Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Oct-2019

إسرائيل بلا صهيونية: «أربع قبائل» تشكل المجتمع الإسرائيلي*علي ابو حبلة

 الدستور-حين تأسست الدولة الإسرائيلية عام 1948، اعتقد بن جوريون، وهو اليهودي العلماني غير المبالي بالتعاليم الدينية، أن نجاح المشروع الإسرائيلي سيؤدي تدريجيًا إلى زوال اليهودية الأرثوذكسية، وبالتالي لم يمانع منح بعض المميزات لهذا المجتمع الصغير من المتزمتين اليهود أنذاك في مقابل اجتذابهم إلى إسرائيل في إطار جهوده لتوحيد كافة أطياف اليهود مهما كان الثمن.

تباعًا، أبرم بن جوريون اتفاقًا مع زعيم اليهود الأرثوذكس أنذاك، إسحاق مائر ليفين، تضمن السماح لأي فصيلة من المتدينين اليهود أن يشكلوا نظامهم التعليمي الخاص بهم على نفقة الدولة، واتباعهم للشريعة اليهودية وفق تفسيراتهم في شؤونهم الشخصية، والالتزام بكون «الشبات» أجازة رسمية (أي الجمعة والسبت،) بالإضافة إلى إعفاء أي رجل اختار تكريس وقته لدراسة التوراة من الخدمة العسكرية.
لكن التطورات لم تسير وفق ما خطط لها بن غوريون وها هي اسرائيل تسير على طريق التفكك والانقسام القبلي والطائفي وهذا ما تحدث عنه صراحة  ريفلين في مؤتمر هرتسيليا 2015 وأشار  إلى الفجوة الهائلة بين هاتين «القبيلتين» كما سماهما.
وهذا ما عكسته دلالات الانتخابات الإسرائيلية الاخيره : هُوّة «القبائل» إلى اتّساع فالكتلة الحر يديه ثابتة تقريبا على مكانتها واستحقاقها الانتخابي من دون تغييرات.
 ثاني القبائل المفترضة إسرائيلياً هي الكتلة العربية، أي المُمثِّلة لفلسطينيي الـ48، والتي أعادت الانتخابات الأخيرة تأكيد تمايزها عن بقية حَمَلة الهوية الإسرائيلية، بما يفوق ما هو قائم لدى «الحريديم»، حيث التمايز هنا أشدّ وضوحاً وأكثر حدّة. يكاد تقريباً أن لا يجمع بين «القبيلة العربية» كما سمّاها ريفلين و«القبائل الثلاث الأخرى» سوى الوجود في حيّز جغرافي واحد (فلسطين المحتلة)، مع الاختلاف على كلّ شيء تقريباً. ويبدو أن نجاح تكتل أحزاب فلسطينيي 48 في الانتخابات يؤمّن لها تواصل تمايزها، علماً أن زيادة عدد ممثلي الفلسطينيين في «الكنيست» قد تُصعّب سياسة التفريق العنصري الُمؤسس  ضدهم.
الكتلة الثالثة هي الكتلة الدينية الصهيونية التي سمّاها ريفلين «قبيلة المتدينين القوميين». هذه أيضاً تمثيلها في «الكنيست» متوافق مع حجمها الفعلي، وإن جرى سحب جزء من مؤيّديها إلى الأحزاب اليمينية، وتحديداً حزب «الليكود»، نتيجة الدعاية الانتخابية التي أوهمتهم بأن «الليكود» أكثر قدرة على تحقيق الأهداف الصهيونية من أحزابهم هم، وتحديداً اللاتنازل عن احتلال الأرض الفلسطينية.
أما الشريحة الأكبر لدى اليهود الإسرائيليين، والتي سمّاها ريفلين القبيلة العلمانية، فقد أعادت الانتخابات الأخيرة تأكيد مكانتها وحضورها الواسع، وإن جرت التعمية على حقيقة قوتها على خلفية التفريق التقليدي بين اليمين والوسط واليسار. برامج القوى السياسية لكتلة العلمانيين، سواء وضعت نفسها يميناً كما هو حال حزب «الليكود»، أم وسطاً كما هو حال حزب «أزرق أبيض» وحزب «العمل»، أم يساراً (مع التحفظ) كما هو حال حزب «ميرتس»، هي برامج تكاد أن لا تحمل أي خلاف في ما بينها، وإن وُجدت اختلافات فستكون انعكاساً لإرث من الماضي. الخلاف الوحيد بين الأحزاب العلمانية هو شخص بنيامين نتنياهو نفسه، بعيداً من البرامج السياسية التي كانت قبل عقود معيار التفريق الرئيس بينها، وتحديداً الموقف من القضية الفلسطينية والعملية السياسية مع العرب والفلسطينيين. حالياً، ثمة توافق يجمع الأغلبية الساحقة من العلمانيين (يخفي نفسه وراء الخلاف حول نتنياهو)، وتحديداً على الموقف المُعادي لكتلة المتديّنين «الحريديم» وكتلة فلسطينيي 1948، وبقدر أقلّ كتلة المتدينين الصهاينة.