Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Mar-2018

حول المشاركة النسوية - د. فيصل غرايبة

الراي - تعيش المرأة حالة الازدواجية بين الحاضر المتحرر والماضي المحافظ، تتنازعها رؤى الداخل بأفكارها وقيمها ومقاييسها، وهي قديمة ومحافظة، ورؤى الخارج المتجدد المتحرر، المتأثر بروح العصر، تحاول أن تنشئ الأبناء، وتتماشى مع الزوج، وتتعامل مع المجتمع، اذ أن تشكل شخصية الأنثى ليس نتاجا بيولوجيا وراثيا فحسب، إنما يضاف إليها مكونات اجتماعية ثقافية، تصبغ المجتمع وكل فرد فيه بسمات وخصائص، ذكرا كان أم أنثى، لكن المرأة تمعن في التأثير على المجتمع وبنائه الثقافي، من خلال دورها الحساس في التنشئة الاجتماعية وفي حياة الأسرة، زوجة وأما وربة بيت، تنقل روح المجتمع وعناصر الثقافة، من عادات وتقاليد وقناعات، حتى لو كانت جملة الأفكار من صنع الرجل، في كثير من الأحيان، تعلي من سلطة الرجل، وتخفض من شأن المرأة.

قبل قرنين من الزمان، طرح عالم الاجتماع الفرنسي»فريدريك ليبلاي» نظريته حول مكانة المرأة، التي تمر بثلاث مراحل: المستقرة (الاستاتيكية)، والانتقالية، وغير المستقرة (الديناميكية)، والتي تصلح للانطباق على حال المرأة العربية في هذا العصر، اذ تجمع بين خصائص المرأة الكلاسيكية والمرأة المتطورة. لذلك نراها تحاول أن تغذ السير للانتقال إلى المرحلة المتطورة، من خلال أنشطتها السياسية وانجازاتها التشريعية وتصرفاتها الاجتماعية، مناضلة إلى تحقيق وضعية الشريك الكامل المتفاعل، رافضة وضعية الفئة الخاصة، التي تطالب بالإنصاف.
ولكن ثمة مواقف تعبر عن عدم الرغبة في التحرك على المستوى النسائي في الفعل الجماعي الوطني، بعكس ما هو سائد من انطباع من ان الفرص لا تتاح للنساء للمشاركة. ولما سألت صحفية احداهن عن السبب في الموقف السلبي تجاه مثل هذه الفرصة، قالت ان لا فائدة في ذلك لأننا نعرف أن التبعات السلبيةالتي تترتب عن الجدل والنقاش هي أكثر من الانعكاسات الايجابية للمشاركة ذاتها،  فهي تفضل أن تبقى في الظل، وان تعمل بصمت بعيدا عن أعين الرجال، وتقول ان بنات جنسها اجمالا يفضلن ذلك، مهما كانت درجاتهن العلمية ومناهجهن الأدارية وأدوارهن القيادية. وفي موقف آخر، أرسلت استمارات الى حوالي 50 امرأة اكاديمية في احدى الدول العربية، ليعبرن من خلالها عن رغبتهن او عن عدم رغبتهن في المشاركة في أحد المؤتمرات على المستوى الوطني، لم تستجب لهذه الدعوة بالتعبير عن الرغبة بالحضور سوى امراةواحدة من بين هؤلاء 50 أكاديمية،  حتى أن هذه المرأة المشاركة قالت بعد عودتها من جلسات المؤتمر بانها قد ضيعت وقتها سدى.
في هذا السياق أشير الى أن المرأة اللبنانية حصلت على حق الترشيح والتصويت 1952 ،ولم تدخل البرلمان إلا 1991 ،ونالت المرأة السورية الحق 1953 ،ولم تدخل البرلمان إلا 1973 ،أما في المغرب فنالت الحق 1963 ،ولم تدخل البرلمان إلا 1993 ،ولم تتمكن من دخوله آنذاك إلا بموجب نظام الكوتا، كما حصل في الأردن الذي لم تدخل المرأة فيه البرلمان، إلا بعد ربع قرن من إعطائها حق التصويت والترشيح، وتعرضت هذه النسبة بالبرلمان المصري للانحدار بعد إلغاء نظام الكوتا.
لا تجد المرشحة العربية الحماس حتى من اقرب المقربين، من الطريف أن أذكر أنه قد نالت إحدى المرشحاتلأحد المجالس البلدية العربية صوتا واحدا، بمعنى أنها لم تنل إلا صوتها، ولم ينتخبها حتى  زوجها وأولادها وإخوانها وأخواتها، حتى إن النساء لا يرغبن في انتخاب النساء، وكثيرة هي الحالات التي واجهت فيها النساء، اللواتي تولين المسؤولية في العمل العام، التشكيك بالقدرات من قبل بنات جنسهن. وها هو مجلس المرأة البحرينية- مثلا- يعارض تخصيص كوتا نسائية في المجالس البلدية والنيابية،لعدم دستوريته، ولخرقه مبدأ المساواة. مما شكل دافعا لتعميق المشاركة النسائية بالعمل السياسي وتعزيز دورها، وكشف بؤر التمييز، الذي يتطلب جهدا منظما من منظمات المجتمع المدني.
*استشاري اجتماعي
*عضو المكتب التنفيذي لحزب الاصلاح