Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2018

المعلم و «البطيخة» - سرى الضمور

الراي -  بينما كنت أقضي بعضا من حاجيات المنزل ذهبت إلى محل لبيع الخضار والفواكه وكنت بإنتظار دوري لدفع قيم مشترياتي، وإذ أرى أمامي مشهداً أشعرني بالذهول والخذلان.

وبدأت القصة بطلب رجل من صاحب المحل أن يختار له بطيخة جيدة حمراء ذات مذاق شهي تروي ظمأ العطشان -حسب وصفه-. وبحسب قول البائع إنها على (السكين ياعمي) أي انه سيتم قسمها وتذوقها إن اعجبتك خذها، وإن لا فلك حرية الخيار بتركها.
وفعلاً ذهب البائع وأتى ببطيخة شقها وكانت حسب رغبة المشتري حمراء وذات طعم حلو المذاق.
وبنبرة تباهي من البائع قال: أنا يومياً أختار كل حصتي من البطيخ واحدة واحدة لترضي زبائن المحل. وإذا برجل ثالث ينتظر دوره للدفع أيضاً، فقال له الرجل بلهجة استخفاف كم يأخذ منك كل هذا وأنت صاحب محل كبير وخاصة وأن كميتك كبيرة؟؟
وواصل البائع حرصه على مكانته كبائع ماهر فقال له عشر دقائق فقط...
تعجب الرجل من كمية الثقة لدى البائع الذي رده بأن لكل مهنة خبرة، وبدليل انني لا استطيع أن أعمل
كعملك.
فسأل البائع الرجل وأنت ما عملك ؟
سكت الرجل وتعثر في الكلام قال لا أنا لا أعمل..؟ ولم يجب على سؤاله، فأعاد البائع سؤاله أنت ما عملك؟
فقال الرجل بصوت خجول منخفض أنا «معلم».!!!
وكانت هنا مفأجاتي ومصدر ذهولي، لما لم يقلها بعلو صوته وبكمية الفخر والاعتزاز التي اعترت البائع
قبيلها .
فما كان من مشتري البطيخة إلا أن يلطف الحوار بين الطرفين فقال للبائع انتبه لهذا الرجل فإنه مربي
الأجيال فالمعلمون اليوم هم الفقراء!!.
عندها أصبت بالصدمة وترددت عن سؤاله ما الذي يخجلك ؟ ما الذي جعلك هكذا بعيونهم ؟؟ أجب كالأسد
أنا الذي أربي أبناءك ..
عندها تريثت لحظة وأجبت نفسي بنفسي كلنا نعرف الأسباب والمواجع فلا داعي لفرض البطولات وتركته
ومضيت.
وقتها أدركت تماماً كم هي مواقف الحياة بسيطة إلا أنها تكشف لنا كمية الأوجاع والهموم.
فالبطيخة التي تروي العطشى في صيف حار لم تسعف ضمأ المعلم الشقيان.
هنا نظرت للجميع باستغراب من الكلام ليقول لي الرجل صاحب البطيخة يا بنتي إنه خجول من مهنته التي
كان الرجال في السابق يتباهون بها.
فقد كان المعلم آنذاك ذو هيبة ووقار واحترام والجميع يهابه ويقدره، ام باتت الاعمال الحرة والتجارية تتفوق
على بناة الغد ؟؟
وأترك سؤالي لأصحاب القرار هل سيبقى المعلم مخذولاً مطأطأ الرأس أم إنه سيحمل آمال وتطلعات الأجيال
القادمة إلى بر الأمان كما نصبو جميعا ؟