Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2019

تجربة خاصة داخل حريق مفتعل!*باسم سكجها

 الراي-مررتُ، مَرّة، بتجربة شخصية قاسية مُرّة، حين وجدت نفسي في غابة سنديان ولزّاب معمّرة تحترق، وبدت النار وهي تتنقّل من شجرة إلى أخرى، وكأنّها علبة كبريت يشتعل عود بلمح البصر لينقل اللهيب إلى عود آخر، في أجواء لا تُذكّر إلاّ بيوم الحشر.

 
بدأ الأمر حين التقطت عيناي مشهد دخان كثيف من مسافة لا تبعد أكثر من كيلومتر واحد من بيتي، فسارعت للتوجّه إلى مصدره بسيارتي، ومع كلّ اقتراب كان المشهد يزداد رعباً، فاتصلت بالدفاع المدني لاكتشف أنّ بلاغاً وصلهم فعلاً من برج مراقبة أعلى غابة دبين، ولم أكد أصل إلى الموقع حتى كانت مركبات الأطفاء تعلن عن قُرب وصولها بالأصوات المعهودة، وسرعان ما توجّه الرجال مع أدواتهم إلى الجبل، وبدأوا عملهم البطولي.
 
هناك طرق ترابية خاصة مفتوحة أصلاً داخل الغابات، تُسمّى خطوط النار، ولكنّ الوعورة منعت المركبات من الوصول إلاّ إلى نقاط معيّنة، فاضطرت الفرق إلى استخدام الخراطيم الطويلة، والخوض في تضاريس مستحيلة، واستغرق الأمر ساعات حتى تمّت السيطرة ثمّ الاحتواء وبعدها ما يسمّونه بالتأمين، واستدعى الوضع بالطبع الاستعانة بدعم من نقاط دفاع مدني قريبة وبعيدة.
 
نام عدد كبير من الرجال مع معداتهم، تلك الليلة، في الموقع تحسباً من تكرار تجدد الحريق، وفي اليوم التالي وبعد انقشاع الدخان، دخلنا إلى مشهد حزين يستدعي بكاء حاراً، فقد كانت مئات الأشجار المعمّرة مجرد أعمدة سوداء متفحّمة، وأسرّ لي مسؤول في الدفاع المدني أنّه على يقين من أنّ الحريق مفتعل.
 
أتذكّر ذلك اليوم الأسود، وأنا أقرأ عن عشرات الحرائق في مختلف مناطق المملكة، هذه الأيام، وعن القبض على فاعل واحد على الأقل، ولا أملك سوى توجيه الشكر لرجال الدفاع المدني الذين لا نُدرك الجهد والتعب والخطر الذي يواجهونه إلاّ بمعايشتهم على أرض الواقع، ويبقى أنّنا نأمل من الوزير ابراهيم الشحاحدة أن يضع تهديده بالعقوبات الرادعة موضع التطبيق، وللحديث بقية!