Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Feb-2018

ليلة سمر مع تشرشل وغولدا مائير !! - محمد كعوش

 الراي - يوم امس توقفت في محطتين وواجهت وقتا عصيبا: في المحطة الأولى اكملت قراءة كتاب مذكرات غولدا مائير للمرة الثانية في محاولة لفهم الحركة الصهيونية أكثر، كيف يفكر قادتها وكيف يعملون.

وفي المحطة الثانية تابعت باهتمام فيلما سينمائيا تناول السيرة الذاتية لونستون تشرشل، وهو أهم
شخصية بريطانية في التاريخ المعاصر، وأول سياسي – عسكري يفوز بجائزة نوبل للآداب، وهو الكاتب
والصحفي والرسام والمؤرخ في وقت واحد، وفي النهاية كان من المتحمسين لوعد بلفور أيضا.
 
غولدا مائير من رواد الحركة الصهيونية، تحاول أن تلعب دور الضحية اليهودية، وتركز على الناحية
الأنسانية لاثارة الشفقة في عالم منحاز، وفي مرحلة غياب الوعي العربي، بسبب الحقبة الاستعمارية، مع اعتقادي أن تلك المرحلة كانت افضل من الواقع العربي الراهن الذي غابت عنه النخوة والشهامة والوعي بالخطر الداهم.
 
في مذكراتها كشفت مائير عن تفاصيل عمل الحركة الصهيونية في مشروع منظم تم التخطيط له باتقان، وتحدثت عن كيفية تنفيذ حلقاته على مراحل، وتحاول تبرير حماسها وجهودها واندفاعها لتهجير الفلسطينيين بحجة انقاذ اليهود المضطهدين واقامة دولة لهم، ولكنها في نفس الوقت جاءت مهاجرة استوطنت قي فلسطين وحملت الجنسية الفلسطينية وفي نفس الوقت كانت ناشطة ضد الشعب الفلسطيني. حيث افرغت كل ما في جوفها من كراهية وعنصرية ومارست عقدة الاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني الى أن تم اعلان الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
 
اما في المحطة الثانية فقد تابعت الفيلم السينمائي الروائي الذي تناول السيرة الذاتية لونستون تشرشل، والفيلم يؤرخ لمرحلة مهمة في القرن العشرين، وانا تابعت الفيلم باهتمام لوجود رابط بين الشخصيتين، واعني غولدا مائير وتشرشل، هذا الرابط يتمثل في وعد بلفور واسرائيل و «الأنسانية المقلوبة»..!!
 
عندما اطلقت بريطانيا وعد بلفور قبل مئة عام كان تشرشل من المتحمسين للوعد. كذلك دعمت بريطانيا مراحل تنفيذه بكل قوة، كان آخرها تدريب وتسليح « الفيلق اليهودي « خلال الحرب العالمية الثانية، في عهد حكومة تشرشل، بحجة محاربة النازية، وهذه العملية احدثت خللا في ميزان القوى داخل فلسطين لصالح تفوق المنظمات الصهيونية، وكان تشرشل من الداعمين لفكرة اقامة الدولة اليهودية في فلسطين.
 
في الفيلم القريب من التسجيلي محاولة لأظهار الوجه الأنساني لتشرشل حتى البكاء، ففي مشهد تم تصويره في منزله ليلة غزو النورماندي وهي أكبر عملية انزال على الشاطئ الفرنسي « معركة العبور»، لتحرير فرنسا، كان تشرشل يجلس على حافة سريره في غرفة النوم يبكي مثل طفل بعدما شرب حتى الثمالة، وكان الوقت منتصف الليل فشاطت زوجته غضبا وانتقدته بعنف فرد عليها بصوت متعب متهدج قائلا: « لن اوافق على هذه العملية العسكرية لأنه عندما استيقظ في الصباح يكون 20الف شاب قد قتلوا وامتزجت دماؤهم بزبد البحر.. كيف اتعايش مع هذه الحقيقة بقية العمر»؟!
 
هذا البطل البريطاني التاريخي الذي بكى خوفا على دماء البريطانيين، وافق على اقامة كيان صهيوني في فلسطين، ودعم الفكرة والوعد سياسيا وعسكريا في زمن الانتداب، وما بكى أو احس بعقدة ذنب تجاه شعب تم تشريده وتهجيره من دياره، أو احتج على المذابح التي ارتكبت بحقه. وهذا الرجل الشجاع الحائز على جائزة نوبل وقف بصلابة وعناد ضد استقلال الهند وكان يطلب الموت للمناضل السلمي غاندي في كل احاديثه، انها انسانية مقلوبة ومضحكة في عالم كل شيء فيه نسبي أو قابل للتجزئة.. حتى الحق والعدالة.