Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Nov-2018

ذكرى ميلاد الهادي ميلاد لوجه الإنسانية الصافية - د. فايز الربيع

 الراي - ذكرى ميلاد الهادي ميلاد لوجه الإنسانية الصافية اعتدت أن أكتب مقالي الأسبوعي يوم الثلاثاء كي يرسل يوم الأربعاء تمهيداً للنشر في موعده الخميس، وهكذا ما أن أمسكت بالقلم حتى قال لي القلم (ن، والقلم وما يسطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون، وان لك لأجراً غير منون وأنك لعلى خلق عظيم) - عندما نستذكر هذه المناسبة نستذكر قول الشاعر واصفاً حال العالم قبيل الرسالة :

أتيت والناس فوضى لا تمر بهم الا على صنم قد هام في صنم فعاهل الروم يطغى في رعيته وعاهل الفرس من كبر أصمّ عَمِ حال مشتتّه، أسياد لهم أتباع، يستبدون ويطغون، فالأصنام ليست حجارة تعبد، أو أشكال لبشر يقدّسون، إنها روح التبعية المطلقة دونما تفكير أو نقاش، دونما استعمال للعقل، أو نظر إلى دلالات في الكون أنه القطيع من الأنعام يركض ويتبع، جاءت الرسالة لتحرر الانسان عقلاً وجسداً وروحاً وتعطي للحياة معنى جديداً، يبدأ من (اقرأ) مروراً بالعمارة والاستخلاف واستنهاض الخير لدى النفس البشرية، إنها الإنسانية تتجسد في الخطاب القرآني ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وليس للعرب أو المسلمين، انها ( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر أو أنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند االله اتقاكم) إن النظرية لا تكتمل فهماً إلا إذا وجدت تطبيقاً وهكذا كان قوله تعالى ( لقد كان لكم في رسول االله أسوة حسنة لمن كان يرجو االله واليوم الآخر )، إنها الصفحة المفتوحة لنبي وصل سدرة المنتهى ورأى من آيات ربه الكبرى ثم عاد إلى الأرض يخصف نعله، ويكنس بيته، ويلاسن الأطفال، ويوصي بالنساء، ويؤكد على الرحمة للأشياء حيوانات لا تنطق، ويحض على العمل ليكون منهج العبادة والحياة (وقل اعملوا...)، إننا نتحدث عن مولد جديد لأمة جديدة بمواصفات جديدة، يكتمل فيها منهج الأنبياء وتحترم رسالاتهم، بإعادة الاعتبار لإنسانية الإنسان، إنه انقلاب قادته أمة العرب–واحتوت فيه الشعوب من غيرها لتصبح أمة الاسلام معترفين بالفضل لأمة العرب، إن ساحات المواجهة اليوم قد أخذت مناحي أكثر قوة وفاعلية، وامتلكت أمم أخرى ناحية العلم، وميادين الحضارة والغلبة، وهناك محاولات لإقصاء هذا الدين بيد بعض من انتسبوا اليه، وبيد أعدائه، تبدأ من تشويه معالمه في الرحمة والإنسانية وتربيته للفرد والأسرة والمجتمع وتخليق قوانين الحياة به، إلى العداء الصريح لفظاً وفعلاً، ومواجهة ذلك لا يتحقق بالشحن العاطفي والوعظ الإرشادي، وتحقيق أشكال من الطقوس أو اللباس، أقول لن تتحقق عملية التمكين إلا بالنهضة الحضارية ذات الأبعاد المعنوية والمادية، نحن لسنا في عداء مع شعوب الأرض، نحن أمة هداية، ندعو لهم ونعمل معهم لإسعاد الإنسانية، ولا ندعو عليهم ونتمنى زوالهم وإن بناء مستقبل فكري وتصحيحه وتعميق منهجه أفضل من حشد ألوف من الأتباع يسمعون فقط وعند التنفيذ لا يستطيعون.
ما بين ( وعلم آدم الأسماء كلها...) ( وإقرأ باسم ربك الذي خلق ) تختصر مسيرة الإنسانية بالعلم، بصوره المختلفة ومنها الدين الذي هو نور الهي وعلم ومسيرة للبشرية واختيار الاهي وليس انحيازاً بشرياً.
يا رسول االله اعذرنا على تقصيرنا في حقك، وعزاؤنا انك بنا رؤوف رحيم وسلام عليك وصلوات من االله في يوم ميلادك، ميلاد الإنسانية الحقة بوجهها الصافي الذي سجدت له الملائكة سجود تشريف وتكريم ليعلن في الملأ الأعلى بداية استخلاف الإنسان في الأرض وعمارتها، ونحن ننظر إلى الأعلى عقلاً ويداً ونفساً.
drfaiez@hotmail.com