Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Oct-2019

العرب وفشل تجارب التغيير*د. صبري الربيحات

 الغد-الشعوب العربية من المحيط الى الخليج ما تزال مستغرقة في البحث عن اجابة لسؤال المليون دولار المتعلق بـ”لماذا تأخرت الديمقراطية”؟ وما هي الاسباب والعوامل التي تدفع بشعوب هذا الجزء من العالم الى التسليم الكامل للحكم غير الديمقراطي والتغني بعبقرية الحكام وانجازاتهم؟.

الكثير من الشعوب في هذا الجزء من العالم يتنازل عن حقه في ادارة الشأن العام ويفرط في الفرصة المعطاة لاختيار من يمثله في المجالس المنتخبة. البعض لا يرى في الفساد ونهب المال العام فعلا يخالف القانون او يحتاج الى تجريم. والفاسدون يستمرون في اداء مهامهم وادوارهم وسط اشادة وترحيب واحترام من حولهم لهم.
في الثقافة العربية لا يوجد موقف حاسم من القانون ولا يطالب الناس بحقوقهم التنموية والدستورية ويعتقد البعض ان كل ما يلحق بهم من خير بفعل القادة الملهمين وما يصيبهم من خيبات اختبار وامتحان من الخالق.
حتى اليوم لا يوجد في الكثير من البلدان العربية برامج واضحة للنهوض والتنمية والتقدم ومع ذلك تجد من يتغني بإنجازات ومبادرات غير موجودة على الارض وغير ملموسة النتائج فما الذي دهى هذا الجزء من العالم ولماذا تتقدم كافة شعوب الارض في حين تشهد مجتمعاتنا الكثير من التدهور على كافة الاصعدة.
دولة رواندا التي شهدت احد اعنف حروب الإبادة في القرن العشرين تنطلق نحو العالمية بثقة وثبات لا مثيل لهما في القارة السوداء. سرعة وثبات النمو الاقتصادي الذي فاق كل التوقعات ونجاح جهود الدمج الاجتماعي للمكونات القبلية للبلاد ظواهر لفتت انظار العالم وأحيت الآمال لدى شعوب القارة التي تحوي اكبر عدد من الدول الاعضاء في الجمعية العامة للامم المتحدة.
كما حدث في افريقيا استطاعت قيادة البرازيل تخليص البلاد من جل مشكلاتها الاقتصادية وجعلت منها واحدة من اهم ثلاث دول “جنوب افريقيا، الهند، والبرازيل” تسير بخطى متسارعة نحو التصنيع والتقدم. في اميركا الوسطى تمكنت كوستاريكا التي كانت تعاني من الفقر والعوز والديون من تجاوز الكثير من مشكلاتها الاقتصادية والمالية بعدما قررت طوعيا حل والغاء الجيش الذي كان يستهلك تسليحا وتدريبا وإعاشة ما يزيد على 30 % من موازنة الدولة.
الصين التي بقيت تحت حكم ماو تسي تونغ لعقود عملت على معالجة مشكلة الاختلال بين السكان والموارد بخفض عدد المواليد من خلال سياسات سكانية تلزم الاسر بإنجاب طفل واحد، وجعل الحياة اكثر صعوبة للأسر التي تخرق هذه القواعد. كنتيجة لهذه السياسات والنهضة الزراعية الصناعية الالكترونية اصبحت الصين الاقتصاد الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية والاقتصاد الاكثر نموا بين اقتصادات الدول الصناعية لأكثر من ثلاثة عقود متتالية.
الشعوب العربية تنظر الى انجازات الشعوب بالكثير من الاعجاب والألم. وكلما ازدادت المعرفة زاد الغضب والالم. على امتداد الفضاء العربي هناك جوع وقهر وفساد وخوف. هذه الاوضاع دفعت لظهور موجة من الحراكات المطلبية التي تخبو وتتجدد عند كل ازمة صغرت أو كبرت. في العالم العربي يوجد مخزون متراكم من الإحباط والغضب على القادة والنخب السياسية والفكرية والإعلامية.
ما يحدث اليوم في العراق وسورية ومصر وما حدث في الجزائر واليمن والسودان يعبر عن جزء من المشاعر والاتجاهات التي يحملها الناس للحكام والسلطات في بلادهم. المؤسف ان الكثير ممن ينتقدون الاوضاع السائدة ويدعون الى تغييرها اشخاص لا يملكون مشروعات نهضوية ولا مشاريع فكرية تمكن الناس للمستقبل. البعض من النقاد اشخاص اما عدميين او تنقصهم الدراية والخبرة اللازمة لإحداث التحول نحو مجتمعات عصرية تطبق الديمقراطية التي يتوق لها الناس.
استمرار غياب التنمية وتركيز السلطات على بناء قواعد موالاة لها بالعطايا والامتيازات احد اهم الاسباب التي اعاقت عملية الديمقراطية والتقدم في العالم العربي.