Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Aug-2019

القضاة وتحديات الجامعة الأردنية* حسن البراري

 الغد-شخصيا لم يسبق لي أن كتبت مقالا عن رئيس جامعة عامل حتى لا يفهم أنه في سياق التملق، بل على العكس من ذلك فقد كنت انتقد أداء الإدارات الجامعية وبخاصة فيما يتعلق بالاختيارات والتعيينات التي لا تستند في بعض الأحيان إلى معايير الجودة والكفاءة، لكن الأمر مختلف هذه المرة إذ اشعر بأن ضميري المهني يحتم علي أن أدلو بدلوي بخصوص انطباعاتي عن الدكتور عبدالكريم القضاة الذي يتعرض في الفترة الأخيرة إلى ضغوطات كثيرة في سياق السعي لتدجين الإدارة الجامعية حتى لا تخرج عن خطوط وهمية رسمها بعض أدعياء الفهم في التعليم العالي.

أول مرة أسمع من رئيس جامعة أردنية يفكر خارج الصندوق وبخاصة وأنه ورث تركة ثقيلة، فالدكتور القضاة يمتلك رؤية متكاملة وعملية لرفع مستوى الجامعة على الصعيدين الدولي والإقليمي في وقت تعاني منه الجامعة من ضائقة مالية. فكان أول رئيس يطرح فكرة الوقفية كما هو معمول به في كبريات الجامعات العالمية. مبادرته هذه لاقت ترحيبا كبيرا وتمكنت الجامعة من جمع ما يقارب المليوني دينار في الأشهر القليلة الماضية. وقبل أيام قليلة تبرع مواطن أردني بقطعة من الأرض في منطقة حيوية من العاصمة لوقفية الجامعة.
قبل أشهر كنت قد ألقيت باللوم على إدارات جامعية سابقة وحملتها مسؤولية الضائقة المالية. لكن الرئيس رفض فكرتي من الأساس، فهو يريد عنبا ويفضل العمل وايقاد شمعة في الظلام. وبهذا السياق، يحاول الرئيس تصفير ديون الجامعة وتصفير تكلفة الطاقة التي تتجاوز الثمانية ملايين دينار سنويا. فوفقا لخطته المحكمة، ستكون كلفة الطاقة على الجامعة صفرا خلال سنوات قليلة قادمة. والحق أن الرئيس صارم فيما يتعلق بضبط النفقات وتحسين إيرادات الجامعة من الصناديق الاستثمارية. فالرئيس يرفض بشدة رفع الرسوم على الطلبة ويفضل معالجة العجز بعيدا عن جيوب الطلبة، وإذا ما استمر القضاة في تنفيذ رؤيته فإن نفقات الجامعة وإيراداتها ستتساوى خلال ثلاث سنوات من الآن.
لكن في الوقت ذاته يحرص القضاة على أن يساهم أعضاء هيئة التدريس في رفع مستوى الجامعة على الصعيد العالمي، وحتى يتسنى للجامعة أن ترتقي إلى المكانة التي تستحقها، طرح الدكتور القضاة فكرة تعليمات الترقية الجديدة التي تدفع أعضاء هيئة التدريس على النشر في كبريات المجلات العالمية. في السابق كنت من المنتقدين لتغيير تعليمات الترقية (بحجة أن هناك ضرورة لاستقرار التشريعات) إلى أن اطلعت على فلسفة التعليمات الجديدة والهدف الحقيقي من ورائها. ففي كليات العلوم الاجتماعية والإنسانية هناك الكثير ممن لم ينشر كتابا واحدا بدار نشر عالمية ولا بحثا علميا في مجلات عالمية من الفئة الأولى. والرئيس أول من فعل تعليمات حرمان أعضاء هيئة التدريس من الزيادة السنوية في حال عدم نشرهم أبحاثا خلال آخر خمس سنوات، وهو أمر لم يعجب بعض أعضاء هيئة التدريس إلا أن الرئيس لم يجامل فيما يراه مصلحة الجامعة في نهاية المطاف.
ثمة من يريد أن يضع العصا في دولاب رؤية الرئيس، لكنه لا يبالي كما فهمت، فالجامعة تحتاج إلى إدارة جامعية رصينة وعاقلة وعملية وصاحبة رؤية تأخذ بالحسبان متطلبات التعليم العالي وتواكب تطورات الألفية الجديدة. وأي شخص موضوعي يراقب أداء رئيس الجامعة الأردنية ويستمع لرؤيته وأليات تطبيقها سيصل إلى نتيجة أنه الرجل المناسب للتصدي للتحديات القادمة ويعالج تركة ثقيلة ورثها. أهم ما يميز الرئيس هو إصراره على المضي بمشروع تطوير الجامعة واستعداده للحوار من اجل اقناع مستمعيه. وهو يعمل بصمت ولا يتحدث كثيرا كما يفعل غيره، والأهم هو شعوره مع احتياجات الطلبة، وقد روى لي الدكتور أمين مشاقبة عن اجتماع لمجلس التعليم العالي كان الدكتور القضاة عضوا به وكيف أنه تصدى بحزم للوزير في ذلك الوقت الذي كان يريد الحد من قبول عدد الطلبة من أبناء الشهداء بالجامعات الأردنية.
أنا متفائل بالرئيس الذي يبدأ عامه الأكاديمي الثاني في موقع الرئيس، وما من شك أنه استخلص الكثير في السنة الأولى وربما يعيد النظر في بعض التعيينات في المواقع الأكاديمية التي أعاقت مسيرة كان يخطط لها بعد أن غلبت مصالحها الشللية وغيرها، والرئيس القضاة يعلم تمام العلم أنه أصاب في الكثير من التعيينات (في رئاسة الأقسام ومجلس العمداء) وجانبه الصواب في بعضها وأن التعديل بات مطلوبا حتى يكون هناك بيئة أكاديمية صحية تكون رافعة لرؤية الرئيس في تحويل الجامعة إلى جامعة عالمية وذكية ومستنيرة.