Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2019

ماذا ستفعل الحكومة لمن خسروا وظائفهم؟!* ماهر أبو طير

 الغد

تقف الحكومة الحالية، مثلما وقفت سابقتها، وستقف لاحقتها، عاجزة حتى اليوم، عن التعامل مع ملف حساس جداً، يتعلق بالواقع الذي نعيشه داخل الأردن.
علينا ان نقرأ فقط عدة مؤشرات حتى نستكشف الذي نعانيه هذه الأيام من وضع صعب، ومن هذه المؤشرات قيام مؤسسات وشركات في الأردن بإلغاء وظائف كثيرين، خلال شهر كانون الأول الماضي، وشهر كانون الثاني الحالي، حيث اضطرت هذه المؤسسات إلى اغلاق العديد من الوظائف، بسبب الظروف التي تعاني منها اقتصاديا، وكثرة الضرائب، وبسبب حالة الكساد، والتراجعات، وبدلا من استقبال هذه المؤسسات والشركات لموظفين جدد، لم تجد حلا سوى التخلص الجزئي من عدد من الموظفين لتخفيف النفقات، طالبة من بقية موظفيها ان يحمدوا الله ان المؤسسة او الشركة ما تزال مستمرة، وانه لم يتم اغلاقها كليا، بما يؤدي ضمنيا الى خفض سقف مطالبات الموظفين، فلا يطلبون زيادات على رواتبهم، ولا غير ذلك.
من هذا الواقع، نذهب الى مؤشر آخر، أي عودة أردنيين من دول عربية وغير عربية، بعد ان أصبحت ظروفهم صعبة جدا، وبسبب التراجعات اما في دخولهم او تأثر المؤسسات التي يعملون بها بظروف مستجدة، والحكومات التي تحتفي لدينا بتسهيلها فرصا جديدة، لألف أردني، او عدة آلاف في أي بلد، لا يحدثونك عن ارقام العائدين، خصوصا، في العامين الأخيرين، والذي لديه الجرأة فليطلب من كل مواطن عاد من الخارج مع عائلته، او وحيدا، كون عائلته بقيت في الأردن أساسا، ان يتقدم ببياناته وسنرى ان هناك واقعا مخفيا وصامتا لا يتوقعه احد، فوق ان اغلبهم، لم يجد وظيفة بديلة في الأردن، ويجلسون بلا عمل.
ذات المشهدين السابقين يقودان نحو نقطة مهمة، أي الاغلاق الكلي بدلا من صرف الموظفين بشكل جزئي، ولدينا ارقام مذهلة أيضا، عن عدد المصانع والشركات والمحال التجارية التي تم اغلاقها كليا، او معروضة للبيع، فأنت حين تسمع عن مؤسسة تم اغلاقها، عليك ان تتذكر عدد العاملين الذين خسروا وظائفهم، في هذه المؤسسة، فالقصة ليست قصة صاحب المؤسسة وخسائره فقط، بل قصة البيوت التي تم اغلاقها بسبب الواقع الاقتصادي، وما تسببت به الحكومات من تراجعات، وهي تراجعات مؤهلة للزيادة امام عجز الحكومات عن أي حل، وهجومها على القطاع الخاص لأخذ ماله من اجل سداد ديون الخزينة.
للمفارقة فإن ذات الحكومات التي تتسبب بإغلاق المؤسسات والمصانع والشركات، وخسارة الوظائف في القطاع الخاص، لا تتمكن من فتح أي وظائف جديدة في القطاع العام بسبب مشاكل الموازنة والديون، بل ان حكومات متتالية كانت تتمنى لو قامت بهيكلة جسم الحكومة ومؤسساتها للتخلص من مائة الف موظف، في سياقات الترشيق، ولولا الخوف من ردة الفعل العامة لتم الدخول في هذا المشروع الذي تم طرحه مرارا خلال العشر سنين الأخيرة، وبطلب من مؤسسات دولية اعتبرت ان عبء الرواتب كبير جدا، ويتوجب اللجوء الى خيار الهيكلة.
لا نريد الحديث عن الخريجين الجدد، ولا عن البطالة بينهم، فالكل يعرف الواقع، لكننا نسأل بأسى عن مستقبلنا خلال هذا العام والاعوام المقبلة امام هذه الحالة الأكثر تعقيدا، فلا وظائف، ولا بيئة مشجعة حتى لفتح مشروع صغير، ولا فرص في الجوار أيضا!
خلاصة الكلام، ان الاستسلام لما يجري، بات هو السمة الأساس، ونحن اليوم، امام حكومات تعاني من الغيبوبة، على صعيد تشخيصها للمشكلات، وعلى صعيد الحلول، وعلينا ان نعرف مسبقا، اننا امام خريطة تحولات اجتماعية خطيرة جدا، ستأتينا بكل أنواع الازمات والمشاكل، بسبب الفقر وغياب الفرص وانعدام الامل، فلا تعرف كم يكون منطقيا ان يقول لك البعض انك لا تبشر الناس بالخير، وان عليك ان تشيع التفاؤل وتحض على الامل، فيما الواقع مختلف تماما، وهم في هذا يريدونك ان تكذب على الناس فقط، وتبيعهم الوهم ومشتقاته.