها".
مدير المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية احمد عوض علق على حادثة وفاة مصطفى، بالقول ان "سقوطه أثناء عمله من منطقة مرتفعة بدون توفير وسائل السلامة المهنية اللازمة له في مثل هكذا ظروف، يؤكد استمرار تراجع شروط العمل في هذا القطاع".
وأشار الى أننا "طالما حذرنا من الضعف الشديد في شروط العمل بهذا القطاع، ووفقا لمعايير العمل الأردنية والدولية يعد قطاع الخدمات الصحية المساندة في المستشفيات والمؤسسات الأخرى من أسوأ القطاعات التزاما بهذه الشروط الى جانب قطاعي التعليم الخاص والزراعة"، مؤكدا أنه "آن الأوان وبدون تردد لتقوم وزارة العمل بواجبها في ضمان احترام معايير العمل في كافة القطاعات".
بدوره، قال رئيس نقابة العاملين في الكهرباء علي الحديد إن "حوادث التكهرب والسقوط بين العمال في شركة الكهرباء تؤشر الى وجود خلل في إدارة السلامة العامة والصحة المهنية".
وأضاف، لـ"الغد"، أن الحادث الأخير الذي "أدى إلى استشهاد المرحوم شادي مصطفى هماش يكشف عن خلل كبير يتطلب معالجته لمنع تكرار مثل هذا الحوادث"، داعيا إدارة الشركة الى إصدار تعليمات واضحة تمنع العمل على شبكات الكهرباء الحية إلا بعد اتخاذ الإجراءات الضرورية لسلامة العمال مثل فصل التيار الكهربائي، إضافة الى توفير إجراءات السلامة الضرورية".
كما دعا الحديد الى "تسليم العمال أدوات السلامة الشخصية التي تم شراؤها ولا تزال في مستودعات الشركة منذ أكثر من عام ومنها الملابس الجديدة للعمال"، مطالبا بـ"الإطلاع على كل إجراءات التحقيق والأسباب الحقيقية التي أدت إلى صعق هماش والإجراءات التي اتخذتها الشركة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث".
ويرى الحديد ضرورة "تأهيل مفتشي السلامة في الشركة ليكون لهم دور فاعل في منع إي حادث من خلال التأكيد على استخدام أدوات السلامة الشخصية ومطابقة هذه الأدوات للمواصفات التي تم إقرارها من قبل الجهات المتخصصة، وتفعيل اجتماعات لجنة السلامة والصحة المهنية بشكل دوري".
ودعا الحديد إدارة الشركة لتحمل المسؤولية وتوفير كل شروط وظروف السلامة للعمال، في وقت طالب فيه العمال بـ"عدم القيام بأي عمل الا بعد التأكد من توفر جميع اجراءات السلامة".
بدورها، قالت مديرة مركز تمكين للدعم والمساندة لندا كلش ان المركز "يتلقى شكاوى من عاملين يتعرضون لإصابات عمل جراء تعاملهم مع الآلات، وكذلك عن تعرض عاملات منازل لإصابات إما نتيجة تعاملهن مع المواد الكيماوية دون استخدام الأدوات الخاصة بذلك، أو السقوط أثناء تنظيف النوافذ".
ولفتت إلى أن عمالا آخرين "يتعرضون لأمراض في الجهاز التنفسي بسبب عدم وجود تهوية جيدة في أماكن العمل والسكن، ومنهم من يعاني أمراضا في العين بسبب سوء الإضاءة"، فيما يتحمل العاملون انفسهم تكلفة علاج أغلب إصابات العمل إلى جانب خصم أيام غيابهم من أجرتهم الشهرية"، مؤكدة ان نسبة كبيرة من العمال المهاجرين تعمل دون أي حماية اجتماعية باستثناء تعويضات حوادث العمل".
ووفقا لإحصائيات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، بلغ عدد الوفيات الناجمة عن اصابات العمل من المسجلين في المؤسسة "135 حالة وفاة خلال العام 2015، منها 11 لنساء، و16 لعمال مهاجرين"، مشيرة الى ان هناك العديد من الحالات غير الموثقة لغير المشتركين في المؤسسة، فيما بلغ عدد حوادث العمل والأمراض المهنية للعام نفسه 14616 حالة، 19.4 % منها سجلت للعمالة المهاجرة، و8.7 % عند الإناث.
 ويعد قطاع الصناعات التحويلية الأكثر هشاشة في تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية، اذ أن 33.4 % من إصابات العمل تحدث فيه، يليه قطاع تجارة التجزئة بنسبة 16 %، فقطاع الإنشاءات 15.6 %، يليه قطاع الفنادق والمطاعم بـ 10.6 %، وتتوزع باقي الإصابات على القطاعات الأخرى.
مدير مديرية الاعلام بـ"الضمان" موسى الصبيحي بين، لـ"الغد"، ان "قطاع الانشاءات هو الاكثر تسجيلا لحالات الوفيات والاصابات نتيجة عدم الالتزام بشروط الصحة والسلامة المهنية"، مشيرا الى ان معدل وقوع إصابات العمل بهذا القطاع "بلغت 45.1 إصابة لكل ألف مؤمن عليه، وهي الأعلى لعام 2015".
ويصل عدد المنشآت الإنشائية المسجلة في الضمان 3717، فيما يبلغ عدد عامليه المشمولين بالضمان 42739، 35 % منهم غير أردنيين، في حين يُقدر عدد العاملين؛ المشمولين وغير المشمولين بالضمان في القطاع نفسه بـ140 ألف عامل، منهم 60 ألفا من العمالة الوافدة القانونية، و30 ألفا غير قانونيين.
وتؤكد الضمان أن الأسباب الرئيسة لوقوع الحوادث هي: "ضعف التزام إدارات المنشآت بالسلامة والصحة المهنية، وعدم كفاءة التدريب، وضعف الدور الرقابي للجهات المعنية في السلامة والصحة المهنية، وعدم وجود سياسة واضحة أو استراتيجية سلامة وصحة مهنية في الأردن تركز على قطاع الإنشاءات".
rania.alsarayreh@alghad.jo