Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Feb-2019

الخطر الأكبر استمرار الاحتلال*نبيل الغيشان

 الراي

شارك الأردن الرسمي في مؤتمر وارسو الأميركي ويده على قلبه من تهور الإدارة الأميركية، وكان صاحب القرار الأردني شديدا في رفض السفر الى العاصمة البولندية قبل تعديل جدول أعمال المؤتمر وعدم حصره في استبدال العدو الحقيقي الذي يحتل الأرض العربية بعدو مفترض هو إيران.
 
وسبق وزير الخارجية أيمن الصفدي افتتاح المؤتمر في تغريدة على (تويتر) قال فيها «نشارك لتأكيد موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية ومضمونه لا سلام شامل بدون تلبية حق الفلسطينيين في الحرية والدولة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران...لا خطر أكبر من استمرار الاحتلال وغياب آفاق زواله».
 
هنا وضعت القيادة الفلسطينية يدها في ماء بارد، لان الموقف الأردني مهم في امتصاص الإندفاعة الأميركية ومؤثر أكثر من كل الدول العربية الحاضرة حول طاولة وارسو، وقد دعم غياب الوفد الفلسطيني الموقف الأردني وشد من عضده وافسد اللعبة برمتها.
 
ورغم تصريحات وزير الخارجية الأميركي جورج بومبيو حول أهداف المؤتمر «للتعامل مع نفوذ إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة»، إلا أن وزير خارجية بولندا خفف اللهجة وحصر الهدف عشية الافتتاح «بتطوير حلول مشتركة بهدف ضمان السلام والأمن».
 
وفي كلمته شدد نائب الرئيس الأميركي على مهاجمة إيران معتبرا إياها اكبر تهديد للمنطقة ومطالبا بالتطبيع مع إسرائيل وكأنها لم تحتل أراض عربية ولم تمارس العنف والإرهاب ضد الفلسطينيين واللبنانيين.
 
الموقف الأردني ثابت في رفض الحلول الناقصة وقالها بوضوح دائما بأنه لن يقبل أن يكون التصدي للنفوذ الإيراني أولوية تتقدم على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، رغم تحفظاته على انتفاخ الدور الإيراني في المنطقة.
 
وهذا بحد ذاته هزيمة للسيناريو الأميركي، ونجاح للموقف الأردني الذي لم يتغير بدعم حل الدولتين وتثبيت للموقف الفلسطيني المقاطع للولايات المتحدة ورفض التعامل معها كونها وسيطا غير نزيه، وهو ما أدى الى إضعاف مصداقية المؤتمر.
 
المخطط الأميركي يسعى لإسقاط مبادرة السلام العربية أولا، وفتح باب لمكافأة دولة الاحتلال بالتطبيع العربي المجاني معها، واستبدال العدو الأول (إسرائيل) بعدو وهمي هو (إيران). بدأ الضغط من خلال نقل السفارة الأميركية الى القدس ووقف تمويل (الاونروا) وسحب ترخيص مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في نيويورك ووقف دعم (الاونروا) وعرض تحويل التمويل الأميركي الى الأردن مقابل أن تقوم الدولة الأردنية بتحمل مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين وإغلاق ملفهم.
 
خطط لمؤتمر وارسو أن يكون بداية عرض قوي لما يسمى (صفقة القرن) التي تهدف الى تحويل الصراع مع دولة الاحتلال الى صراع عربي مع المحيط الإسلامي، لكن لا يبدو أن النتائج تسير بهذا الاتجاه.
 
حالم من يعتقد بان حل القضية الفلسطينية يمكن أن يتم بدون رضا قيادة الشعب الفلسطيني. وواهم من يعتقد بان إسدال الستارة على أحلام الفلسطينيين يتم بدون قيام دولتهم الوطنية وعاصمتها القدس الشرقية.
 
تستطيع أميركا بجبروتها أن تجلب عشرات الدول الى مؤتمرات سلام وهمية، لكنها لن تستطيع أن تجبر الفلسطينيين على التنازل عن هدفهم بالعيش بسلام في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، رغم كل المخاطر والتحولات الهائلة والتحالفات الجديدة المخيفة، والتغييرات الدموية في خرائط الإقليم.
 
والحقيقة إن سطوة الولايات المتحدة الأميركية وغطرسة رئيسها رونالد ترمب ليس قدرا علينا وعلى قضايانا وشعوبنا، ودائما ما تتوفر فرصة سانحة او أكثر أمام الغريق للنجاة، لكن المهم أن لا ييأس او يستسلم لقدره ويكف عن التجديف في محاولته للوصول الى الشاطئ بأمان.