Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Dec-2017

هل يتم تقليم أظافِر... «قَسَد»؟ - محمد خروب

الراي - تتسارع الاحداث في مناطق شرق دير الزور, التي تبدو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في عجلة من امرها, لبسط داعش. هذا التنظيم الذي بات في النزع الاخير, بعد تقَلُّص سيطرتها «الكاملة» عليها في اطار التحضير لمرحلة ما بعد المساحات الجغرافية التي يسيطر عليها.. حدود التلاشي,وما يسمح باعلان نهاية داعش في سوريا, بعد ان انتهى في العراق,حيث سيُعلَن الانتصار عليه رسمِياً... السبت المقبل.

 
التطور اللافت الاخير.. وفي معرِض تقرّب الوحدات الكردية التي تشكل عمود «قسد».. من موسكو، هو إعلان وزارة الدفاع الروسية يوم امس ان الفصائل الكردية في سوريا اعربت عن استعدادها «لضمان سلامة العسكريين الروس على الساحل الشرقي لنهر الفرات», مُؤكِّدة في الوقت نفسه, ان الاراضي شرقي الفرات «سيتم تحريرها قريباً».
 
كرد سوريا الذين تحالفوا طويلا و»عميقاً» مع المُحتلِّين الاميركيين وراحوا يضربون خبط عشواء وبشعور من فائض قوة مشكوك فيه, يتقربون الان من موسكو ويلوحون باستعدادهم الانخراط في التسوية السياسية للازمة السورية، بل هم اتّخذوا خطوات «بناء ثقة» مع الجانب (الروسي) كتسليمهم مجمع حقل كونيكو النفطي, على نحو يسمح بالتساؤل عن سر هذه «التنازلات» الكردية، التي جاءت في توقيت حرِج للاوضاع ميدانياً في مناطق شرقي الفرات, حيث تقدمت الوحدات الكردية (دع عنك مسمى قوات سوريا الديمقراطية) الى مناطق, لم تكن ضمن كل ما ادّعوه كذباً وتضليلاً, انها في اطار فيدرالية «روج آفا» التي روّجوا لها كثيرا, الى ان اصطدمت اخيرا بتفاهمات استانا وتكليف تركيا الاشراف على تطبيق خفض التصعيد في محافظة ادلب, الامر الذي وجدت فيه انقرة فرصة للإنقضاض على «عفرين», وهو ما وقفت حياله موسكو وطهران موقفا معارِضاً, ادّى الى كبح الاندفاعة التركية, التي كانت على وشك «التهام» عفرين.
 
يجب اخذ الحذر في التعاطي مع الاعلان الروسي, حول استعداد الوحدات الكردية ضمان سلامة العسكريين الروس، اذ ليس خافٍ على احد, ان هذه الوحدات لا تجرؤ ولن تجرؤ على المسّ بهؤلاء العسكريين تحت اي ظرف، لكن سِر «النعومة» الروسية في التعامل معهم, ينبع من رغبة موسكو استمالة هؤلاء ودفعهم للانخراط في التسوية السياسية, وصولا الى تحجيم تطلعاتهم الإنفصالية التي وان كانت قد تُرجِمت في انتخابات الاول من هذا الشهر لما سمي بالمجالس المحلية (في مرحلتها الثانية) الا انها بدأت «تتواضع», بعد ظهور مخاوف جدية لدى الكرد, بان الاميركيين قد بدأوا «رحلة» التخلِّي عنهم, باعلان واشنطن انها بصدد «تعديل» برنامج تسليحها لقوات سوريا الديمقراطية, بل تحدثت تسريبات صحافية عن نية الادارة الاميركية البدء بسحب الاسلحة الثقيلة والمتوسطة من ايديهم, بعد ان لم يعودوا في حاجة اليها. وهو اعلان رحّبت به انقرة واعتبرته اشارة من ادارة ترمب تهدف اعادة الدفء الى علاقات البلدين المتوترة, والتي ما إن تُغادِر مربع توتير (مثل قرار وقف التأشيرات) حتى تدخل في ازمة اخرى, تمظهرت اخيرا في الاتهامات التي وجّهها رجل الاعمال الايراني رضا ضرّاب (اوزراب) الذي يُحاكَم في اميركا بتهمة تبييض الاموال لإيران, مُتَّهِماً الرئيس التركي بانه وافق «شخصيا» على اتفاقات تسمح بخرق العقوبات التي كانت مفروضة على ايران، ما اثار غضب اردوغان الذي رد قائلا: ان تركيا لن تخضع لـِ»ابتزاز» الولايات المتحدة في هذه القضية. ما يشي بإمكانية حدوث تدهور آخر في علاقات متدهوِرة اصلاً، كان السبب الاول فيها هو الدعم الذي تقدِمه واشنطن لمن تصفهم انقرة بـ»الارهابيين», وخصوصا منذ ان اعتمدتهم لتحرير مدينة الرقة (اقرأ تدميرها بالكامل).
 
تقرّب كرد سوريا من موسكو وظهور جنرال روسي الى جانب ناطق باسم القوات الكردية وتحديدا في رفع العلم الكردي لهذه القوات (وليس علم قسد) وتأكيد الناطق الكردي ان «المناطق الشرقية من محافظة دير الزور جزء لا يتجزأ من سوريا»، يشي بأن ثمة قناعة آخذة في التعمق لدى كرد سوريا, بان مشروعهم الإنفصالي قد بات في خطر, وان احتمالات تجسُّده على الارض بات مستحيلاً, تحت طائلة تحويله (ضمن امور اخرى) الى ما آل اليه المشروع الشبيه في كردستان العراق, رغم اختلاف المعطيات وموازين القوى والتجربة ويوميات الصراع الطويلة في العراق, مقارَنة بالمشروع الكردي السوري, الذي تبنَّاه الاميركيون ظنا منهم انه يوفر لهم موطئ قدم وفرصة للحصول على دور حاسم في مسار ومصير الازمة السورية، الا انهم اكتشفوا في النهاية.. انما راهنوا على سراب, وان وجودهم غير المشروع في سوريا لن يُشكِّل لهم مظلة لاستعادة ما خسروه في العراق, واضطرارهم تحت ضربات المقاومة العراقية للانسحاب من بلاد الرافدين والذيل بين الرِجلَين, دون تحقيق اي من اوهامهم بالبقاء او الهيمنة على العراق ولا حتى قطع الطريق على الحدود بين البلدين, عندما حاولوا دفع القوات الكردية باتجاه البوكمال, لكن الجيش السوري حرّرها وأفشل مسعاهم الخبيث.
 
قوات سوريا الديمقراطية في طريقها الى الانهيار, بعد ان تصدّعت صفوفها ولم يعد ثمة غطاء من مكوِّنٍ «عربي» للقوات الكردية، التي فضح «طلال سلو».. الناطق باسمها بعد هروبه الى تركيا، تركيبتها وكشف أصحاب القرار فيها, ولم يعد امام «الكرد» سوى الاعتراف بالواقع السوري وحقائق التاريخ والجغرافيا السياسية فيها, والإنخراط في التسوية السياسية التي تُبقي على سوريا مُوحَّدة ولكل ابنائها, مع نوع من اللامركزية لضبط ايقاع المشهد الجديد فيها, دون السماح بأي مغامرات وصِيغ إنفصالية مشبوهة تتخفى خلف «مظلوميات» مُصطنَعة.