Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Dec-2018

العلمانية في سياق عربي تَحَرُري - يوسف عبداالله محمود

 الراي - «العلمانية هي التي اعطتنا الاحزاب وفكرة المواطنة والوطن وشعار الدين الله والوطن للجميع» د. صادق العظم بين يديّ كتاب أحسن مؤلفه نصري خضر الطرزي توثيق مادته على نحو علمي رصين. عنوان الكتاب»العلمانية في سياق عربي تحرري». وقد صدر عام 2014.

في كتابه تناول المؤلف «العلمانية» تناولاً نقدياً مظهراً عدم دقة بعض الشعارات التي تختزل العلمانية اليها، وفي الوقت نفسه ابدى وجهة نظره في معالم كل من الدولة الدينية وتلك العلمانية. فَعَل ذلك بكل موضوعية.
عرض نصر الطرزي لتاريخ نشوء العلمانية في اوروبا ثم قارنه بتاريخ نشوئها في الوطن العربي مناقشاً اثر اختلاف السياق على تطورها، هذا الاختلاف الذي في رأيه طرح اشكالات جدية امام العلمانيين وانصار تسييس الدين. كما ردّ على حجج معارضين العلمانية وصولاً الى طرح تصور يضع العلمانية في سياق التحرر الوطني العربي.
تحدث المؤلف عن»اللبّس»الذي شاب مفهوم»العلمانية»وحمّل حاملي لوائها المسؤولية عن
هذا»اللبّس». فهم في رأيه «اختزلوا الفكرة الى شعار يُكرر وقلما يفهم وتدرك مغازية، وهذا بدوره سهّل الهجوم عليه» (لمرجع السابق ص 5.( يرفض الباحث تسييس الدين لاعتبارات سياسية، اخذ على المعارضين لها نأيهم عن الدخول في حوار عقلي وجدلي بشأن هذه»العلمانية». يقول متحدثاً عن أهداف الكتاب»انه يهدف الى توضيح المفهوم واستجلاء دلالاته واظهار الحقائق المتعلقة به بعد ان طمستها حملات التشويه وسوء الفهم».
اما الهدف الآخر من الكتاب فهو المساهمة في رفع الوعي بأهمية العلمانية في الوطن
العربي» (المرجع السابق ص 6.( يرفض المؤلف الاتهام المطلق للعمانية بأنها ضد»الدين»او انها تتجاوز قيمه الإنسانية.
يستشهد هنا بأقوال بعض الباحثين العرب كعادل ظاهر الذي يقول»بأسبقية العقل على النص»وفي حديثه عن»تسييس الدين». يقول الطرزي مستنداً الى وجهة نظر بعض العلماء»يستند تسييس الدين الى جذرين فكريين هما:»السلفية»وهي التيار الفكري الذي يستعين بالماضي لبناء المستقبل.. وهي نزعة فكرية محافظة تتلمس (العقيدة) من القرآن والسُّنة والصحابة... ولا تؤمن بالعقل لأنه يُظلّ، و»الاصولية»وهو مصطلح حديث يدل على التيار الفكري الذي يردّ كل الظواهر الى اصل واحد هو النص المقدس.. ويعارض كل تشريع خارج العقيدة التي تمتلك في رأيهم الحقيقة المطلقة للخلاص الإنساني وبالتالي يجب فرضها فرضاً عن طريق الجهاد»(المرجع السابق ص 9.( من هنا فالمؤلف وهو يتحدث عن تيار تسييس الدين. يحذر من ان الخلاف السياسي سيتحول الى خلاف ديني»يقود الى استسهال وصف معارضي هذا التيار بالخروج عن الدين» (المرجع السابق ص 9.( وهذا ما هو حاصل على مستوى «الوعي» الذي -مع الاسف- ما زال قاصراً عن استيعاب المفهوم السليم للعلمانية،وان اللبّس الذي اأُلصق بها قد أساء اليها.»فالعلمانية»-وكما يشير الباحث-»ليست ضد الاسلام ولا ضد اي دين أخر». (المرجع السابق ص 9.( العلمانية ليست كُفراً كما يحلو لبعض المتزمتين ان يصفوها. هناك»علمانيون مسلمون»برزوا في عصر النهضة آواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين. هؤلاء - كما وصفهم الراحل الدكتور هشام شرابي-»ان اتجاههم نحو اختراق التفكير الديني والتعامل مع قيم ونظم علمانية، خاصة في مجال السياسة، وضعهم على ارض مشتركة مع المثفقين المسيحيين المستغربين»(د. هشام شرابي، «المثقفون العرب والغرب»).
وهنا اقتبس ما قاله شرابي حول مقاومة العلمانيين المسلمين لسياسة الغرب»يجب ان نتذكر ان اول مقاومة سياسية للغرب برزت من صفوف العلمانيين المسلمين». (د. هشام شرابي، المرجع السابق ص 199.( اعود الى كتاب نصري خضر الطرزي»العلمانية في سياق عربي تحرري» فأقول انه دراسة جادة في سَبْر مفهوم «العلمانية»حيث نفى عنها معاداة اي دين سماوي، كما انه انتقد علمانية الغرب في إطارها النيوليبرالي، فهي كما وصفها «علمانية ناقصة»لا تسعى للحفاظ على
السّلم الأهلي.