Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2019

هزيمة الأولويات*حمادة فراعنة

 الدستور

ولدت حركة حماس من رحم الانتفاضة الأولى عام 1987، وتقدمت في فعاليات الانتفاضة الثانية عام 2000، وتفوقت في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، وشكلت حكومة السلطة الوطنية ولم تكتف بالشراكة، فقامت بالانقلاب الذي أطلقت عليه الحسم العسكري عام 2007، ولازالت تُهيمن على قطاع غزة منفردة.
 في أيار 2017، توافقت مع برنامج منظمة التحرير وأعلنت وثيقتها السياسية من الدوحة، وهي تتنافس مع سلطة رام الله في التهدئة الأمنية بموازاة التنسيق الأمني، وتتسابق لترتيب أوضاعها السياسية مع المشروع الأميركي والقبول الإسرائيلي عبر مفاوضات غير مباشرة يؤديها الوسطاء الثلاثة: مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف والسفير القطري محمد العمادي والمخابرات المصرية.
وهل ثمة مضمون عملي كفاحي أرقى وأصلب في رام الله؟؟ لا يوجد غير الصمود ورفض الإجراءات الأميركية التي تنزل عن سقف أوسلو، أوسلو بما لها وعليها انتزعتها حركة فتح بفعل الانتفاضة الأولى التي أقرت الاعتراف الإسرائيلي الأميركي بالعناوين الثلاثة: بالشعب الفلسطيني، وبمنظمة التحرير، وبالحقوق السياسية، وعلى أرضية هذا الاعتراف جرى الانسحاب الإسرائيلي المتدرج من المدن الفلسطينية وعودة الرئيس أبو عمار إلى الوطن مع مؤسسات منظمة التحرير وولادة السلطة الوطنية حتى مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، تلك المفاوضات مع يهود براك برعاية الرئيس كلينتون دفعت أبو عمار لتغيير توجهاته نحو تفجير الانتفاضة الثانية بسبب عدم التجاوب الإسرائيلي الأميركي مع استحقاقات قضيتي القدس واللاجئين.
الانتفاضة الثانية فرضت على شارون رحيل الإسرائيليين عن قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال عام 2005، بعد اغتيالهم: أبو علي مصطفى الزبري 27 آب 2001، وأحمد ياسين 22 أذار 2004، وياسر عرفات 11 تشرين الثاني 2004، ولكنهم أعادوا احتلال مدن الضفة الفلسطينية التي سبق وتركوها، وسلطوا قبضتهم الأمنية والعسكرية كأنه لا يوجد سلطة فلسطينية في الضفة.
الأميركيون فرضوا الانتخابات في مصر والعراق وفلسطين، بعد أن تفاهموا مع الإخوان المسلمين في عهد بوش، ومع إيران في عهد أوباما، ونجح الإخوان المسلمين في البلدان الثلاثة، وتولت حماس السلطة في ضوء هذه النتائج وسعت للتكيف مع هذه المعطيات، ولاتزال اعتماداً على الوساطات والنصائح القطرية والتركية، وهي تجني ثمار هذا التغيير في سياساتها وبرامجها العملية، رغم الضجيج نحو التمسك بالمفردات الكبيرة لتحرير فلسطين، مثلها مثل حركة فتح المتمسكة بالدولة في حدود 67 وعاصمتها القدس، ولكن معطيات الواقع غير هذه وتلك تماماً، فالبرنامج الإسرائيلي الأميركي هو السائد بلا مقاومة جدية عملية ملموسة سوى رفض شكلي لفظي لا يعتمد أي أساس كفاحي، والفصائل المعارضة الثلاثة: الجهاد والشعبية والديمقراطية ليست في ميزان القوة، والجهاد عبر محاولاتها الجادة الوحيدة تدفع الثمن كما سبق ودفعته فتح من خيرة قياداتها، وحماس من خيرة مجاهديها.
سلطة رام الله ملتزمة بالتنسيق الأمني مرغمة وتتلقى أموالها ومساعداتها برضى الاحتلال وموافقته، وسلطة غزة ملتزمة بالتهدئة الأمنية وتتلقى أموالها عبر سلطات الاحتلال وأجهزته، ولا أحد أحسن من أحد، هذا الواقع الذي وصفه الراحل أحمد عبد الرحمن بمرارة المجرب المراقب، ورهانه على الجيل المقبل الذي سيولد من رحم الأحادية والاستئثار الحزبي الضيق لدى فتح وحماس، ومن رحم معاداة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يحمل بذور هزيمته بسبب التطرف والظلم والعنصرية والاستعمار الذي يمارسه ضد الشعب الفلسطيني، وبسبب سياسات الحرمان والتمييز ومنع الفلسطينيين من حقهم في الحياة على أرض وطنهم الذي لا وطن لهم غيره.