Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Aug-2017

الأمن في أوروبا - احمد ذيبان
 
الراي - اذا كان من البدهي إدانة أي عملية إرهابية تستهدف المدنيين، بغض النظر عن مكان وقوعها وأصول الضحايا وجنسياتهم، لكن العملية الارهابية التي وقعت في قلب مدينة برشلونة قبل أيام لها وقع خاص، بالنسبة لملايين العرب خاصة «المجتمع الرياضي»، حيث يرتبط اسم المدينة باسم أحد أشهر فرق كرة القدم في العالم «نادي برشلونة»، الذي يحظى بشعبية كاسحة في العالم العربي، ويلحظ ذلك من يرصد مشاعر مشجعي هذا النادي، وهم يتقافزون ويتفاعلون ويصرخون أمام شاشات التلفزيون، مع كل ركلة أو هجمة للاعبي الفريق، وخاصة اللاعب الأشهر «ميسي»، وترتفع درجة حماسهم وتشجيعهم مع كل هدف يسجله النادي، او إضاعة فرص، خاصة اذا كانت المباراة مع خصمه اللدود « ريال مدريد «، وهي خصومة ربما تخفي تحتها جوانب سياسية، وتلك قضية أخرى ترتبط بمطالبة اقليم كتالونيا وعاصمته برشلونة الاستقلال عن اسبانيا.
 
المهم ان ثمة اكثر من سبب يجعل مشاعر الحزن والغضب مضاعفة، إزاء ضحايا العملية الارهابية الوحشية في برشلونة، فضلا عن كون المدينة السياحية الأولى في إسبانيا، وتصنف كأحد أهم مدن أوروبا جذبا للسياح وكل من يزورها يلمس جمالها.
 
بعد استهداف واستخدام الطائرات المدنية وقطارات نقل الركاب، منذ بداية الألفية كأهداف سهلة ورخوة، لتنفيذ العمليات الارهابية وحصد أكبر عدد من الضحايا، ها نحن امام ابتكار وسيلة قتل جماعية للأبرياء، بتنفيذ عمليات دهس أعمى باستخدام الشاحنات والسيارات، استهدفت خلال العامين الماضيين العديد من المدن الأوروبية، ولسوء الحظ أن غالبية منفذي تلك العمليات من أصول عربية أو أسلامية، ويمكن التذكير بالعمليات التي وقعت في نيس جنوب فرنسا وفي العاصمة باريس، وفي العاصمة البريطانية لندن، والعاصمة الالمانية برلين، وفي ستوكهولم عاصمة السويد وغيرها من المدن الأوروبية!
 
ليس مهما الجهة التي تقف وراء العملية، سواء كان تنظيما مثل داعش الذي سارع الى تبني العملية، وسبق أن أعلن مسؤوليته عن عمليات مشابهة في اوروبا، او كان «ذئبا منفردا»، حسب التوصيف المتداول في الاعلام، لأشخاص ينفذون عمليات بمفردهم دون تلقي توجيهات من قيادة تنظيم! لكن الشيء الأهم هي البيئة التي انتجت وتغذي هذه الأفكار والتنظيمات، وما هي سبل التصدي لها؟
 
فليس هناك أحمق أو جاهل يظن أن قضية عادلة يمكن ان تكسب من خلال تنفيذ هذه العمليات المجنونة، فقط الحقد والجهل والتعبئة بكم هائل من الكراهية، هي المحرك الاساس لتنفيذ هذه العمليات! هل يشعر بالمتعة من يهاجم بسيارة وبسرعة بشكل متعمد عندما يقتل العشرات ويصيب المئات من الاشخاص يتنزهون ويستمتعون بحياتهم في مكان سياحي، وهو لا يعرف أحدا منهم، أو جنسيات وأصولهم وليس له ثأر شخصي مع أحد منهم، وتكون النتيجة نحو 20 قتيلا و100 جريح من 34 جنسية.. ما الهدف الذي حققه المنفذ ومن ساعده، بارتكاب هذه المجزرة «العالمية» ؟
 
ان هذه العمليات تزيد المخاوف من انتشار ثقافة الخوف من الاسلام «الاسلاموفوبيا»، التي أصبحت قضية مركزية لليمين المتطرف في أوروبا، وتعيد للاذهان الاوضاع الامنية في أوروبا، وما يتمتع به المواطن الاوروبي والزائر لأحدى الدول الاوروبية، من حرية في التنقل بعيدا عن الرقابة، وعند وقوع أي عملية تطرح تساؤلات حول التقصير الامني.
 
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد قمت بزيارة خلال الشهر الماضي الى عدد من الدول الأروربية، انطلاقا من عمان باتجاه باريس «ترانزيت» عبر مطار فرانكفورت في المانيا، وتمت اجراءات التفتيش اللازمة في هذا المطار، لكنني عند الوصول الى مطار شارل ديغول في باريس، دهشت لعدم إخضاعنا كأشخاص وأمتعة الى أي عملية تفتيش ولم يتم ختم جوازات السفر، وبعد عدة أيام غادرت باريس بالقطار الى مدينة ستراسبورغ شرق فرنسا، ومنها الى ميونخ في المانيا، ومنها الى براغ عاصمة التشيك، وبعد ذلك الى فينا عاصمة النمسا، وخلال هذه الرحلة لم يتم تفتيشنا أو سؤالنا عن جواز سفر، فقط عندما غادرت مطار فينا خضعنا لاجراءات السفر المعتادة، وهذه من بركات الاتحاد الاوروبي وتأشيرة «شنغن» التي تتيح لحاملها التنقل بحرية بين دول الاتحاد الأوروبي، فشعرت بالاسى لواقعنا العربي، حيث يضطر المواطن العربي الى الخضوع، لعمليات تفتيش وتعقيدات تقترب من التعذيب النفسي، عند تنقله من بلد عربي الى آخر!
 
Theban100@gmail.com