Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Feb-2019

مؤتمر وارسو: ماذا بعد؟* د.باسم الطويسي

 الغد

العنوان الرئيس للمؤتمر المزمع عقده في العاصمة البولندية وارسو يومي 13-14 الشهر الحالي برعاية الولايات المتحدة الأميركية يتمثل في مناقشة الدور الإيراني في المنطقة، ثم تمت اضافة عملية السلام في الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني على اجندة الاجتماع، وفي الوقت الذي اعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية رفضها المشاركة في المؤتمر يبدو ان الدور الاسرائيلي في المؤتمر هو الابرز، حيث تذهب بعض التسريبات الإعلامية إلى القول ان الولايات المتحدة سوف تعلن في هذا المؤتمر تفاصيل خطتها للتسوية السياسية في الشرق الاوسط التي باتت تعرف باسم “صفقة القرن”. 
الجديد في مؤتمر وارسو المنتظر لن يكون صفقة تاريخية لإحلال السلام فعناصر هذه الصفقة غير متوفرة، وأحد اطراف الصراع والحل غير موجود، ولن ينال المؤتمر من طرف إيران ولا دورها في المنطقة، ولن يكون بداية سلسلة حروب جديدة، بل الجديد في المؤتمر هو المزيد من الاستنزاف الاقتصادي والسياسي للمنطقة وخلق ازاحة استراتيجية وهمية في تعريف العدو وفي تعريف الصراعات ومصادر التهديد، وخلق اصطفاف استراتيجي جديد تنتقل فيه اسرائيل من دور الخصم التاريخي للدول العربية وتحديدا الخليجية إلى دور الحليف المعلن في مواجهة إيران وهو ما يعرف اليوم بالناتو العربي. 
على مدى اربعين عاما بقيت المواجهة الأميركية – الإيرانية عنوانا معلنا في وسائل الإعلام ومقولة لتفريغ غضب السياسيين في واشنطن وطهران على حد سواء، ولم تشهد هذه العقود الطويلة اطلاق رصاصة واحدة بين البلدين،على الرغم من النيران والفتن التي اديرت بالوكالة ومعظمها على حساب العرب. اتسم الخلاف الأميركي الإيراني بحالة من الغموض الاستراتيجي التاريخي العابر من القرن العشرين إلى القرن الحادي والعشرين دون ان تتغير القواعد الاساسية للعبة الاستراتيجية بين البلدين القائمة على الاستثمار في إدارة الصراع وليس في حل الصراع ولكل منهما مصلحة في منهج إدارة الصراع. ولطالما كانت منهجية إدارة الصراع تأتي على حساب دول المنطقة وعلى حساب استنزاف مواردها في صفقات التسلح الضخمة وفي نقل منظم للثروات مقابل المزيد من اشعال الصراعات الطائفية المحلية وتكسير القوى الاقليمية التاريخية في المنطقة وتهشيم ادوارها وتصعيد الدور الإيراني. 
يبدو ان المطلوب اليوم، الذهاب إلى حلقة جديدة من التطبيع العربي الاسرائيلي بدون مقابل تحت غطاء مواجهة إيران، دون ان تدفع اسرائيل ثمن هذا التطبيع على طاولة التسوية. المطلوب اليوم ان يكون الفلسطينيون فوق طاولة المفاوضات اي موضوعا للتفاوض دون ان يكون لهم ممثل حول طاولة المفاوضات بينما يستمر الغموض الاستراتيجي الأميركي – الإيراني وسط تراجع حقيقي للدور الأميركي في المنطقة كما برز بشكل واضح في قرار الانسحاب من سورية الذي كان صدمة لحلفاء واشنطن التاريخيين في المنطقة.
في الاتجاه الآخر، يذهب الخطاب السياسي الإيراني إلى القول ان الخطوة الأميركية لا تعدو اكثر من تعبير صريح عن اليأس السياسي، مع الأخذ بعين الاعتبار ان العقوبات الأميركية وفق الخطة التي اخذت الولايات المتحدة تطبيقها منذ العام الماضي اوقعت اضرارا كبيرة على الاقتصاد والمجتمع في إيران. 
داخل المدارس السياسية الغربية وبما فيها الأميركية هناك اتجاه يبدو اكثر واقعية يقول ان الحراك الأميركي في وارسو لا يعدو اكثر من عمل تكتيكي آني لا يرتقي لمستوى الاعمال الاستراتيجية التي يمكن البناء عليها وتأتي في اطار التخفيف من آثار قرار الانسحاب من سورية وطمأنة الحلفاء في منطقة الخليج. اما القناعة الفعلية فالذهاب إلى وارسو وفق هذه الصيغة لن يتجاوز التطبيع المجاني.