Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Mar-2020

الشاعر مهدي نصير: «التنوير» سيبقى أحد أهم أسئلة النهوض العربي

 الدستور– نضال برقان

دردشة ثقافية ذات طابع نقدي للراهن والمعيش، نطل من خلالها على عوالم مبدعينا الأردنيين والعرب، ونتأمل جانبًا رؤاهم الخاصة لكثير من المفردات، والصغيرة منها والكبيرة، ونتجول في مشاغلهم الإبداعية، ونتعرف من خلالها إلى أبرز شجونهم وشؤونهم.. وفي هذه الدردشة نستضيف الشاعر والناقد مهدي نصير
 
* أبدأ من «كورونا»، ذلك الفايروس الذي راح يعصف بالعالم، بالناس، بالنظم السياسية والفكرية السائدة، بالكثير من العادات والتقاليد، ترى ما هي أبرز الأسئلة التي أثارتها في وجدانك تداعيات «كورونا»؟ 
 
- سيعصف هذا الجنرال الأعمى بكثير من مسلمات عالمنا المعاصر، سيعيد ترتيب العالم من جديدٍ بعد فتراتِ فوضى وحروبٍ مؤجلةٍ كثيرةٍ، سيشهد العالم صراعاتٍ عنيفةً قادمةً سترافق عملية الانتقال لنظامٍ عالميٍّ جديدٍ أكثر رأفةً وأكثر أخلاقاً وأقل استبداداً.
 
* تحديات جمّة تواجهها المجتمعات العربية، على الصعد كافة، ترى هل على المثقف أن يقوم بدور ما حيال مجتمعه؟ وما طبيعة الدور الذي يمكن أن يقوم به في ظل النظم السياسية القائمة؟
 
- للمثقف دورٌ دائمٌ  في مجتمعه وتزداد اهمية هذا الدور في مراحل القلق والانتقال التاريخية الكبيرة التي تشهدها وتنتظرها مجتمعاتنا العربية، النظم السياسية العربية القائمة والمرتبطة بالنظام العالمي القائم هي نُظُمٌ هشَّةٌ وستشهد تغيراتٍ سياسيةً واجتماعيةً حتميةً سيشارك بها المثقفون العرب وسينخرطون بها بكلِّ أدواتهم الثقافية من موسيقى ورسمٍ ونقدٍ ومسرحٍ وشِعرٍ وكتابةٍ إبداعيةٍ وتحليلٍ واستشرافٍ للمشاكل والعوائق  التي ترافق هذه التحولات.
 
* لم يزل سؤال التنوير واحدًا من أهم أسئلة الثقافة العربية، منذ أزيد من قرن، ترى هل استطاع المثقف العربي تقديم إجابة، أو شبة إجابة حتى، على ذلك السؤال؟
 
- وسيبقى هذا السؤال من أهم أسئلة النهوض العربي الذي أصبح لا بدَّ منه حتى نستطيع أن نواجه تحولات هذا العالم السريع التغير، المثقفون العرب منذ بدايات عصر النهضة في نهايات القرن التاسع عشر وحتى الآن، قدَّموا قراءاتٍ وإجاباتٍ وتشخيصاً لكثيرٍ من معضلات التخلف والتأخر الذي تعيشه المجتمعات العربية وأسبابها، ولكن ولأسبابٍ كثيرةٍ بعضها مرتبط  بقوى خارجيةٍ تريد السيطرة على مجتمعاتنا وإبقائها مجتمعاتٍ متخلفةً وتابعةً لها وبعضها متعلقٌ بحركاتٍ سلفيةٍ منغلقةٍ لها حضورٌ اجتماعيٌ يستند لطبيعة مجتمعنا المتدين، لذلك تمَّ بوسائل وأشكالٍ مختلفةٍ محاربة دور المثقفين الحقيقيين المتنورين  ولم يتم انتشار دورهم، ولم يتم تفعيل هذه الإجابات والحلول، ولم يتم التعبير عنها بشكل حركاتٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ واقتصاديةٍ ذات حضور مؤثر.
 
* في الوقت الذي نتأمل فيه بعض مرايا الثقافة العربية، ترى هل هي ثقافة حرّة؟ أم هل ثمّة هيمنة، أو أكثر، تمارس على هذه الثقافة؟ وإذا وجدت تلك الهيمنة، فما الذي تسعى لتحقيقه، أو ترسيخه ربما؟
 
- بوضوحٍ شديد، الثقافة العربية الآن هي ثقافةٌ مخترَقةٌ ومهيمنٌ عليها وموجهةٌ باتجاه طمس الثقافة العربية بأعلى صورها وطمس المثقفين العرب الحقيقيين في كل المجالات لصالح أشكالٍ مشوَّهةٍ وممولةٍ وتافهةٍ ولا تمثِّل قضايانا ومشاكلنا وتحدياتنا، وهذا الواقع الصعب يفرض على المثقفين العرب أدواراً تقترب من أدوار البطولة الأسطورية، وهذا ما يفسِّر عودة المثقف العربي - سواءً كان باحثاً أم شاعراً أم موسيقياً أم روائياً أم فناناً تشكيلياً -  للأساطير العتيقة المؤسِّسة والمغيبَة عن دورها في تشكيل الوعي الجمعي للإنسان العربي.
 
أمام هذا الواقع الصعب على المثقف العربي أن يواجه ويرسِّخ ويتمسك ويحارب ولا يتنازل عن وعيه أمام القوى التي تحاربه وتحارب بالقدر نفسه قدرة مجتمعاتنا العربية على تجاوز هذا التخلف والتردي واللحاق بركب الحضارة الإنسانية.
 
* لعل أحد الحلول الناجعة في سبيل إشاعة الثقافة والمعرفة بداية، وتأصيل دورهما تاليا في المجتمع، يتمثل بالاشتغال على البعد الاقتصادي لهما، (وهذه سبيل لتحريرهما من سطوة السلطة المانحة بطبيعة الحال)، وهي المعادلة التي لم تتبلور بعد في عالمنا العربي، ترى كيف تقرأ هذا المسألة؟ 
 
- هذا السؤال يعيدنا إلى مسألة التمويل المشوَّهة والموجهَة، الثقافة العربية تصنعها المدرسة والجامعة والكتاب والندوات الفكرية والشعرية والنقدية والسينما والمسرح والفن التشكيلي ووسائل الإعلام المختلفة، وهذه كلها بحاجةٍ لسلطةٍ سياسيةٍ مستنيرةٍ مستقلةٍ وديمقراطيةٍ وحرَّة.
 
* ثمّة تسارع كبير يشهده العالم، في كل لحظة ربما، على الصعيد التكنولوجيا والمعلومات، ترى هل أثّر ذلك على طقوسك الإبداعية في القراءة والكتابة؟
 
- نحن أبناء هذا العصر وتقنياته ولا يمكن لنا أن نتجاهل ثورة المعلومات ووسائل التواصل ونقل المعلومات وانتشارها، وبالتأكيد ستؤثر هذه الوسائل على أشكال قراءاتنا وكتابتنا.
 
* ماذا عن انشغالاتك الراهنة؟ ماذا تقرأ؟ ماذا تكتب؟  
 
بالإضافة لانشغالاتي المهنية الهندسية أقرأ بين  الحين والآخر بعض الأعمال الثقافية خصوصاً في الشعر والرواية وأقوم بمراجعة بعض الأعمال الشعرية المنشورة سابقاً في الصحف والمجلات الثقافية لإصدارها في الفترة القادمة بإذن الله، أنهيتُ في هذا الحجر الإجباري في الأيام الماضية قراءة رواية الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي «رأيتُ رام الله» وهي سيرة ذاتية كثيفةُ السرد وكثيفة الحزن.
 
* الشاعر مهدي نصير من مواليد 1960، في الزرقاء، وهو عضو رابطة الكتاب، ونقابة المهندسين، من دواوينه: «أساطير» منشورات أمانة عمان الكبرى 2006، «مئة نشيد لأقمارها الهائجة» دعم من وزارة الثقافة 2008 ، «تحولات أبي رُغال الثقفي» عن دار أزمنة للنشر وبدعم من أمانة عمان الكبرى 2009، «قراءة في نقش صحراوي» بدعم من وزارة الثقافة 2010 ، «إيقاعات ثمودية» وزارة الثقافة 2018، «امرأة حجرية» 2029.