Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Dec-2019

اصرف ما بالجيب*د. هزاع عبد العزيز المجالي

 الراي

لقد تابعنا جميعا باهتمام توجهات الحكومة المتعلقة بإطلاق حزمة من الإجراءات الرامية لتنشيط الاقتصاد الأردني, وتحفيز الاستثمار وتحسين جودة الخدمات، وكذلك العديد من الإجراءات المتعلقة بالإصلاح الإداري والمالي، التي سوف تنعكس بشكل واضح على تحسن مستوى معيشة المواطنين. والأهم أن الحكومة أعلنت أنها لن تقوم بزيادة الضرائب، بل أن هناك نية لتخفيض الضريبة على بعض السلع الأساسية, رغم أن وزير المالية الجديد محمد العسعس تحدث بصراحة عن الإيرادات في موازنة 2020، التي سوف تبلغ نحو(8، 561) مليار دينارمقابل نفقات تبلغ (9، 808) مليار دينار بنسبة عجز تبلغ قيمتها (756) مليون دينار.
 
لقد أثارت هذه الموازنة جدلاً كبيراً في اوساط الشارع الأردني وبين أوساط المثقفين و المحللين و الخبراء والمختصين في الشأن الإقتصادي. وقد كانت أغلبها مليئة بالتخوفات والتساؤلات والاستفسارات والملاحظات، وإن كان هناك شبه تفاؤل مصحوب بالحذر حول تلك الموازنة. وأنا هنا لست بصدد مناقشة الأسرار أو الأسباب وما هي الدوافع السياسية أو الاقتصادية التي جعلت الحكومة تبني هذا الشكل الجديد في إعداد الموازنة التي اعلنت فيها الحكومة صراحة أن أجراءاتها سوف تسبب عجزاً في موازنة 2020، وهنا لن أفترض حسن أو سوء النية، وإن كانت مقولة (الغاية تبرر الوسيلة) هي الأقرب لوصف ما تقوم به الحكومة في هذه الموازنة.
 
إن ما يلفت الانتباه في هذه الموازنة أوجه الشبه العجيب بين الحكومة والمواطن الأردني البسيط في العقلية الاقتصادية، التي يدير بها موازنته، فكلاهما يعاني دائما من عجز دائم ما بين المداخيل والمواريد. فالمواطن الأردني غالبا ما تجد لديه التزامات ومصاريف تفوق دخله الشهري, ويلجأ إلى الاستدانة من البنوك ومن الغير لسد هذا العجز, فتتراكم عليه الديون حتى يصبح أسيرا لها، وغير قادرعلى تلبية إحتياجاته العائلية وتحقيق المستوى من المعيشة الذي اعتاد أبناؤه عليه، فيضغط باتجاه إعادة جدولة ديونه للحصول على مزيد من القروض, أو بيع أملاكه الشخصية إذا ما توفرت، ليستغلها في مزيد من الإنفاق بدلا من سداد الديون أو يلجأ الى اتباع سياسة التقشف وضبط الإنفاق,على حساب أفراد أسرته ويطالبهم بالعمل لمساعدته على توفير مسلتزمات المرحلة القادمة.
 
لست أدري هل الحكومة تعلم أن كافة آراء الخبراء الإقتصاديين ترجح إقبال العالم في المرحلة المقبلة على مزيد من الركود الاقتصادي؟ أم أنها قامت بهذه الخطوة غير الإعتيادية والجريئة على اعتبار أنها في نهايات عمرها الزمني, وعلى الحكومة القادمة تحمل التبعات المالية المترتبة عن هذا العجز الكبير في الموازنة، أم انها قامت بذلك (مجبر أخاك لا بطل) وتحت ضغط الشارع الداخلي؟ خوفا من انتقال عدوى الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة من مظاهرات ضد حكوماتها, بسبب الفقر والبطالة وغير ذلك. على كل حال مهما كانت الأسباب، يبدو أن الحكومة قد أعدت هذه الموازنة,ولسان حالها يقول (اصرف ما بالجيب يأتيك ما بالغيب).