Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Aug-2017

ليبيا: هل يُحسَمُ الصراع لصالح.. «حفتر»؟ - محمد خروب
 
الراي - أن يُعلِن المشير خليفة حفتر ومن موسكو «إستئناف» القتال من أجل بسط سيطرة قواته على «كامل التراب الليبي».. يعني، ضمن امور أخرى، دفن اتفاق باريس ونقاطه العشر ودخول ليبيا مرحلة جديدة من الصراع بين الشرعية «العسكرية» وتلك «السياسية» (على حد وصفِ الرئيس الفرنسي ماكرون لكل من حفتر وفايز السراج، خلال محاولته «ماكرون» اختطاف الملف الليبي وحصره في يد فرنسا)، الأمر الذي اثار المزيد من المخاوف بشأن مستقبل العلاقة بين حكومة الوفاق الوطني المُعترَف بها دولياً على ما يتمسك به الذين يدعمون فايز السراج، والجنرال قائد «الجيش الوطني» ومُطلِق «عملية الكرامة» المستمرة ولكن بغير نجاح حاسم، الذي يواصِل زياراته في المنطقة وبعض العواصم الاوروبية، على نحو يبدو للمتابع بانه بات حصان الرهان المُفضّل لدى كثير منها، ليس فقط في انه حقّق انتصارات «ميدانية» لافتة وبخاصة في السيطرة (وإحكام قبضته) على الهلال النفطي، ثم «تحرير» جيوب المعارضة المسلّحة المتبقِية في معقله، بنغازي، بعد طول فشل في سحق هذه المجموعات ذات التوجهات الاسلاموية التكفيرية، ناهيك عن توغِّله في وسط وعمق بعض مناطق الجنوب، وتهديده مؤخراً باجتياح مدينة «دِرنة» التي تتوسط المسافة بين بنغازي وطبرق شرقاً، «دِرنة» التي تخضع لحصار مطبق من قبل قوات حفتر، وتشكّل «شوكة» في»حلق» الشرق الليبي الذي يكاد معظمه يخضع لسيطرة الجنرال.
 
واذا كانت موسكو على لسان رئيس دبلوماسيتها سيرغي لافروف، قد ابدت قدرا كبيرا من الحذر في دعم احد من طرفي الصراع (حفتر والسرّاج) وابقت على نوع من «الحياد» الايجابي تجاههما، (وإن وضُحَ انها تميل إلى ترجيح كفة المشير) عندما رحّب لافروف بلقاء باريس بين الرجلين، مؤكداً دعم بلاده للعملية السياسية في ليبيا وبما يضمن توحيد هياكل الدولة، في الوقت ذاته غمز فيه من محاولات ايطاليا التواجد عسكرياً بالقرب من ميناء طرابلس، بدعوته الوسطاء الدوليين الى «عدم اللجوء الى الحلول الجاهزة لتسوية الأزمة الليبية بدون اشراف من الأمم المتحدة»، فإن هجوم الجنرال حفتر على فايز السرّاج وقوله: إن السرّاج أخلّ بالكثير من الشروط المتّفق عليها، يكاد يأخذ الأوضاع في ليبيا إلى مزيد من المواجهات العسكرية والفوضى وارتفاع منسوب الاستقطاب الداخلي، وإتّساع الهوة بين الدول التي تؤيد حكومة «الوفاق» وتلك التي حسمت خيار توفير الدعم للجنرال حفتر، الذي يبدو أنه نجح في استنفاد «القوة» التي توفّر عليها السرّاج، بعد ان تم سحب «الشرعية» من حكومة عبدالله الثني لصالحه، وهي خطوة دعمتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وخصوصاً إيطاليا وألمانيا، رغم ان واشنطن ترمب لا تبدي اهتماماً يُذكر بالمسألة الليبية، وتترك معالجتها او الغوص في مستنقعها لباريس وروما، اللتين فشلتا حتى الآن (رغم اتفاق باريس الذي اشرف عليه ماكرون، واستدعاء البحرية الإيطالية التي تورّط بها السرّاج دون فائدة سياسية أو ميدانية.. تُذكَر) فشِلتا (كل على حدة بالطبع) في توفير خريطة طريق واحدة للصراع الليبي قابلة للتنفيذ ، وليس مجرد «افكار طوباوية» لا تأخذ الواقع الليبي في الاعتبار، كما هي حال النقاط العشر الباريسية، والتي تحدثت عن وقف اطلاق النار، وعن انتخابات رئاسية واخرى برلمانية في آذار القريب، يُدرِك الذين حدّدوا ذلك التاريخ (الاعتباطي وغير المدروس) انه مستحيل التطبيق، نظرا لعمق الهوّة التي تفصل بين مواقف الأطراف الليبية وخصوصاً تلك التي لا تنحاز إلى السرّاج أو حفتر، فضلاً عن استحالة توفير وضمان الامن والمتطلبات اللوجستية لخطوة «كبيرة» كهذه.
 
رهان المشير حفتر على القوة العسكرية التي يتوفر عليها لإخضاع المناطق الخارجة على نطاق سيطرة جيشه الوطني، ليس بالضرورة ان يكون رهانا صائبا، رغم ما قيل عن استعداد فرنسا ماكرون لتوفير المزيد من الاسلحة والعتاد والتدريب لقواته، ورغم شكوى الجنرال من حظر توريد السلاح للقوى المتحاربة في ليبيا كما قرّر مجلس الامن الدولي، وإن كانت باريس تستهدف من وراء دعم حفتر بالسلاح «مساعدته» في بسط سيطرته على مناطق الجنوب الليبي، للحدّ من وصول المهاجرين غير الشرعيين الى اوروبا، وهذا – ربما سيكون هو الهدف الوحيد من اهتمام الاوروبيين بليبيا، التي تركوها وشعبها لمصيرهما، بعد ان ضمنوا تدفق النفط وبعد ان اسقطوا «الدولة» الليبية، وتخلّصوا من معمر القذافي واسرته وأجهزته الإستخبارية الذين توفّروا على «اسرار» كبيرة، كفيل بعضها بجلب ساسة واكاديميين وجنرالات في دول أوروبية عديدة الى المحكمة وإيداعهم السجون.
 
فايز السرّاج في وضع لا يُحسد عليه، بعد ان فشلت مناورته في استجلاب البحرية الإيطالية إلى المياه الإقليمية الليبية، لتعديل ميزان القوى بينه والمشير حفتر، وانتقادات الاخير اللاذعة له والمحمولة على تهديد بنسف كل ما تم الاتفاق عليه والتي وصفها حفتر بأنها «انتهاك من قِبَل السراج لهذه الاتفاقات ومنها اتفاقية باريس الاخيرة»، يزيد من ضعف السرّاج، ويُغري حفتر بالمضي قدماً للتلويح بالقوة العسكرية، وخصوصاً انه إطمأن وربما ضَمِنَ دعماً اقليمياً ودولياً متزايداً، وضَعَ السراج وحكومة الوفاق الهزيلة التي يترأسها في دائرة الاتهام بانه يعتمد على «الميليشيات».. «وليس لديه جيش نظامي..مثلنا» على ما قال المشير في موسكو.
 
kharroub@jpf.com.jo