Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-May-2020

الضم هو ذروة الخيال العقاري للمستوطنين

 الغد-هآرتس

 
بقلم: ميخائيل سفارد
 
20/5/2020
 
هل سيكون ضم؟ من الصعب معرفة ذلك. هذا لا يبدو نهائيا، لكن من الواضح أننا لم نكن في أي يوم قريبين منه الى هذه الدرجة. الانطباع هو أن هذا القرار الاكثر اهمية لسيادة اسرائيل منذ اعلان الاستقلال لن يتم اتخاذه في القدس، بل في واشنطن. هذا مهين بدرجة ما. البيت الثالث، كما يتضح، حصلنا عليه بدفع خلو. هناك صاحب للبيت ومن المحظور اغلاق الشرفات دون الحصول على موافقته.
مصالح اسرائيلية أو مصالح اميركية، الامر المؤكد هو أن مصالح الفلسطينيين ليست جزءا من شبكة القوى التي تعمل فيما يتعلق بأراضيهم. أنا لا أقصد مصالح الحكومة الفلسطينية أو مصالح الحركة الوطنية الفلسطينية، بل اقصد الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وفي مخيمات اللاجئين، الذين سيؤثر الضم عليهم أكثر من أي أحد آخر. كساب من قرية الرماضين الصغيرة، الذي اختنق بين قلقيلية والفيه منشه، ناصر من سوسيا في جنوب جبل الخليل ومئات الآلاف الآخرين. أحد ما يسأل نفسه ماذا سيكون بشأنهم؟ فلتعلموا اذا: ضم على صيغة اسرائيل هو قبل أي شيء عملية سلب وطرد. هذه عملية عقارية عنيفة. المنطقة التي سيتم ضمها ستشمل اراض كثيرة بملكية فلسطينيين، ولن يكون من المبالغ فيه القول بأنها جميعها، حتى القسيمة الاخيرة منها، ستتم مصادرتها. جزء على الفور وجزء في عملية ستستمر لسنوات. كيف؟ من خلال تكتيكات قضائية اساسية. أولا، عن طريق قانون أملاك الغائبين، الذي تم سنه في العام 1950 من اجل تأميم املاك اللاجئين الفلسطينيين في اللحظة التي سيتم فيها تنفيذ الضم على المنطقة، سيؤدي الى مصادرة كل الاراضي فيها التي يمتلكها اللاجئون الفلسطينيون الذين يعيشون في الاردن وسورية ولبنان. وحتى سكان الضفة الغربية الذين توجد لهم ممتلكات في المنطقة التي تم ضمها يمكن أن يفقدوا ممتلكاتهم، حيث إنه من ناحية تقنية ايضا هم “سيتحولون الى غائبين” في اللحظة التي ستطبق فيها اسرائيل قوانينها في المنطقة التي ستضم.
هذا ما حدث ايضا مع سكان الضفة الذين لديهم ممتلكات في شرقي القدس، بعد أن فرض عليها القانون الاسرائيلي. صحيح أن المحكمة العليا قررت بخصوص هذا الغياب الوهمي – أن هؤلاء الاشخاص لم يهاجروا الى أي مكان وهم موجودين تحت سيطرة اسرائيل – أنه يجب استخدامه في “حالات استثنائية جدا”. ولكن لا يجب أن نكون اصحاب كرة بلور، فقط يجب علينا معرفة تاريخ احكام المحكمة العليا في شؤون الاحتلال والعملية التي تمر فيها المحكمة في السنوات الاخيرة من اجل أن نفترض بأن قضاة المحكمة العليا في السنة القادمة سيوسعون الاستثناء الى أن يصبح – مثل الكثير من زملائه الاستثنائيين في منع انتهاك حقوق الفلسطينيين – قاعدة.
حتى في الحالات التي لا يسري فيها قانون املاك الغائبين فان اسرائيل يمكنها أن تفعل ما لم تستطع فعله في الـ53 سنة الاخيرة: أن تصادر مصادرة “عادية” لصالح الجمهور في الوقت الذي فيه الجمهور هو المستوطنين. المبدأ القضائي الذي بحسبه لا يجب مصادرة اراض خاصة في الضفة الغربية من اجل توسيع المستوطنات – الذي قضم منه المستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت في السنوات الاخيرة – سيتبخر في اللحظة التي سيتم فيها ضم المنطقة. الضم سيفتح مدخل لتسونامي من المصادرات لغاية توسيع المستوطنات.
هذه النبوءة، أن تتم مصادرة اراض بنطاقات ضخمة، ليست نبوءة غضب، بل هي تنبع من فهم خيالات الضم. النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني هو نزاع جغرافي. ولماذا يتم الضم اذا لم يكن بالامكان سرقة الارض.
الى جانب السلب، الضم يمكن أن يؤدي بالكثير من الفلسطينيين وكذلك بمجموعات سكانية فلسطينية كثيرة الى خطر التهجير القسري. الحكم العسكري في الضفة مسؤول منذ 53 سنة عن سجل السكان الفلسطيني. في هذا الاطار هو يمنع الفلسطينيين من تغيير عنوان السكن طبقا للمصالح الاستيطانية لحكومة اسرائيل. هكذا نشأ وضع فيه في المناطق التي فيها اسرائيل معنية بإخلائها من الفلسطينيين، مثل جنوب جبل الخليل وغور الاردن وشارع التفافي القدس، تسكن مجموعات سكانية صغيرة لا تعترف بها اسرائيل. لذلك، فان مجموعات سكانية مثل الخان الاحمر وسوسيا يهددها خطر الطرد اليوم. ولكن اذا تم ضم هذه المناطق فإن عشرات المجموعات السكانية التي لا تعترف بها اسرائيل وسكانها مسجلون كمن يسكنون خارج المنطقة التي تم ضمها، سيتحولون في نفس اللحظة الى ماكثين غير قانونيين في بيوتهم، والذين فجأة سيجدون في اسرائيل الموسعة انفسهم وسيف الطرد مسلط على رقابهم. طردهم سيتحول من مسألة تخطيط وبناء الى مسألة “ابعاد متسللين” من اسرائيل “السيادية”.
انظروا مثلا الى القرية الصغيرة عرب الرماضين. 350 شخصا هم من ابناء قبيلة بدوية، لاجئون من منطقة لقية في النقب، الذين عند قيام الدولة اضطروا الى الهرب الى الضفة. اشتروا تلة في جنوب قليلية وهم يسكنون هناك حتى الآن. في الثمانينيات اقيمت قربهم مستوطنة الفيه منشه، التي سيطرت على معظم اراضي رعيهم. وفي سنوات الالفين أقيم حولهم جدار الفصل وتم حبسهم في جيب يفصل بينهم وبين باقي الضفة. القرية غير معترف بها في الادارة المدنية، لهذا فان سكانها يعانون من عمليات هدم ممنهجة.
من يعرف جيدا الاحتلال الاسرائيلي يعرف أنه لم يولد كل المحتلين متساوين – هناك محتلون اكثر وهناك محتلون اكثر فأكثر. احتلال سكان الرماضين هو “3 اكس لارج”، هم مرتبطون بالادارة المدنية في كل شيء، مطلوب منهم الحصول على التصريح من اجل مواصلة العيش على تلتهم في الجيب، ومن اجل الخروج منه بالسيارة، ومن اجل أن يدخلوا اليها احتياجاتهم، ومن اجل أن يتنفسوا. في الماضي عندما غضبوا منهم في الفيه منشه بسبب حمار خرج من القرية وقطع الشارع، قطعوا المياه عن الرماضين كي يتعلموا. الادارة المدنية استغلت حاجتهم وبذلت في السنوات الاخيرة جهودا ضخمة لتنغيص حياتهم من اجل اقناعهم بالانتقال الى المكان الذي اقترح عليهم والذي يقع شرقي الجدار. هكذا سيكون الجيب “نظيف” من الفلسطينيين.
اذا انتقلتم فستكون لكم بيوت جميلة حجرية وليس اكواخ من الصفيح، قالوا لهم. ولكن سكان الرماضين رفضوا بعناد وبصورة مستمرة. ولأن القرية غير معترف بها، فانه في بطاقات الهوية التي تصدرها الادارة المدنية فان سكان الرماضين مسجلين كسكان في قلقيلية.
اذا تم ضم جيب الفيه منشه فسيتحول سكان الرماضين في نفس اللحظة الى ماكثين غير قانونيين. وفي نهاية المطاف سيتم طردهم. وفي اللحظة التي سيجدون فيها انفسهم في الجزء غير المضموم من الضفة ويتحولون الى لاجئين للمرة الثانية، فهم ايضا سيتحولون الى غائبين وربما أن التلة التي اشتروها سيتم تأميمها. ومن المحتمل أن يقام حي جديد في الفيه منشه على انقاض الرماضين، ربما يسمونه “رمات دين”، لأن اقامته تمت حسب القانون.