الدستور-هذا المقال قد يغضب البعض, وقد يزعج آخرين ويثير عتبهم, ولكن ليسمح لنا الجميع بابداء رأينا ووضع النقاط على الحروف إزاء العدوان التركي على سوريا الشقيقة.
فبداية أنتم ونحن جميعا ندين هذا العدوان, كما ندين العدوان الاميركي على العراق وسوريا وليبيا, ودعم اميركا للعدو الصهيوني, ندين قبل ذلك وبعده العدوان الصهيوني الغاشم المستمر على فلسطين وشعبها الشقيق منذ سبعين عاما وعام, وسيستمر حتى يقيض الله لهذه الأمة من يوحدها, ويقودها لتحرير القدس , كما حررها صلاح الدين, واقتلاع الغزوة الصهيونية من جذورها.
وعود على بدء, نذكر بداية ان تركيا هي عضو في حلف (الناتو , الذي تتحكم فيه اميركا, وهذا الحلف خلق اصلا لدعم العدو الصهيوني, ولا تقوم تركيا او غيرها بأي عمل عسكري الا بموافقة هذا الحلف.
لقد ادعت تركيا ان سبب غزوها الأراضي السورية هو وجود الإرهابيين على أرضها, وتقصد حزب العمال, ودعم الاكراد لهذا الحزب, ولذا ستعمل على إقامة منطقة امنة عمقها 30 كم في الأراضي السورية, لمنع وصول الإرهابيين إلى ارضها, وهذا الادعاء باطل, ولا يستقيم لمنطق, ويناقض القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة, الذي يدعو إلى حل الخلافات بالحوار وليس بالقوة, فلو أن كل دولة في العالم لجأت إلى استخدام القوة ضد جيرانها لوجود معارضة لها في هذه الدولة أو تلك, لانتشرت الفوضى والحروب وانعدم الأمن والسلم في العالم.
ان منطق تركيا هذا, الطافح بالغرور يذكرنا بغزو اميركا لكوبا لنفس السبب, ويذكرنا أيضا بحربها الاقتصادية ضد فنزويلا, وبغزو العدو الصهيوني للبنان عام 1982والأمثلة كثيرة. ونسأل لماذا احتلت تركيا قاعدة (عشقي) في العراق ولا تزال قواتها في القاعدة وترفض الانسحاب رغم انتهاء الحرب مع داعش , الا يرتبط هذا التواجد العسكري باطماع أنقرة في الموصل ودعوة اردوغان في وقت سابق إلى إعادة بحث معاهدة الموصل مع العراق! وأيضا ان تركيا للمعارضة السورية, وتسليحها, وفتح الحدود التركية لكافة إرهابيي العالم لدخول سوريا, يؤكد اطماع تركيا, ومخططاتها التوسعية في الأراضي السورية.
المحور الثاني الذي يفرض نفسه في هذا المقال هو: دفاع البعض عن تركيا- اردوغان, لموقفها من القضية الفلسطينية ومن دعم أهلنا في غزة. بداية نثمن هذا الموقف, ولكن نشير إلى أن المواقف التركية بقيت في مربع الكلام, لم تترجم إلى فعل موجع, فلم تقم تركيا بطرد السفير الصهيوني, وإغلاق سفارة العدو كما فعلت فنزويلا. لا بل تشير الارقام إلى أن حجم التبادل التجاري قد ارتفع مع العدو الصهيوني. ونذكر من لا يعرف بأن تركيا هي من أوائل الدول الإسلامية التي اعترفت بدولة العدو الصهيوني في عام 1950.
لقد نجحت تركيا اقتصاديا, وتمكنت من سداد ديونها, وها هي تحتل مركزا مهما بين مجموع العشرين اقتصاديا, ونقدر ذلك. ولكن, علينا أن لا نخلط بين نجاحها اقتصاديا وبين أحلامها العثمانية التوسعية, وتدخلها في الشؤون العربية, برفضها الانسحاب من قاعدة عشقي العراقية وخططها في إقامة ما يسمى منطقة امنة في شمال سوريا تحت ذريعة محارب حزب العمال, وهي التي فتحت الحدود لكافة إرهابيي العالم, وأقامت معسكرات تدريب لهم على أمل تفتيت الدولة السورية وفوزها بنصيب من الكعكة السورية, كما اغتصبت لواء الاسكندرون سابقا.
باختصار, نتمنى على اصدقاء تركيا ان يضغطوا على صديقهم اردوغان للانسحاب من العراق وسوريا, وان يكف عن دعم الإرهابيين في إدلب, وان يكف الأحلام العثمانية التوسعية.
فالزمن لا يعود إلى الوراء.