Wednesday 8th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-May-2019

ردا على عصابة صفقة القرن*حسني عايش

 الغد-حقا، إنه شعب فريد لا مثيل له في العالم في صموده سوى توأمه الذي سآتي على ذكره في المقال، فمنذ أقدم العصور تعرض أسلافه للغزاة من وراء النهر، الذين قاموا بحرق مدنه وقراه وأهلهما وتدميرهم. ومع هذا صمد من بقي منه في وجه العدوان الأول وتصدى وقاوم إلى أن زال، كما يفيد كتابهم المقدس الذي يذكرهم مئات المرات. في نهاية ذلك الزمن تم تطهير وطنه منهم وتشتيتهم في الآفاق. حيث لاقوا النبذ والرفض والاحتقار والاضطهاد في أوروبا لأنهم اضطهدوا المسيح، الذي لم يكن لشعب فلسطين يد فيه. 

بمرور الوقت وتواتر الاضطهاد نشأت لهم هناك مسألة أو مشكلة ظلوا يبحثون لها عن حل. وأخيرا ظنوا أنهم وجدوه وأنه حيث تمت غزوتهم الأولى، اعتقادا منهم أنه ليس لأهله ذاكرة، أو أنهم سيرحبون بالغزاة هذه المرة، لأنهم أرقى وأقوى.
بدا لهم أن هذا الاعتقاد نجح بانتصارهم على الأشقاء سنة 1948، وعليهم ثانية سنة 1967. ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة للضحية التي ظلت تقاوم وتلاطم عينها مخرزهم، لدرجة أنهم رغم قوتهم الهائلة لا يشعرون أبدا بالاستقرار الوجودي.
مر أكثر من مائة عام على هذا الشعب الأصيل النبيل وهو يقاوم الغزاة. دون أن يكل أو يمل. وهو إذا هدأ للحظة يعود للتصدي للغزاة بشحنة أقوى. لم ينفع معه أي اتفاق أو عرض سالب لوطنه أو لجزء منه. 
حقا، إنه شعب فريد، فلا يعرف عن شعب غيره في التاريخ ظل يقاوم الغزاة لمائة سنة وأكثر، وهو مستمر في ذلك لنهاية الزمان، فهو شعب لا يلين، ذلك أنه وإن بدا أن إسرائيل تبلغ أوج قوتها ونفوذها الدولي، وتحظى بدعم أميركي مطلق وآخره صفقة القرن، وإن ذلك يكفي لاستسلامه إلا أن الجميع يفاجأون بانبعاث طائر الفينيق الفلسطيني من رقدته، محلقا في السماء، وخازقا لرؤوس “الجبابرة”. 
نعم، يبدو الشعب الفلسطيني في نظر المحللين قصيري النظر، أنه يخسر في كل مرة، لأن القرد يأكل جبنته، ولكن من قال إنه يستطيع أن يهضمها؟ إنها تتحول إلى حصوة في الكلى، أو إلى جلطة في الدماغ بنهوضه في كل مرة، وإمساكه بتلابيب العدو.
ولما كان الأمر كذلك، فستنتهي صفقة القرن وأصحابها كما انتهى غيرها، في مزبلة التاريخ. بل إن مصير هذه الصفقة أسوأ، لأنها صادرة عن عصابة عنصرية يهودية صهيونية إسرائيلية، فاشية، مارقة، كاذبة، سارقة، لا يثق بها العالم.
ثم يأتي متذاكون أو متظاهرون بالحكمة بأثر رجعي ليلوموا الشعب الصامد لأنه يضيع الفرص، وكأن المطلوب منه أن يغتنم الفرصة للتنازل عن وطنه. وكأن التنازل عنه غنيمة. يفكر هؤلاء المتذاكون هكذا لأنهم يوافقون عليه لو كانوا محله، ولذلك يضيقون على من هم منه في الشتات والمنافي التي يمنعه أحدها من العمل في أكثر من سبعين حرفة ومهنة، أو باتهامه مرة بتضييع وطنه أو ببيعه، وأخرى بتضييع الفرص. 
ومع هذا وعلى الرغم من الأوضاع المأساوية التي يعيشها هذا الشعب في ظل حراب الاغتصاب والشتات والمنافي، فإنه لا يكل ولا يمل من رفض أي حل أو تسوية لا تضمن له الحق والعدل والكرامة كاملة. 
ومثلما يتقرب الجبناء والعملاء والأنذال والمرتزقة في العالم إلى إسرائيل اليوم، وينافقون لها، أو يخشون نفوذها، وبخاصة في أميركا، سينقلب الوضع رأسا على عقب بعد التحرير الذي سيؤدي إلى تحرير أميركا والعالم تلقائيا من الصهيونية وإسرائيل. وسيتحرر ويفتخر كل شخص أو حزب أو جماعة بعد ذلك بعلاقته الإيجابية السابقة بفلسطين من مثل أن أمه كانت فلسطينية، أو كان جاره، أو صديقه، أو معلمه، أو أستاذه، أو شريكه فلسطينيا. 
في أثناء ذلك يجب أن لا ننسى أبدا أنه لا يوجد سوى شعب آخر طبق الأصل عن شعب فلسطين في الصمود والرفض والمقاومة، وهو ليس مجرد شعب شقيق كبقية الشعوب العربية، وإنما توأم له ومن الطين نفسه، وهو الشعب الأردني الذي يستجيب لكل صرخة أو أنّة منه، فلا يتأخر عن الدعم والمساعدة والمشاركة. فما أصدق هذا الشعب وما أجمله! 
قد يبدو هذا الرد على الصفقة عاطفيا، ولكن من قال إن العواطف لا تحرك الجبال، ولا تزلزل الدول والأركان. إن عاطفة فلسطين جينية فلا تضعف ولا تنطفئ ولا تموت بل تنتقل من جيل إلى آخر. إن ألاسكا هي الحل.