Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Dec-2019

عصر التنوير العربي!*عبد اللطيف العواملة

 الدستور

من الاسباب التي يسردها بعض المفكرين العرب لعدم نجاح الربيع العربي هو ان ثورة الشارع لم تسبقها او تمهد لها ثورة ثقافية. تتم المقارنة مع الثورة الفرنسية و ثورات اخرى حول العالم اسست لها عبر عقود وقرون سبقتها حراكات ثقافية و فلسفية هائلة طرحت الاسئلة الكبرى و اجابت عليها. و عندما جاءت لحظة التغيير الحاسمة كان الوعي الجمعي قد ادرك كيفية استغلال الفرصة لاحراز نقلات نوعية ثابته و طويلة الامد.
و السؤال المحوري هو مدى فعالية هكذا طرح في عالمنا العربي و هل تنطبق علينا ظروف و ارهاصات عصر التنوير الاوروبي و الذي اسس للتطور الكبير الذي عاشه العالم الغربي في القرنين الماضيين؟ لكل مجتمع ظروف و بيئة و منعطفات تاريخية مختلفة تحدد مساره. و هذا بالتاكيد لا يتم اسقاطه على المجتمع من خارجه. و مع كل ذلك فاننا لا نظلم المجتمع العربي، مع تنوع تجاربه و خصوصية اقطاره، اذا قلنا ان حركاته السياسية فشلت في تحقيق نهضة مستدامة في العصر الحديث و هذا ينطبق على اليساري منها والقومي و الليبرالي و الديني او الديمقراطي او الوطني. لم تقدم اي منها منظومة ناجحة في الحكم والسلطة، او لعلاقة الفرد بالدولة و المجتمع.
 عندما لاحت الفرصة في نهاية القرن التاسع عشر، كان اقصى ما طالب به اعلام الفكر في ذلك الوقت هو المستبد العادل او الدكتاتور النزية كما اصبحت التسمية العربية الحديثة، و قيل ايضا الدكتاتور الاصلاحي. تتماهى كل هذه مع فكرة السلطان المتغلب في العصور السابقة. بالنتيجة فقدنا لحظة تاريخية لم نعوضها لغاية اليوم. الظروف الاستعمارية التي تلت تلك اللحظة لم تحفزنا لانتاج حلولا ثقافية فلسفية بل عززت من مفهوم الاحادية الذي لم نعرف الخروج منه لغاية الان.
 مستهلك المعرفة، و تبعاتها، لا يتساوى مع منتجها. لقد تقمصنا دور الضحية سياسا و علميا و اقتصاديا وحتى اجتماعيا، و الضحية لا تبادر. ما هي مساهمتنا الانسانية في العصر الحديث؟ ما هو دورنا في هذا العالم؟ ما الذي ننتجه فكريا و ما هي نتائجه؟ الفكر و المعرفة هما اساس الحضارة الانسانية و لقد تخلفنا في ذلك بشكل خطير و اصبحنا في ازمة مستمرة. نحن بحاجة ماسة الى عصر تنوير عربي حتى نخرج من المراوحة التي نعيشها. فاين فلاسفتنا و كيف سيضعون اطر النهضة؟