Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Oct-2017

فتح وحماس أمام .. ساعة الحقيقة - محمد خروب
 
الراي - اذا لم تحدُث مفاجأة في اللحظة الأخيرة (وما أكثر المفاجآت على الساحة الفلسطينية وخصوصاً بين حركتين احتكرتا المشهد الفلسطيني وارتهنتا مشروعه الوطني المُهدّد بالتصفية لمصالحهما الفصائلية) فإن وفداً من حكومة «الوفاق الوطني» (اقرأ فتح) برئاسة رامي الحمد الله سيصل غزة اليوم، يُفترَض ان تقوم حركة حماس بتسليمه مسؤولية القطاع، على نحو تبدو الأمور وكأن الإنقسام الذي استمر عشر سنوات لم يعد قائماً، وان المصالحة قد تمّت وستكون وسائل الاعلام وخصوصاً القنوات الفضائية حاضرة لبثّ حفل تبادل القُبل والاحتضان والابتسامات، التي لن يَضُّن بها ممثلو فتح وحماس، ما دامت قد باتت جزءاً (إجبارِياً) من خطة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، تمهيداً للسير قدماً وحثيثاً في مشروع دفع «صفقة القرن» إلى الأمام، دون ان يكون معروفاً وِفق أي تصوّر ستكون هذه الصفقة، وعمّا اذا كانت تتكئ على «حل الدولتين» الذي لم يعد قيد التداول، بعد ان استبعده ترمب ونتنياهو، ولم يعد «العرب» يشددون على اعتباره الممر «الوحيد» لأي تسوية, اللهمّ الا في التصريحات الخجولة التي تُصرف بسخاء لوسائل الاعلام, لكنها بغير رصيد في الغرف المغلقة، فضلاً عن سيل «الصدمات» التي يواصل فيها سفير واشنطن في تل أبيب توجيهها لكل من يعنيهم الامر في المنطقة بأن «المستوطنات لن تفكَّك وان الحل سيكون على قاعدة قرار مجلس الامن 242 وأن الأمر الواقع «الميداني» هو الذي سيحدّد أمن إسرائيل (وِفق القرار الأممي الذي نصّ على «حق» إسرائيل في حدود آمنة).
 
لا يغُرنّ أحد التصريح «الكاذب» الذي تنصّلت فيه الخارجية الأميركية من تصريح سفيرها في إسرائيل، وقالت إنه يُعبّر عن وجهة نظر شخصية. هذا ليس صحيحاً لأن السفير «أي سفير» لا يُطلق تصريحات ذات صفة شخصية أو يُعبّر عن رأي فردي ما دام يواصِل شغل وظيفته، وما أطلقه ديفيد فريدمان يندرج في اطار بالونات الاختبار لرصد ردود الفعل، كي تكون تصريحاته «فِعلاً» تأسيسياً ينسجم مع المواقف والسياسات التي اعلنها نتنياهو مراراً من على منصة الأمم المتحدة وخصوصاً في «يوبيل» الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية, بعد «تحريرها» في عدوان 5 حزيران وكان لافتاً أن الاحتفال تم في مستوطنات غوش عتصيون جنوب مدينة الخليل المحتلة.
 
بالعودة الى ملف «المصالحة» الذي لا يستطيع احد الرهان على فرص نجاحه من عدمها، بعد ان تم تعبيد الطريق الصعب والشائك اليها بسلسلة من الاشتراطات والتصريحات, التي تُخفي تهديدا (إن لم نقل نيّة مُبطّنة) باستمرار الانقسام، ومنها ما قاله رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية وكرره الرجل القوي في قطاع غزة يحيى السنوار, من ان حركته ملتزِمة بـ»التفاهمات» التي ابرمتها مع تيار «الإصلاح» في فتح, الذي يقوده النائب المفصول من الحركة محمد دحلان, وان هذه التفاهمات «قائمة وستستمِر» و»لن تجعلها موضوع تفاوض مع احد» على ما اكد السنوار بوضوح.
 
تفاهمات كهذه يعلم قادة حماس قبل غيرهم ان رئيس السلطة محمود عباس لن يقبلها، بل ربما تكون هذه هي صاعق تفجير كل ملف المصالحة الذي تقف حياله الحركتان مواقف حذِرة وربما رافضة, لولا الضغوط المصرية التي بدا ان احدا منهما غير قادر على قول «لا» لها, ما بالك ان المصالحة إن تمت وسارت وفق ما هو مُعلَن اعلامياً, سترتكزعلى اتفاق القاهرة الموقَّع عام 2011 (دون ذكر اي اتفاقات اخرى سابقة لاتفاق القاهرة العتيد ام لاحقة, كاتفاق مكة 2007 وصنعاء 2008 والدوحة 2012 ثم القاهرة «مرة اخرى» عام 2012 وتلك التي تم توقيعها بين اسماعيل هنية وعزام الاحمد في مخيم الشاطئ بغزة عام 2014)..
 
باتت تلك الاتفاقات من الماضي, والأولوية لاتفاق القاهرة لعام 2011 (وليس 2012) وتنفيذه مرتبط تماماً بما سيجري على الارض والكيفية التي سيتعاطى بها طرفا الانقسام بعد عملية «الاستلام والتسليم» التي ستكون شكلية ولا اهمية لها ,عندما تُفتَح الملفات الاخطر والاكثر جدلية مثل سلاح وتسليح الجناح العسكري لحماس (كتائب القسّام) الذي تعتبره حماس امرا غير مطروح للنقاش لا سابقا ولا مستقبلا, وفق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى ابو مرزوق. اضافة بالطبع الى ملفات الامن داخل القطاع والمعابر وموظفي حماس السابقين, وهي كلها ملفات ملغومة يقف الطرفان منها بتحفّز واستعداد للمواجهة وربما التفجير.
 
ما سيُطرَح في المؤتمرات الصحفية وردود الحمد الله وهنية على اسئلة الصحافيين, لن تعدو كونها تصريحات وردِية ومفرطة في التفاؤل الذي يغازِل الجمهور الغزّي المنهَك والمحاصَر, اما على ارض الواقع فان الهوّة بين الطرفين واسعة وعميقة, وضغوط العواصم الاقليمية لن تفلِح في اضفاء ما تركه الانقسام من «ندوب» وعداوات وتمترس في الخنادق المتقابلة, ما بالك اذا ما جرت الإضاءة على مستقبل المفاوضات مع اسرائيل والتنسيق الأمني ووثيقة حماس الجديدة وتحالفاتها المستجدة وملف الاسرى وخصوصا الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني, التي ستُعِد لها حكومة «الوحدة الوطنية» التي ستنشأ بعد طيّ صفحة الإنقسام (إن طُوِيَت)؟..
 
كلاهما.. فتح وحماس أمام ساعة الحقيقة, ونحسب انهما غير جادتين في المصالحة وإنهاء الإنقسام, بل هما تناوِران وتشتريان الوقت كي لا تُغضبا العواصم الاقليمية, اما المشروع الوطني الفلسطيني فسيبقى رهن تنافسهما على «كعكة» السلطة المسمومة وعمق خلافاتهما وتضارب تحالفاتهما الإقليمية وتعهداتِهما...»السِرّية».
 
kharroub@jpf.com.jo