الغد-هآرتس
بقلم: يوسي فيرتر
في التاريخ الذي سيتحدث عن عملية قذارة المجتمع الإسرائيلي، التي ازدادت بشكل كبير منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، فإن اقتحام قاعدة سديه تيمان احتجاجا على اعتقال جنود في الاحتياط للتحقيق معهم بتهمة التحرش بمعتقل فلسطيني، يحتل مكانة خاصة، لكن هذا فقط هو جزء من التدهور، بما يشبه ازدياد المذابح المنهجية التي ينفذها المستوطنون العنيفون ضد الفلسطينيين؛ جعل اليئور ازاريا بطل اليمين؛ الشتائم ضد أبناء عائلات المخطوفين من الزعران المتطرفين باسم بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير؛ الهجمات العنيفة ضد مراسلين في وسائل اعلام يحرض عليها الائتلاف بشكل ثابت.
الاختلاف البارز والمقلق، حتى لو لم يكن مفاجئا، في هذه المرة شاهدنا أيضا ممثلي السلطة، وزراء وأعضاء كنيست بالبدلات وهم يذوبون في داخل رعاع وحشي ويقودونه للانقضاض على قاعدة عسكرية. عضو الكنيست تسفي سوكوت (الصهيونية الدينية)، تسلل من خلال فتحة ضيقة في البوابة. الوزير عميحاي الياهو (قوة يهودية)، وعضو الكنيست نسيم فاتوري (الليكود) سارا بصدور متوترة في داخل سديه تيمان، وكأنهما في الطريق الى حائط المبكى بعد تحرير البلدة القديمة. الوزير اسحق فاسرلاوف وقف خارج البوابة.
هؤلاء حصلوا على الدعم من مقر الحكومة في القدس على شكل تصريحات تحريض، نموذجية، للوزير ايتمار بن غفير والوزير بتسلئيل سموتريتش والوزير ياريف لفين والوزير شلومو كرعي والوزيرة ميري ريغف. بعد ذلك زعموا أن الإجراءات القانونية التي اتخذها المجتمع الدولي ضد القيادة في إسرائيل هي تعبير عن معاداة السامية. الاستثناء الوحيد كالعادة هما وزير الدفاع يوآف غالنت (الليكود)، ووزير الداخلية موشيه اربيل (شاس). نحن أيضا تعودنا على ذلك وعلى حقيقة أن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، الجنرال بالزي العسكري الذي يعبر عن قيم ومعايير إسرائيل الديمقراطية.
اربيل بالمناسبة، عمل خلافا لروح الكهانية التي تسيطر على حزبه، الذي أصدر بيانا يدعم المشتبه فيهم ويهاجم المحققين. هذا هو الجوهر الثنائي لآريه درعي، الذي بيد يحاول إعطاء الانطباع بأنه العنصر المعتدل والمسؤول في الائتلاف وأنه يجد صعوبة، وباليد الثانية يركب على كل موجة قومية كي لا يفقد نصف مقعد لصالح بن غفير.
رئيس الحكومة انتظر ساعتين حتى أصدر بيانا مقتضبا دعا فيه الى "تهدئة النفوس"، وندد "بشدة" باقتحام القاعدة. من جهة، بمعايير نتنياهو الملتوية هذا رقم قياسي أولمبي في رد مسؤول ومطلوب، أي ضد القاعدة. بشكل عام هو يصمت أو ينتظر يوما وبعد ذلك، يصدر بيانا يخلق فيه تناظرا، الذي هو بشكل عام لا يوجد، مع معسكر مقابل، حقيقي أو وهمي. ومن جهة أخرى، أيضا في هذه المرة هو حرص على احترام القاعدة ولم يقم بنشر أي فيديو. في حادثة التشهير المهينة لنوعا ارغماني في الإنترنت التقطت له صورة وتوسع في الشرح وعبر عن الصدمة الشديدة بلهجة حازمة كما يعرف كيف يفعل ذلك.
النصوص التي اسمعها المشاغبون في سديه تيمان وبعد ذلك خارج قاعدة الشرطة العسكرية في بيت ليد ومنتخبو الجمهور الذين تشوشت اعتباراتهم بشكل كامل في الطريق إلى الهاوية، هدروا بشكل صريح دماء المخربين المعتقلين في إسرائيل، وكما هو معروف أيضا دماء رؤساء جهاز القضاء (هذا يوجد بالفعل في الإجراءات منذ فترة الانقلاب النظامي وقبل ذلك بفترة طويلة حتى).
لقد تم توجيه الشتائم أيضا للمحكمة العليا من وزير العدل لفين كاهن الكراهية والشر الرئيسي، وأيضا للمستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا (لفين سيتهم المحكمة العليا أيضا بدرجة الحرارة المرتفعة). لا يوجد للمستشارة القانونية وللمحكمة العليا (في هذه الأثناء) أي صلة بالحادثة مدار الحديث. ولكن ائتلاف المجانين وكتائب الشارع هذه تعتبر فرصة بالنسبة لهم من أجل تجميع المكروهين في رزمة واحدة. ريغف اتهمت النيابة العامة العسكرية بـ"إرضاء الكارهين لنا".
كرعي، المتحدث باسم نتنياهو والذي يهاجم غالنت من أجله قال: "وزير الدفاع والنيابة العامة الرئيسية والمستشارة القانونية هم الذين يتحملون المسؤولية عن ملاحقة جنود الجيش الإسرائيلي". وكل ذلك برعاية وصمت رئيس الحكومة المدوي. لو أنه لم يتم صد انقلاب نتنياهو وأصدقائه ضد الديمقراطية في إسرائيل، ولو أن جهاز القضاء أصبح أداة في يد السلطة، لكان سيتم إعطاء الضوء الأخضر والدعم الكامل لجنود الجيش، في الخدمة النظامية وفي الاحتياط، لتنفيذ الجرائم ضد الفلسطينيين. نير بركات "العقلاني" أعلن أنه "يدعم المقاتلين". وقد طلب من وزير الدفاع "منع المحاكمة الاستعراضية والمهينة ضدهم" (أي محاكمة؟).
استقلالية وجودة منظومة القضاء العسكرية ومنظومة القضاء بشكل عام، هي الرصيد الثابت الأخير الذي بقي لإسرائيل في الساحة الدولية. ميزة الجيش الإسرائيلي، أنه جيش غربي يعمل بشفافية وحسب القانون له عمود فقري قيادي منظم ومبادئ حديدية، هي الذخيرة الأكثر أهمية أمام العالم، الذي جزء كبير منه يصف إسرائيل بأنها دولة تُقاد من قبل مجرمي حرب، وترتكب جرائم حرب. حسب الرأي الهستيري لأعضاء كثيرين في الائتلاف، فإن هذا لا يعتبر وصفا مخجلا، بل هو تخيل في أبهى الصور ويمثل حلم الأجيال.