يقول التقرير الصحفي الذي نشرته صحيفة محلية ان قسم الطوارئ وحده في مستشفى الأميرة بسمة الحكومي في اربد يستقبل يومياً ما معدّله 1000 حالة.. ناهيك عن العيادات الخارجية والمراجعات الدورية الأخرى.. 1000 حالة مقسمة على 24 ساعة بمعدّل كل دقيقة تقريباً يدخل مريض إلى قسم الطوارئ، والسرير الواحد في هذا القسم يستقبل حوالي 45 مراجعاً في اليوم.. يحق لكل مريض المكوث نصف ساعة على هذا السرير.

كان االله في عون الكادر الطبي، فأي مستشفى في العالم لا يستطيع أن يستوعب هذا الكم الكبير في قسم مخصص أصلاً للحالات الطارئة من حوادث مختلفة ونوبات قلبية وغيرها.. فأي تركيز وأي جهد يبذله الطاقم، وأي حق في العلاج يستطيع الحصول عليه المريض في ظل هذه الظروف وهذه الإمكانات.. فكيف لطبيب الطوارئ أن «يعاير الضغط» لمريض جاءه على وجه السرعة في دقيقة واحدة.. وقبل أن يكمل يدخل عليه مريض آخر حسب معدّل الزيارات.. أما عملية تخطيط القلب «ecg..« فأتخيلها تحت هذه الظروف تشبه شباك الصيد التقليدية يرمي الطبيب الأسلاك على

الأسرة ما «يمسك منها» على صدر مريض فقد حظي بالتخطيط ومن لم يمسك «لا حول ولا» وبعد أربع دقائق يلم الطبيب الأسلاك ليفرغ القراءات على الترتيب..

تخيّلوا ألف حالة تدخل الطوارئ في اليوم كيف يستطيع أن يعطي الطبيب كل ما لديه من اهتمام وهو تحت هذا الضغط الهائل.. لا حل أمامه سوى التعامل مع المرضى على شكل مجموعات.. «القحّة ناشفة يصف ع اليمين».. «القحّة ببلغم يصف ع الشمال»..

«مين معاه وجع بصدره يوقف جنب الحنفية».. «حدا فيكو..راجع؟؟..خدر بالادين؟؟ ثقل باللسان.. اللي معاه ثقل باللسان يقرمز جنب التدفئة».. وهكذا..

قد ننفق ملايين على هيئات مستقلة ومرافق لا يزورها أحد و»فنطزات» لا تقدّم ولا تؤخر في خدمة الناس.. ونبخل في مباني ومعدّات وكوادر تنقذ حياة البشر.. المواطنون لهم الحق في الرعاية الصحية المحترمة والكاملة.

غطيني يا كرمة العلي.