Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2019

التنمية.. كلام في كلام* د. صبري الربيحات

 الغد-من غير الممكن للأردن ان يحرز تقدما تنمويا بدون توفير المزيد من المياه الصالحة وتخفيض كلفة الطاقة لتحقيق المنافسة. مع كل أسف لا يوجد جهد حقيقي ومقنع على اي من المسارين. الكثير من السياسات والاجراءات المتخذة في هذه الملفات متناقضة ومرتبكة ولا تبعث على التفاؤل. 

الاعتقاد السائد ان الأردن بلد فقير مائيا وتنقصه موارد الطاقة الضرورية لإحداث التنمية اعتقاد قديم جرى تقديمه من قبل البنك الدولي والمنظمات العالمية وتبنته الحكومات المتعاقبة وعملت على تكريسه والالتزام به. حتى اليوم لم يحدث ان اختبرت اي من حكوماتنا بجدية هذه الافتراضات او عملت ما يقتضي للتحقق من صحة هذه الادعاءات. او عملت ما يكفي لتغيير الواقع. جميع الاجراءات والسياسات لا تعدو ترتيبات لتسيير الاوضاع او تسليك الامور كما يقال.
صحيح ان المياه السطحية في البلاد محدودة فلا بحيرات ولا انهار، لكن الملفت اقبال الجيران على حفر الابار واستغلال المياه الجوفية المشتركة بمعدلات تتفوق على استخدامنا لها.
منذ عقود اقام جيران الأردن غربا وجنوبا وشمالا آلاف المزارع التي تتطلب كميات هائلة من المياه على الحدود الأردنية ما تطلب حفر مئات الآبار التي تتغذى من احواض المياه المشتركة والممتدة عبر الاراضي الأردنية. بالمقابل يواجه كل أردني يحاول الحفر او يتقدم بطلب للاستصلاح الزراعي بقائمة من المعيقات والعقبات التي لا يجد لها معنى في ضوء مطالعته لما يجري على الجانب الآخر للحدود.
في وادي عربة والاغوار وكما في منطقة البادية الجنوبية والشمالية يشعر المواطن الأردني بالكثير من الظلم والضبابية وهو يستمع الى تبريرات المسؤولين لسياسات منع الحفر والترخيص للآبار لاغراض الزراعة في المناطق الحدودية.
لا يحتاج المرء للكثير من التدقيق لاستكشاف عدم منطقية الاجراءات الأردنية فبنظرة واحدة من نافذة الطائرة وهي تعبر الحدود الأردنية السعودية يمكن استكشاف مستوى التشجيع السعودي والتشدد الأردني في مسألة استخدام المياه الجوفية المشتركة بين البلدين لغايات الزراعة. ولا يختلف الامر كثيرا بالنسبة لسكان وادي عربة او البادية الشمالية.
العقبات التي يواجهها الأردنيون في مجال الحفر واستغلال المياه الجوفية موجودة في مجال توليد الطاقة. فالقطاع يلفه الكثير من الغموض ولا احد يعرف السياسات التي توجه العمل في هذا القطاع الحيوي المكتظ بالافكار والمشروعات المتعارضة وغير المكتملة. 
في ملف الطاقة تتداخل فكرة الطاقة النووية مع الصخر الزيتي مع الغاز الاسرائيلي مع الطاقة المتجددة ويجري تقديم الصعب على الممكن والاكثر كلفة على المتيسر ضمن معادلات وألغاز يصعب فهمها.
حتى اليوم يستغرب الأردنيون تردد الحكومة في السماح للشركات الأردنية بتوليد حاجة البلاد من الطاقة الشمسية والرياح بحجج حماية حقوق المصفاة ولاستخدام الغاز المتعاقد عليه دون التفكير فيما يمكن ان يحققه توليد الطاقة محليا من استقلالية وانتعاش ينعكسان على اوضاع البلاد الاقتصادية والبناء المعنوي للسكان. 
الاسباب والمبررات التي اتخذت لتقليص اعمال سلطة المصادر الطبيعية ونشاطاتها غير معروفة تماما خصوصا ان الأردن اليوم هو الدولة الوحيدة شرق المتوسط التي لم تعلن عن اكتشاف آبار للبترول وحقول للغاز كما فعل الجيران في مصر واسرائيل ولبنان وقبرص وتركيا خلال الاعوام الثلاثة الماضية.
التخبط الواضح في ادارة ملفي المياه والطاقة مقلق ويبعث على التساؤل حول من يدير الملف فلا احد يعرف الاسباب والمبررات لمنح امتيازات البحث والتنقيب والتطوير للشركات العالمية التي تأتي ولا تلبث ان تتوقف وتغادر لتعود اخرى للقيام بنفس المهمة. خلال العقد الاخير تناوبت شل وعدد من الشركات الصينية والاوروبية على موضوع الصخر الزيتي الذي ما يزال يراوح مراحل المسح والدراسات.
غياب سلطة المصادر الطبيعية والجامعات الأردنية الكفاءات عن عمليات البحث والتنقيب والتحليل يثير الكثير من التساؤلات حول ما اذا كان هذا الملف يلقى العناية التي يستحق ويتجاوز كونه مشروعا من المشروعات التي تتسابق الشركات على تنفيذها لغايات الربح.
ايا تكن الكلف ومهما كانت العقبات فان من الضروري العمل على تطوير موارد المياه والطاقة والتوسع في توفير المزيد منها وضمان حصول الأردن على نصيبه العادل من الاحواض وتشجيع المواطن على الاستثمار والعمل بعيدا عن توصيات الصناديق والبنوك والمنظمات الدولية او رغبات الاصدقاء والجيران.