Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Sep-2019

اعلُ هُبَل!!!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-كان هذا نداء عرب الجاهلية لتعميقها في نفوس وعقول العرب آنذاك؛ وبعد كل هذا الزمن يجد النداء من يرفعه في الأردن فوق كل شعار وقيمة!..

إعلُ هبلْ؛ يصبح هو محور التعليم والتنمية والمواطنة والعبادة أيضا لا سيما حين نتذكر قوله عليه السلام «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»..أو كما قال نبينا ومعلمنا بل معلم البشرية عليه الصلاة والسلام، الذي استقبل كتاب التكليف الإلهي بكلمة «اقرأ»..
فسبحان الله الذي جعلنا نعيش لنرى عجائب قدرته في شعبنا الأردني، وكيف يسعى للتجهيل وتفشي الأمية بعد مرور قرن ونصف على انطلاق رسالة التنوير العربية الاسلامية.
أكتبها صبيحة الاثنين؛ والأمل يتنامى بأن لا ينتهي يوم الاثنين الا وعادت البلاد الى رشدها، وأعلن المعلمون وقف إضرابهم، واستعدادهم لانطلاق عام دراسي متميز، يعوضون فيه الدولة والطلبة عن هذه الخسائر التي لحقت بالتنوير وبالوعي الجمعي..
ودعونا نتحدث قليلا عن الوعي الجمعي الذي تعرض لأكثر الخسائر فداحة، حين رفعنا شعار «إعلُ هبلْ»:
لم يلتفت أحد الى حقيقة نضوب الموازنة العامة والخطط من فكرة أو حتى احتمال توفير مبالغ تقدر بمئات الملايين، لتحقيق مطالب المعلمين «الفئوية»، مقارنة مع سائر موظفي الدولة، وهذا درس سيىء لتكريس الجهل والقفز عن الحقائق، حين نطالب بالممكن أو المستطاع، ولست أدري كيف سيفعل الناس لو تأخرت رواتبهم الشهرية أسابيع أو شهرا؟ فما الشعار الذي سيرفعونه عندئذ؟ تخيلوا لو جاء أحدهم يطالب بحوافز وزيادات في مثل هذا الظرف الافتراضي ! ماذا سنسميه عندئذ؟ وهل يختلف ظرف البلاد الاقتصادي كثيرا عن هذا الوضع الافتراضي؟ ..
 ماذا نقول لولد يطالب والده نقودا وهو يعلم أن والده مديون، وهو بالكاد يقوم بالتزاماته تجاه المنزل والعائلة؟ وحين يحرد الابن ويعترض ويفضح الدنيا هل سيجد تعاطفا من أحد يعرف الحقيقة المالية للعائلة الكريمة؟ ..سيتهمون الولد بالعقوق وبالجنون وسيقولون ربما هو سكران ومحشش..فهو يعلم أن والده ع الحديدة، ويقوم بما يقوم به من فضائح موجهة للعائلة وهي في نهاية المطاف في عنقه..يعني: بفضح بحاله وبأهله !.
انفلت عقال العقل والوعي لدى كثيرين من معلمينا المحترمين، فهاجموا أقرانهم في التنوير وهم الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، وقرأنا ما يندى له الجبين من تعميمات طالتنا جميعا في هذه المهنة الشاقة، بل شاهدنا حالات اعتداء على زملاء، لا يفعلها إلا ما نسميهم بالبلطجية، لا سيما حين نعلم بأن قضية التعليم والمدارس والطلبة ومستقبلهم، هي أهم قضية أردنية بالنسبة لكل عائلة، ولم نقابل هذه الإساءات بإساءات رغم أنها اعتداءات مباشرة علينا وعلى مهنتنا وطعن في أخلاقياتنا..وتمس دورنا وواجبنا الانساني والوطني قبل المهني، وهذا موقف يكرس الجهل والفوضى ويعمقهما أكثر في المجتمع ويفقد الحوار العام فكرته، ويجعله مرهونا لمن لا يجيده ولا يتعامل معه بأخلاق، حين يتم التشكيك بالصحافة ودورها وشرف القائمين عليها ونزاهتهم ووطنيتهم.
ولعل أهم الحالات وأكثرها خطورة التي تم فيها تغليب الجهل على العلم؛ تكمن في استخدام الناس وأبنائهم كدروع بشرية، وأوراق ضغط، للفوز بقضايا مطلبية مالية في وقت حرج للغاية، فتناسى المعلمون بأنهم إنما يبتزون المواطنين البسطاء الفقراء بأبنائهم وبمستقبلهم، وهي حالة شديدة البشاعة يفعلها الاحتلال وأذرعه المليشيوية كما نعلم، وهذا موقف يؤكد ويبرر ما ذهبنا إليه سابقا حين رفضنا وجود مثل هكذا كيان مهني في المدارس، فالمواطن «الغلبان» هو الذي سيدفع مرغما، ثمن الخصومات والمناكفات والأزمات بين الحكومات وهذا الكيان الذي أصبح مع كل أسف قانونيا دستوريا..فكيف يسمح لنفسه من يدعي حمل مشعل التنوير والوعي أن يغامر ويقامر في مستقبل وحياة الأطفال الفقراء أبناء المعلمين وسائر الموظفين والعسكر؟! ..من يمكنه أن يستسيغ هذا الابتزاز والاعتداء على حقوق الناس، ويمكنه أن يحترم موقف المعلم الذي تجاوز كل موضوعية وتعدى حدود الأمانة، وارتضى أن يتقاضى راتبا من الدولة وهو لم يقم بعمله، بل هو يشكر الأهالي وينصحهم بعدم ارسال أطفالهم الى المدارس، ويحذرهم بأنهم لن يكونوا سوى «رهائن» محتجزين في ساحة المدرسة !.
لم يلتفت أحد من نقابة المعلمين ومن سائر المعلمين المتحمسين لتعطيل البلاد والاعتداء على حقوق العباد، ولم يلتفتوا الى حقيقة أن أغلب الذين يدعمونهم ويفبركون الصور والمواقف ..هم جميعا لا يشعرون بالمشكلة، وأبناؤهم كذلك، ينتظمون في مقاعد الدراسة الخاصة، ويدفعون عنهم رسوما دراسية تفوق للطالب الواحد الدخل السنوي للمعلم ولأي ولي أمر لطالب في مدرسة حكومية !، فما الخدمة الجليلة التي قدمها الداعمون والمناكفون من هذا النوع لإضراب المعلمين؟ وما الفوائد التي تعود عليهم جراء شحنهم السلبي للموقف؟
كيف ارتضى المعلمون أن يصبحوا مجرد ورقة لتصفية الحسابات بين الحكومة وخصومها، وعلى حساب المواطن البسيط وللمرة المليون؟! ..
لن أشيطن أحدا؛ وأؤمن بالديمقراطية، وأعلم أنها السياسة وضرائبها، لهذا يزداد موقفي صلابة ويقينا بأننا لا يلزمنا نقابة معلمين بمثل هذا الأداء وعلى هذه الدرجة من العداء لمصالح وطنية عامة، وإن قبلنا بها فنحن حقا نلبي نداء الجاهلية الأولى، ليحيا الجهل ونموت على شعبة منه ومن الكفر بالخير والعدل وكفر بالوطن وبحقوق أهله.