Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2018

هواجس خاصة وعامة ما قبل النوم!! - محمد كعوش

الراي -  بعد انتهاء نشرة أخبار منتصف الليل جافاني النوم وهجرني النعاس، اريد أن أنام كي لا أسمع المزيد من»الأخبار التي تعصر العلقم في القلب»حسب قول الشاعر الراحل محمود درويش الذي كره وحدة الليل ووحشته.

درويش هو الذي أعطى النوم حقه، وكتب عنه النص الأجمل :» النوم سلطان، عندما تنام انت سيد نفسك وسلطانها.. النوم بهجة النسيان». أعتقد أن الشاعر اصاب كبد الحقيقة، لأنك عندما تنام تتخلص من كوابيس النهار، فلا تفكّر بمشكلة الضريبة، وايجار البيت وفواتير الماء والكهرباء والهاتف، ولا قسط المنزل أو السيارة، أو اقساط المدارس والجامعات،او تذبذب اسعار الأسهم في السوق المالي، انت حر، النوم هو استراحة المواطن المديون المهموم.
معاناتي في الكتابة هي عقدة البداية، لأنها مفتاح الفكرة والكلمات، ولكن عبارة الشاعر درويش استفزتني، هو القائل أن»اليقظة تجر العالم الى الحروب»، وهذا يعني أنه لو نام اشرار العالم أكثر لصارت الحروب أقل.
تذكرت كلمات الشاعر وانا اتابع اخبار قمة العشرين الكبار في عاصمة الارجنتين تحت شعار «من أجل تنمية منصفة مستدامة». هذا الشعار هو الذي يرفع منسوب المسخرة الدولية، لأن المجتمعين هم الذين يتحكمون باقتصاديات العالم، وهم سبب فقر الدول النامية، وهم يخوضون الحروب من أجل مصالح بلادهم، على حساب ثروات ودماء ومعاناة فقراء العالم.
العشرون الكبار اجتمعوا من أجل مصالحهم، لذلك عقدوا مؤتمرهم على وقع احتجاجات شعبية حملت صور تشي غيفارا الطبيب الارجنتيني الذي انحاز الى الفقراء، خصوصا أن بلاده تعاني من اوضاع اقتصادية صعبة، سببها السياسة الاقتصادية الدولية التي تفرضها واشنطن على العالم.
في الوقت ذاته اجتمع العشرون الكبار، وبينهم الرئيس الفرنسي ماكرون، على وقع اعمال الشغب والحرائق التي انتشرت في باريس من ساحة ديغول» قوس النصر»على امتداد شارع الشانزليزية الحيوي حتى ساحة الكونكورد، احتجاجا على الضرائب والوضع الاقتصادي والاجتماعي. لقد حجب الدخان الرؤية في عاصمة الاشعاع والنور والعطر، مع التذكير أن التاريخ الباريسي حافل بالانتفاضات الشعبية وحالات الفوضى والشغب منذ الثورة الفرنسية حتى اليوم.
معظم هذه الانتفاضات كانت تصل الى قصر الاليزيه، قرأت ان كلمة «اليزيه»تعني باليونانية القديمة»جنة البهجة». دخل هذا القصر منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى اليوم حوالي 62 من الأباطرة والرؤساء، ومعظمهم لم يكمل مدته بسبب الموت أو الاستقالة أو الاقالة، نتيجة انتفاضات شعبية عنيفة، وهو ما يقودنا الى التساؤل: هل يمكن احتواء حراك أصحاب»السترات الصفر»بحكمة وعقلانية اصلاحية، ام أن النار المشتعلة ستصل الى»بهجة « الرئيس ماكرون ليدفع هو وحكومته الثمن ؟
بعد هذا التساؤل شعرت بالنعاس، لذلك اختتم بعبارة محمود درويش المعبرة أكثر، حيث كتب :»النائمون سواسية على الرغم من اختلاف السرائر، ولكن اليقظة هي التي تفرّق بين النائمين، وتجرهم الى حروب ما قبل النوم وبعده، لو نام العالم أكثر لصارت الفوارق أقل»ولكن مصالح الدول الكبرى لا تنام ولا تترك الآخرين في نومهم.
m.yousefkawash@gmail.com