Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2020

انهيار أسعار النفط والمأزق السياسي يترك النخب العراقية مكشوفة - د. سعد ناجي جواد*

 

 
لندن - الغد- نشرت مجلة انترناشونال بوليسي دايجيست “International Policy Digest” بتاريخ 27/5/2020 مقالة مهمة تتحدث عن واقع الاحوال في كردستان العراق، ودرجة الفساد فيها، بقلم الكاتبة (Wenyuan Wu) بعنوان:”انهيار أسعار النفط والمأزق السياسي يترك النخب العراقية مكشوفة “Collapsing oil prices and political deadlock leave Iraqi elites exposed”
جاء فيها:وكأن العراق، ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم، لم يواجه من التحديات ما يكفي مع جائحة COVID-19 التي دفعت أسعار النفط الخام إلى مستويات منخفضة تاريخية، حتى برز الفصل الأخير من النزاع المرير بين الحكومة المركزية العراقية وإقليم كردستان بشأن عائدات إنتاج النفط في كردستان العراق، هذا النزاع الذي دفع قادة حكومة إقليم كردستان إلى الدعوة إلى إشراك وسطاء دوليين مثل الأمم المتحدة. في حين ان بغداد خفضت في وقت سابق من هذا الشهر، مساهماتها في الميزانية إلى أربيل، بعد أن لم تسلم كردستان العراق 250 ألف برميل يوميا إلى الحكومة المركزية، وزادت بغداد على ذلك بمطالبة حكومة إقليم كردستان بإعادة جميع المدفوعات التي تم دفعها منذ كانون الثاني (يناير) 2019.
منذ أن اندلع صراع تقاسم العائدات مرة اخرى الشهر الماضي بين الطرفين، شهدت الوضع العراقي (بالنسبة للسلطة المركزية) تطورا إيجابيا واحدا على الأقل تمثل صعود مصطفى الكاظمي كرئيس وزراء جديد للعراق. إن موافقة البرلمان على وزارة رئيس المخابرات السابق الكاظمي وضعت حدا لأشهر من الشلل السياسي بعد أن أسفرت حركة احتجاج واسعة النطاق ضد الفساد الممنهج والبطالة المنتشرة عن إسقاط سلفه عادل عبد المهدي. وكان الكاظمي المرشح الثالث لرئيس الجمهورية برهم صالح لهذا المنصب هذا العام، بعد أن فشل محافظ النجف السابق عدنان الزرفي ووزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي في الحصول على دعم برلماني.
العراق ككل ما يزال يواجه كارثة اقتصادية، حيث يتوقع البنك الدولي انخفاضا بنسبة 9.7 % في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. مع تجدد الاحتجاجات مرة ثانية، وتراجع الإيرادات بشكل كبير، الذي من المرجح أن يؤدي إلى تفاقم التظاهرات، هنا يثار السؤال هل يمكن للكاظمي أن يقنع الفصائل العراقية المتصدعة
و(المنقسمة) ان تقبل بتنفيذ إصلاحات طال انتظارها وإبعاد البلاد من حافة الهاوية؟ الأحداث الأخيرة في كردستان لا تدعم أي منظور متفائل. بدلاً من ذلك، فان ما يصل من الاقليم يظهر كيف أن “جزيرة الاستقرار” في العراق (كردستان العراق) قد تتماثل فيها قريبا حالة الفوضى مع الفوضى التي تعم الوضع السياسي في بغداد وباقي العراق.
لم يعد بامكان كردستان العراق ان تنجو من هكذا مصير
أحد العوائق التي افشلت مهمة، أو وقفت في وجه مرشحي برهم صالح الآخرين كان الاصرار على تحدي الامتيازات السياسية التي تتمتع بها الجماعات العرقية والدينية في العراق، في حين أن الفصائل المهيمنة في اقليم كردستان الغني بالنفط تعتبر أن هذه النظام الذي بني على تقسيمات طائفية وعرقية والمحاصصة غير قابلة للتفاوض، وان كردستان العراق التي عانت من معاملة. في حين أن انفصال او ابتعاد كردستان عن بغداد ربما يكون قد خلق حالة من الاستقرار، إلا أن نزاعا آخر في مجال الطاقة أزمة الغاز مؤخرا قد كشف عن مشاكل طويلة الأمد في الاقليم نتيجة للفساد والمحسوبية والفئوية والشللية.
بدأت أزمة الغاز المعنية في أوائل شباط (فبراير) عندما تخاصمت شركتان، شركة Sur Gas (Sorgas) وشركة Golden Jaguar ، على عقد مناقصة لنقل غاز البترول (الغاز السائل) (LPG). تصاعد النزاع إلى هجمات مسلحة: هاجم رجال مجهولون مقر سورغاس في 1 فبراير ، واحتجزوا مديره لفترة وجيزة. في اليوم التالي، أطلق مسلحون النار على شاحنات سرغاس التي كانت تنقل غاز البترول السائل داخل كردستان.
أدى هذا الانقطاع إلى نقص حاد في توفير الغاز في منتصف الشتاء في مدينتي أربيل ودهوك ، مما تسبب في ارتفاع أسعار اسطوانة الغاز من 6.30 دولار إلى 42 دولارا. وبطبيعة الحال، فإن آثار هذا الاضطراب أوسع بكثير من الارتفاع المؤقت في الأسعار. إن الأمن والبنية التحتية في المنطقة يتأرجحان في مواجهة الأزمة ، مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، وزيادة البطالة، والاستياء ضد النخب في المنطقة – كما هو الحال في بقية العراق.
أزمة الغاز في كردستان العراق كان لها ايضا نتائج سياسية سلطت الضوء على اقتصاد الريع وشبكات المحسوبية. بعد النزاع العنيف حول الغاز السائل، اضطرت حكومة إقليم كردستان إلى الاعتراف بأن “الاحتكاريين والمافيا” يتمتعون بنفوذ واسع ولا مبرر له في قطاع الطاقة في المنطقة.
يرتبط الطرفان المتنافسان ارتباطا وثيقا عبر روابط المنفعة الخاصة والمحسوبية بالفصائل السياسية الكردية المتنافسة. فشركة الجاكوار الذهبية تتمتع بصلات بالاتحاد الوطني الكردستاني (PUK).
بعد الحرب الأهلية الكردية في التسعينات ، قسّم الحزب الديمقراطي الكردستاني (مسعود بارزاني) والاتحاد الوطني الكردستاني (جلال طالباني) كردستان فعليا إلى إقطاعيات عائلية ومحسوبية فعلية. سيطر الاتحاد الوطني الكردستاني على رئاسة العراق، في البداية تحت حكم جلال طالباني وبعد ذلك تحت حكم فؤاد معصوم والآن برهم صالح. علما بإن هذا المنصب الرمزي في يتمتع أو مخصص له ميزانية سنوية تبلغ 43 مليون دولار.
يمتد انعدام الشفافية إلى كردستان. في العام 2017 ، حصل الاقليم على قرض بقيمة 500 مليون دولار، دون موافقة برلمانية، تضمن القرض “مكافأة توقيع” غامضة بقيمة 50 مليون دولار تمت إضافتها. واستنادا إلى شركة روسنفت الروسية فانها دفعت 250 مليون دولار إلى “مستشار غامض” لتأمين حصتها في قطاع النفط في كردستان ، وهكذا يبدو أن الكسب غير المشروع في الامور المالية العامة للاقليم لا يقل فظاعة عن الفساد في أماكن أخرى في العراق.
لقد وعد قادة كردستان مرارا وتكرارا بكبح هذا الفساد ، ولكن دون أي نتائج موثرة. في أواخر العام 2019 ، تعهد رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان المعين مسرور بارزاني بالحد من الفساد المتفشي وتطبيق سيادة القانون في قطاع النفط ، الذي يمثل أكثر من 80 % من اقتصاد الاقليم. والسوال هو هل يمكن للأزمات المتفاقمة الآن أن تجبر حكومة إقليم كردستان على تنفيذ تلك الوعود من أجل استرضاء الجمهور المضطرب، وكذلك لإصلاح الجسور مع حكومة الكاظمي الجديدة في بغداد؟
إذا كان الأمر كذلك ، فربما يكون هناك أمل في ان تصلح الشفافية الأمور في مسألة النفط حسب هذه الوعود، وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فإن العراق بأكمله – بما في ذلك جزيرة الاستقرار المزعومة باقليم كردستان – قد يغرق في هذا الانهيار العالمي.
 
*كاتب وأكاديمي عراقي