Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2018

نحن وواشنطن والإنسانية الانتقائية المضحكة!! - محمد كعوش

 الراي - الفضيحة صارت مألوفة، لا أحد شعر بالعار من القرار الأميركي باعلان القدس عاصمة لأسرائيل ، ولا احد شعر بالأحراج عندما أعلن نتانياهو أن معظم البلاد العربية صارت صديقة وحليفة لأسرائيل، اكتفى الجميع برقص سياسي احتفالي رافض خجول، ورفعنا شعارات في كل العواصم لاتتجاوز تقول: «القدس عربية» أو «القدس لنا»، شعارات تزينها دموع العاجزين عن الفعل، وهي الأقرب الى دموع عاشق اندلسي في لحظة السقوط العام.

 
ردود الفعل العربية الأسلامية المتواضعة شجعت الأدارة الأميركية على التقدم الى الأمام والتهديد بقطع المساعدات عن الدول الرافضة والمتضررة من قرار ترمب العنصري، وتجمبد 125مليون دولار من الأموال المخصصة لمنظمة الأونروا لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بهدف تجويع اللاجئين واجبارهم على الهجرة أوالقبول بالتوطين، وبالتالي القبول بالحلول الأميركية الأسرائيلية (الصفقة الكبرى) الساعية الى تصفية القضية الفسطينية وانهاء الصراع العربي الأسرائيلي.
 
الثابت أن الأردن في مقدمة الدول العربية المتضررة من عرقلة حل الدولتين وعدم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، لذلك واصلت الدبلوماسية الأردنية حراكها على الصعيدين العربي والدولي من أجل مواجهة نتائج قرارات الرئيس الأميركي حول القدس ، وصد تداعياتها وما قد يتبعها من خطوات اميركية متهورة ، يرافق ذلك الجهود الأردنية المتواصلة لتثبيت ودعم صمود أهلنا في الداخل ، لأنها الوسيلة العملية الممكنة والناجحة لأفشال مشروع التهويد القائم على الأستيطان ومصادرة الأراضي وتفريغها من اصحابها الأصليين.
 
أمام هذه التحديات نخشى أن تكون بعض الأطراف العربية متواطئة ، أو متورطة بالمشاركة في ما يسمى ( الصفقة الأميركية – الأسرائيلية الكبرى ) ، لأننا لا نرى اندفاعا عربيا صادقا وشاملا في دعم الدور السياسي الأردني أو تقديم الدعم الأقتصادي اللازم في مواجهة التحديات المصيرية في هذه المرحلة التاريخية ، كما نشعر اننا فقدنا الحماسة أو النخوة العربية في دعم صمود الشعب الفلسطيني ، وهي الحالة العربية التي تثير الريبة والشكوك.
 
وما يثير الدهشة والعجب أن المندوبة الأميركية في مجلس الأمن نيكي هايلي تتباكى على المشاركين في حركة التمرد في ايران بانسانية مضحكة مقلوبة فتقول ما نصه :» العالم لن يقف متفرجا على الشعب الأيراني وهو يناضل من أجل حقوقه « ، في الوقت الذي رايناها تقف متفرجة على قمع اطفال الأنتفاضة وتكسير عظامهم والأفراط في استخدام العنف ضد الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل حقوقه المشروعة.
 
انا على يقين بأن السيدة نيكي قد شاهدت جنود الأحتلال عندما اعتقلوا الطفلة الفلسطينية صاحبة الشعر الأشقر والوجه المضيء مثل زهرة عباد الشمس عهد التميمي ، وهم الجنود الذين حرموها من جمالية الضعف الأنساني وحولوها الى طفلة صلبة بسبب الظلم المستوطن المعلن ، فتأهبت منذ طفولتها لمواجهتها الأولى وصرختها الأولى وصفعتها الأولى لوجوه جنود الأحتلال.
 
ولكن السيدة نيكي فعلت ما لا تفعله افعى جلجامش في الأسطورة السومرية التي ابتلعت عشبة الحياة السحرية التي تحمل سر الخلود ، وعادت الى جحرها بعدما خلعت جلدها القديم ، وهي ، أعني المندوبة الأميركية ، ابتلعت سر الحل العادل ، وتخلت عن حل الدولتين القديم ، وتركت الشعب الفلسطيني يعاني من الأحتلال في حالة من اليأس والأمل ، بانتظار الحل الأميركي المأساوي.
 
وهنا اعود لأردد قول الفيلسوف اليوناني هيراقليطس: « لا يمكن للمرء عبور النهر ذاته مرتين « ، لأن مياه النهر في جريان دائم ، كذلك التاريخ لا يعيد نفسه لأن التاريخ في حركة دائمة ، لذلك لن تتكرر الهجرة أو المنافي ، فالرد على المشروع التصفوي هو الثبات في الأرض ، وهنا أن ارد على قطع المساعدات الأميركية بقول للرئيس الأميركي الجمهوري ايزنهاور ما معناه: لا يمكن للبندقية أو الدولار استبدال العقل وقوة الأرادة.