Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Jan-2018

لماذا تنطفىء ذاكرة الأردني سريعا ؟ - د. رامي الحباشنة

الراي - البسيط بعدها أن أياما قليلة كفيلة بنسيان الحدث برمته إذا لم يتحول الأمر إلى الإنتقال نحو ما يناقض ما إن تشتعل وسائل التواصل الإجتماعي بخبر عن حدث ما سواء كان مفرحا أو محزنا يمكن أن يجزم المتابع الحدث الأول جملة وتفصيلا دون أن يترك هذا التناقض أي أثر في نفس الضمير الجمعي يشعره بالتناقض الذي حدث.

وهنا يمكن الإشارة إلى عديد من العوامل التي ساهمت في جعل ذاكرة الأردني تبدو وكأنها غير قادرة على خلق فكرة تراكمية تشكل مبدأ ما مستمرا إتجاه أي قضية على أي مستوى والخطورة الأولى على هذا الصعيد ما يؤشر إليه علم النفس الإجتماعي بأن الإنسان يبقى متذكرا لما يؤثر فيه فعلا وما يدخل في صميم وجدانه وعقله وهنا لا خجل من أن نقول بأن ذلك يدلل على عمق تأثير وتحليل الحدث بداخل كل فرد أو أن الحدث كان إستثمارا لحظيا لفكرة أن أظهر انا من خلال الحدث لا أن يظهر فهم الحدث من خلالي ، فيلقي الأفراد أراءهم ضمن دائرة العدوى الإجتماعية بمتعة حصاد اللايك والكومنت كسامع وناقل للحدث لا كمشارك ومستشعر لأبعاده الحقيقية كي يبقى متوهجا في ذاكرته.
العامل الآخر كما يبدو هو أن التكنولوجيا و وسائل التواصل الحديثة كما إختصرت الجهد و المسافات فقد ألغت الإختبارات والمحكات بحيث أصبح الرأي العام يصاغ بأسلوب الفزعة التي يتمكن كل فرد فيها من الإدلاء برأيه بعيدا عن شروط فهم أبجديات الحدث وعوامله والتراكمية المعرفية له ، فتخرج أراء تتوشح معظمها بالعاطفة تحت مظلة الخليط الذي تنصهر داخله الحدود الفاصلة بين الفاهم والحافظ والناقل والمستعرض فيصبح الضمير الجمعي بمختلف مقومات أفراده كتلة واحدة تتدحرج بأتجاه إشهار الحدث لا تحليله ومعرفة خفاياه بأنتظار إشهار الحدث الذي يليه دون أن يتوقع الفرد أي تبعة تحليل معرفيه أو ثقافية او علمية لما قام بكتابته وإشهاره فتتحول الأحداث إلى سلعة تدر اللايك للصفحة بدل ان تتحول الصفحة إلى تحليل الحدث والغوص في مضامينه كي يبقى مشتعلا في الذاكرة.
وختاما نتعلق بحبال الأمل ان لا يكون هذا النوع من الذاكرة جاء كرد فعل ينتهجه الفاعل الإجتماعي الأردني ردا على صياغات الفعل الإقتصادي والثقافي اللذان أصبحا مثبطا لإنتهاجه وتسلحه بأدوات الأمل الذي يبقي جذوة الفكرة مشتعلة ضمن ثقافة باتت تقدم القشرة على اللب والمضمون وضيق إقتصادي يسلم بفكرة أن أحصل على الشيء أولا ثم أفكر بالطريقة التي حصلت بها عليه ، فلا مكان لذاكرة في عقل تتمزق أفكاره بين الخوف من المستقبل وما سيحمله وضعف إمكانيات الحاضر وكيفية التعامل معه.
* استاذ علم الإجتماع جامعة مؤتة