Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-May-2018

زمن الفوضى الخلاقة = زمن الرويْبضة! - ناديا هاشم العالول

الراي -  لاشك ان التعقيدات المحيطة بنا على الساحة الدولية والمحلية والإقليمة ما فتئت «تشلبكنا» بلخبطيطة معقدة تنافس تداخلات المعكرونة بعد سلقها..

لعل بدايات هذه التعقيدات مصدرها لوزيرة الخارجية الأميركية» الأسبق من السابقة»، كوندوليزا رايس، عندما تبنّت مفهوم «الفوضى الخلاقة»، موضحة لصحيفة «واشنطن بوست» عام 2005 كيفية انتقال الدول العربية والإسلامية من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، معلنة أنّ الولايات المتحدة ستلجأ إلى نشر الفوضى الخلّاقة بالشرق الأوسط، في سبيل إشاعة الديمقراطية.. ف»الفوضى الخلاّقة» هي نظرية ترى أن وصول المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى المتمثلة بالعنف والرعب والدم، سوف يخلق إمكانية إعادة بنائه بهوية جديدة.. وما اطول هذه ال «سوف» بتسويفاتها ومماطلاتها التي تجعل من الفوضى الخلاقة مرحلة طويلة لا تنتهي يستفيد منها مهندسوها! وهذا هو الهدف!
اي خلق واي إبداع واي قتل وخراب و دمار بعد خلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح لتضيع المضامين وتنقلب
المعايير لتصبح اقرب الى طبق معكرونة بالمعركونة؟
قد نسمع عن معكرونة بالبندورة واخرى باللّبن ونوع آخر بالبشاميل.. ومعكرونة بالمأكولات البحرية.. وأخرى
بالزبدة والبقدونس.. الخ بمتتالية الطبخ والنفخ والطّخ.. أما موضوع الطبخ والنفخ فهو مفهوم، ولكن ما علاقة الطخ بالطبخ والنفخ؟
له علاقة كبيرة بل كبيرة جدا.. فالطخ اصبح يدخل بكل صغيرة وكبيرة بين الدول والشعوب والأفراد حتى
بالأفراح عندنا فالكل يطخطخ بغض النظر عن الضرر والضرار اللذيْن نهانا عنهما ديننا الحنيف..
ولكن ما دخل المعكرونة بالمعركونة وماذا تعني المعركونة؟
دعونا نحزّر ونفزّر.. بما اننا بشهر الصوم والصيام والعبادات والسّهر والسّمر والحزازير والفزازير بزمن الفوضى الخلاّقة ولهذا تجرأْنا بإدخال مفهوم «المعركونة» ككلمة مشتقة من معركة.. مثل» أم المعارك» التي فجّرت بدورها وضعا لا نُحسَد عليه.فمعركونة قريبة ل (معركة..أونا) اما «أونا» فهي تعني رقم واحد بالإيطالية واللاتينية.. إذن وجدتُها وجدتُها على رأي أرخميدس!
وقد تتفتق إجابات اخرى بمحاولات لسبر لغز «المعركونة».. ولكن ثقوا لو فتحنا كل الموسوعات والقواميس
من قاموس «المعاني» الى قاموس «الوسيط» من المحيط للمحيط لن نجد معنى لكلمة «معركونة»..
مختصر مفيد – معركونة- هو اصطلاح طفولي لأبرياء صغار لا يتقنون لفظ معكرونة فيلفظونها «معركونة»
قاصدين بها معكرونة.. فالمعكرونة من الأطباق المحبّبة للجميع بدون استثناء وبخاصة للأطفال..
ولكن هل يوجد فعلا طبق «معكرونة بالمعركونة»؟
طبعا لا يوجد ولو ان المعارك شغّالة حتى بطبق المعكرونة تماما كالزوبعة بفنجان!
وعلى هامش الفوضى الخلاقة بتعقيداتها المعكرونية وأثناء مشاهدتنا للتلفاز يطلّ علينا سؤال المسابقة
المباشر المتعلق بمسلسل «الهيْبة – العودة «والذي تدور أحداثه حول قضية ثأر بين عائلتين بالجبل بلبنان..
وبمحاولة لحقن الدم المسال يقررون تزويج ابنة وابن الزعيميْن المتناحريْن لإخماد فتنة الثأر بين هاتين
العائلتين المتناحرتين..
المهم السؤال الذي تم طرحه بالمسابقة: «كم عدد القتلى ب»حارة السعيد» بمسلسل «الهيبة»: سبعة
ثمانية ام تسعة»؟
سؤال يسأل ببرود اعصاب عن عدد القتلى بطريقة طبيعية موجهه للجمهور وأغلبيتهم من الشباب!
وتصفّق المذيعة: مبروك يا فلانة فزتِ بالجائزة!
فعلا نعيش بزمن غريب، فحتى بكتاب الحساب بالزمن الماضي الجميل لم يذكروا القتل بمسألة حسابية
تقول على استحياء: أطلق صياد النار على 8 عصافير فطارمنها 6 فكم بقي على الشجرة؟
ألم نقل باننا بزمن الفوضى التي امتدت للتفكير والاحساس..الخ علاوة على القتل والبطش!
باعتقادي المتواضع اعتمدت فوضى كونداليزا رايس على دراسة المعايير البشرية باصنافها الأربعة: «الأولى»
متديّنة وخلوقة، و»الثانية» خلوقة وغير متدينة.. و»الثالثة» متديّنة وغير خلوقة.. و»الرابعة» والعياذ باالله لا
متدينة ولا خلوقة لتختار الرابعة فوق الجميع! وبغض النظر عن العوامل التربوية التي أدت الى هذا التنوع فان
كل صنف منه يؤثّر بأسلوبه على مسارات حياتنا اليومية والعملية والشخصية والسلوكية و الإنتاجية وعلى
درجات نمو وتقدم أو تأخر المجتمعات، وذلك وفق نوعية الصنف بإيجابياته وسلبياته الذي تطرحة كل شريحة
على حدة لتحقق الفوضى الخلاقة هدفَها باعتمادها «الصنف الرابع» المبعثَرَة معاييره والمنقلبَة موازينه
بعقوله الفوضوية لتدير زمن الشعبوية..زمن الرويْبضة!
أي مستقبل نتوقعه من عقول فوضوية لا علاقة لها بدين ولا خلق ولا منطق ولا إحساس تأتي لتسيّر دفة
العالم وتصبح نموذجا يعاكس مضمون:
«ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»
ولسان حال زمن الرويْبضة يقول «كن فظّاً غليظ القلب ليلتمّوا حولَك» !
هل يمكن للفوضى ان تنظم وتنجز وتنمّي؟ هل يمكن لبذرة الشر ان تنبت الخير؟
كل شيء ممكن بزمن الشعبوية زمن «الرويْبضة» زمن الفوضى الخلاقة.. التي تخلق..
نعم تخلق الأسوأ بزمن مقلوب يتألق فيه الرجل التافه بجهله متكلّما محددا مصير العامّة كمعول هدم
يعجّل بنهاية العالّم!
وهذا هو فعلا المطلوب!
hashem.nadia@gmail