Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Jul-2018

درعا على طريق الخضوع - حسن أبو هنية

 الراي - شكلت استعادة السيطرة على الجبهة الجنوبية وخصوصا محافظة درعا أولوية لقوات النظام السوري بعد أن تمكنت من استعادة السيطرة على آخر المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة المسلحة في ريف دمشق ومحيط حمص، وقد حشدت قوات النظام لاستعادة السيطرة على منطقة «خفض التصعيد» في

الجنوب الغربي لسوريا، التي تمتعت بحماية خاصة بموجب الاتفاق الثلاثي بين روسيا، والولايات المتحدة والأردن، وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية تم التوصلإلى تفاهمات بين الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، ولم تعد فصائل الجبهة الجنوبية قادرة على مواجهة الترتيبات الجديدة وانحسرت خياراتها بصورة قاهرة، بعد الإعلان الأميركي عن وقف الدعم والتمويل والتسليح لفصائل الجيش الحر، وبهذا لم تعد هذه الفصائل قادرة على فرض أي شروط، وقد شكلت مسألة الميليشيات المدعومة من إيران محور النقاش الذي يمنع قوات النظام السوري من شن هجوم عسكري خشية من التدخل الإسرائيلي.
في هذا السياق لم يكن مفاجئا إعلان قوات النظام السوري عن شن هجوم ممنهج ومتدرج بإسناد من القوة
الجوية الروسية على جنوب غرب سوريا لتصفية المعارضة وإخضاع محافظة درعا لسيطرة حكومة دمشق
على غرار ما حدث سابقا في الغوطة الشرقية وقبلها حلب، فوفقاً لتقارير إخبارية ومسؤولين إسرائيليين
تحدثوا إلى مجموعة الأزمات الدولية، فإن إسرائيل وروسيا توصلتا إلى تفاهم أولي حول عودة الدولة السورية
إلى الجنوب الغربي، مشروطًا باستبعاد العناصر المدعومة إيرانياً من تلك المنطقة، وقد أعرب المسؤولون
الإيرانيون علناً عن دعمهم لجهود روسيا لاستعادة سيطرة الدولة السورية في الجنوب الغربي وقالوا إن إيران
لن تشارك في الهجوم، إلى جانب التأكيد على رفض إيران فكرة الانسحاب كلياً من سوريا، كما تطالب إسرائيل.
منذ تحول الأزمة السورية إلى نقطة صراع وتنافس دولي وإقليمي، شكلت الجبهة الجنوبية نموذجا إرشاديا
لمستقبل سوريا عبر دينامية تفاهمات التهدئة التي تراعي مصالح الدول الفاعلة وتبدد مخاوفها وقلقها
إلى حد بعيد وتؤسس إلى حالة من الهدوء والاستقرار، حيث تراجعت أهمية فعالية الديناميات المحلية عبر فصائل الجبهة الجنوبية، وقد حشدت قوات النظام لاستعادة السيطرة على منطقة «خفض التصعيد» في
الجنوب الغربي لسورية، التي تمتعت بحماية خاصة بموجب الاتفاق الثلاثي بين روسيا، والولايات المتحدة والأردن، وتكمن خصوصية الجبهة الجنوبية في سورية وأهميتها الاستثنائية لدى أطراف الصراع المحلي والإقليمي والدولي من طبيعة موقعها الجغرافي وأهميتها الاستراتيجية، إذ يعتبر الجنوب السوري عقدة
حساسة لتقاطع مصالح عدة دول إقليمية، بحدوده مع الأردن او الجولان المحتل من إسرائيل، وموقعه كخاصرة جنوبية غربية للعاصمة السورية دمشق، وكانت المنطقة قد دخلت اتفاق «جنوب غرب سوريا» الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة والأردن منذ تموز / يوليو 2017 بغطاء اتفاق «خفض التصعيد»، للحفاظ على حالة من الهدوء وتجنب أي عمليات عسكرية.
في ظل التفاهمات الدولية أصبحت إشكالية محافظة درعا والجبهة الجنوبية تتلخص بالمسألة الإنسانية وقضية اللاجئين والنازحين، فقد أعلنت الأمم المتحدة في 28 حزيران / يونيو 2018 أنها أوقفت قوافلها الإنسانية التي تعبر الحدود من الأردن إلى محافظة درعا الجنوبية في سوريا بسبب المعارك الدائرة هناك، بعد أن حققت قوات النظام اختراقاً استراتيجياً بمواجهة الفصائل المعارضة في محافظة درعا، حيث دفعت أعمال العنف 50 ألف مدني إلى الفرار، كما قال إيغلاند، وقال محمد الهواري الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في الأردن اليوم الجمعة، أن عدد النازحين في جنوب سورية زاد بأكثر من ثلاثة أمثال ليصل إلى 160 ألفاً في المعارك الدائرة في المنطقة حالياً، بينما أعلنت منظمة الدفاع المدني السوري العاملة في محافظة درعا السبت، أن عدد الأهالي الفارين من العمليات العسكرية في المحافظة تجاوز الـ200 ألف نازح، في حين حذّرت الأمم المتحدة من كارثة إنسانية نتيجة التزايد المضطرد في أعداد النازحين في منطقة تضم 750 ألف مدني.
في ظل اختلال ميزان القوى بين قوات النظام السوري وقوات المعارضة بعد تخلي الولايات المتحدة والدول الداعمة من مجموعة أصدقاء سوريا عن المعارضة، فإن درعا تتجه إلى طريق الخضوع، وبقي الأردن وحيدا في
سعيه الدبلوماسي للتخفيف من كارثة محققة، فحسب وكالة «رويترز الأحد 1 تموز، فإن وفدًا روسيًا دخل إلى
بلدة بصرى الشام لاستئناف التفاوض مع المعارضة بوساطة أردنية، ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم غرفة
العمليات المركزية في الجنوب، العقيد إبراهيم الجباوي، أن المفاوضات فشلت بعد مطالب الروس باستسلام
كامل لفصائل المعارضة.
سيطرت قوات النظام السوري خلال فترة وجيزة على مساحات واسعة من درعا في الأيام الماضية، وبخاصة
في الريف الشرقي، والذي حققت فيها تقدمًا كبيرًا على حساب الفصائل التي انسحب قسم منها إلى الريف
الغربي، وتشهد درعا تطورات دراماتيكية متسارعة بعد دخول قوات النظام إلى قرى في الريفين الشرقي
والغربي دون قتال، بموجب اتفاقيات أبرمتها مع الأهالي، وتبدو «غرفة العمليات المركزية في الجنوب» عاجزة
وغير قادرة على تحسين شروط التفاوض، رغم محاولة الأردن تقريب وجهات النظر للحيلولة دون وقوع المزيد
من الضحايا وتدمير البنية التحتية والتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية.
خلاصة القول أن استعادة قوات النظام السوري لمناطق الجبهة الجنوبية هي مسألة وقت، في ظل اختلال
ميزان القوى، وتنحصر الجهود المبذولة بالحيلولة دوت سقوط مزيد من الضحايا، حيث تلعب روسيا دور الوسيط في «حل النزاع» عبر سلسلة مصالحات وتسويات على غرار ما حصل جنوبي العاصمة دمشق، وهي دينامية تقع في صلب الترتيبات والتفاهمات الجديدة بين الأطراف الدولية والإقليمية، ورغم إعلان فصائل الجبهة الجنوبية أنها سوف تتصدى لقوات النظام السوري، إلا أن ذلك يقع في حدود المستحيل مع تبدلات الواقع.