Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Jun-2019

أحذية في وجه العالم*د.باسم الطويسي

 الغد-المشهد في ساحة مقر المفوضية الاوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الاربعاء الماضي مختلف ومؤلم حد الحسرة، عشرات النشطاء من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان نشروا مئات الأحذية في ساحة مقر المفوضية الأوروبية، استنكارا واحتجاجا على معاناة الاطفال في الحرب التي يشهدها اليمن منذ اربع سنوات ولم تعد تلفت انتباه العالم رغم قسوة هذه الحرب وكارثيتها.

هذه الفعالية تأتي ضمن سلسلة من الانشطة الاحتجاجية على استمرار الحرب في اليمن، وعلى تراجع اهتمام العالم بها، والمطالبة بتحييد الأطفال عن النزاع المسلح، المؤلم اننا لم نشهد اي فعالية احتجاجية في اي عاصمة عربية تستنكر ما يجري لأطفال اليمن على مدى سنوات الحرب التي قتل فيها نحو 70 الفا ونحو 12 الف طفل يمني، إلى جانب مئات الآلاف تطحن بهم المجاعة والأمراض الفتاكة وسط نقص الغذاء والأدوية في آخر صراع في العالم يجند فيه الاطفال.
الامم المتحدة اعتبرت ما يجري في اليمن اليوم اسوأ كارثة بشرية راهنة يشهدها العالم المعاصر، وحسب العديد من المنظمات الدولية تحولت اليمن إلى اسوأ مكان للعيش أو للحياة في العالم، لم تكن الاوضاع في اليمن جيدة طوال عقود مضت لكنها لم تصل في يوم إلى هذه الظروف التي تخُجل ضمير البشرية الا منذ آذار من العام 2015 حينما نشب نزاع بين السلطة الجديدة وحلفائها والسلطة القديمة وحلفائها ادى إلى تدخل عسكري اقليمي ايراني – سعودي جعل من هذه الحرب واحدة من اقسى فصول الكوارث الانسانية. 
حصيلة أربع سنوات من الحرب في جميع أنحاء اليمن كارثية بكل المعاني، فأكثر من 2,700 طفل تجندوا للقتال في حرب مجرمة. في الليلة التي كان فيه زعماء العالم الاسلامي يجتمعون بجوار الحرم المكي في المدينة المقدسة الاولى للمسلمين، وفي ليلة القدر اكثر ليالي العام قدسية، كان هناك نحو 7 ملايين طفل يمني يخلدون للنوم وهم جياع، في الليلة ذاتها كان هناك اكثر من مليون طفل يمني يئنون من الجراح والمرض ولا يجدون العلاج، كان هناك نحو 1.5 مليون طفل يمني نازح في الخيم والعراء. 
وبالعودة إلى الحركة الاحتجاجية للمرصد الاوروبي المتوسطي، فإن ما يستدعي الاستفزاز هذا التجاهل العالمي لهذه الكارثة، وهو ما دفع هؤلاء الناشطين إلى رفع الاحذية في وجه العالم، هذا الصمت الوقح الذي يواجه به العالم كارثة اليمن، وهو الامر الذي يدفع إلى التساؤل عن الطريقة التي باتت تصنع اجندة الاخبار في الإعلام وكيف يتم ترتيب اولويات الرأي العام العالمي رغم كل ما يقال من خداع حول الحدود الشفافة والقرية العالمية الصغيرة.
العالم من حولنا يمارس الخيانة بحق اطفال اليمن، ويمارس الاختباء خلف الاخبار المزيفة والحروب الوهمية والوعيد والتهديد، العالم من حولنا مارس هذه الخيانة من قبل، لذا استحق ان ترفع في وجهه احذية بروكسل، اقسى ما حدث للعرب المعاصرين ان حركتهم الكبرى قبل نحو ثماني سنوات قادتهم إلى المزيد من الردة واليمينية والسلبية والخنوع والموت وإلى كوارث لا تعد بحجم ما يجري في اليمن، لذا لم لا يصدمنا كل هذا الصمت وهذا البرود في الردود التي قدمناها نحن على ما يجري لنا، فاذا كان العالم يستحق تلك الاحذية فترى ماذا نستحق نحن ؟!